اضطرت للنزوح دون إقامة العزاء.. عائلة من كوباني فقدت طفلتها بقصف تركي

كوباني – نورث برس

لم تكمل عائشة إسماعيل إعداد الطعام لأفراد عائلتها في الثامن من شباط/ فبراير الجاري، لأنها استيقظت فوجدت نفسها في المشفى بعد فقدانها الوعي، إثر قصف تعرض له منزلها بريف كوباني شمالي سوريا.

وفي الثامن من شباط/ فبراير الجاري، أصيبت “إسماعيل” وثمانية أطفال في قرية آشمة جنوب غربي كوباني، جراء قصف بالطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة على القرية من قبل تركيا والفصائل الموالية لها.

قبل القصف

تقول عائشة إسماعيل (28 عاماً) لنورث برس، إنها كانت تعد الطعام داخل منزلها ذلك اليوم فسمعت صوت انفجار، وخرجت لتصعد إلى سطح المنزل لترى ما يحدث، فرأت كيف تنهال القذائف على القرية، ثم نزلت إلى الأسفل وتجمعت مع أفراد أسرتها أمام غرفة الضيوف.

وتضيف أن قذيفة سقطت بينهم فجأة وأنها رأت نفسها ملقاة على الأرض فيما يحاول أفراد من أهل زوجها إيقاظها، وعندما فتحت عينيها رأت طفلتها جيلان مصابة وكذلك طفلها عبدالله مصاب بيديه.

وتشير إلى أنهم سمعوا صوت الطائرة قبل القصف ثم سقطت قذيفة بينهم، وعندما حاولوا إسعاف المصابين ونقلهم إلى السيارة سقطت قذيفة أخرى على منزلهم، فتم إخراج كل أفراد العائلة من المنزل وأسعفوا إلى مشافي مدينة كوباني.

فيما يقول صالح إسماعيل حمو (61 عاماً) وهو جد الطفلة جيلان، إنه كان يعمل بين أشجاره في قرية “آشمة”، في ذلك اليوم وعندما عاد إلى استراحة الغداء وبينما كان يجلس بين أبنائه وأحفاده الصغار، سمع صوت طائرة حربية جنوب القرية وصوت طائرة مسيرة فوق القرية، حيث اتجهت الطائرة المسيرة جنوباً ثم عادت وقصفتهم.

ويضيف أنه كان يشرب الشاي عندما قصفتهم الطائرة، حيث أصيب اثنان من أبنائه، وكذلك أصيبت زوجة ابنه بشظية في الرأس(عائشة)، وكان في حضنها طفليها.

فيما تقول الثلاثينية عائشة إبراهيم أن خمسة من أفراد عائلتها وأهل زوجها أصيبوا في القصف، حيث أصيبت هي بشظية في الرأس كما أصيب شقيق زوجها إبراهيم صالح حمو (16 عاماً)، وشقيقة زوجها هدى صالح حمو(17 عاماً)، مشيرة إلى أنها فقدت طفلتها جيلان حمو ذات العامين، كما أصيب طفلها عبدالله ( 4 أعوام) بقطع في الشريان الرئيسي في اليد، جراء القصف في ذلك اليوم، وما تزال شظية موجودة في رأسها.

وتضيف أنها لم تكن تعلم بفقدان طفلتها لحياتها وأنها كانت قد فقدت الوعي لتجد نفسها في مشفى الأمل بمدينة كوباني، وإن طفلها كان يبكي ويده مصابة، وعندما سألت عن طفلتها قالوا “إنها بخير”.

ثم قاموا حينها بتصوير رأسها ونقلها إلى مشافي الرقة، عندما كانت شظية قد استقرت برأسها، ولم يتمكنوا إجراء عملية لها حتى مدة شهرين، وبعدها سيقرر الأطباء إذا كانوا يستطيعون إجراء عملية لاستخراج الشظية من رأسها.

وتضيف “إسماعيل” أنه تم إجراء عملية جراحية لطفلها عبد الله  (أربع سنوات) في يديه، فيما كانت إصابة طفلتها جيلان (سنتين) بشظايا في البطن، والتي أخبرها الأطباء فيما بعد أن طفلتها فقدت حياتها، بعد إلحاحها في السؤال كل يوم، حيث كانت تظن أنها قد خرجت من المشفى بعد تحسن صحتها، حسب اعتقادها.

“ما ذنب الأطفال؟”

تقول عائشة إسماعيل إنهم لم يتمكنوا من إقامة خيمة العزاء لطفلتها لأنهم نزحوا من قريتهم بسبب استمرار القصف عليها حتى الآن.

وتتساءل أم الطفلة جيلان (عائشة) عن الذنب الذي ارتكبتها طفلتها الصغيرة حتى تقتل في القصف؟

ويذكر جدها صال حمو أن زوجة ابنه (عائشة) وطفلها عبدالله نقلا إلى مشافي الرقة، بينما كانت حفيدته (جيلان حمو) تتلقى العلاج في مشفى الأمل بكوباني حيث أصيبت بأربع وعشرين شظية في جسدها، وأجروا لها عملية جراحية ناجحة، ولكنها تعرضت لنزيف وفقدت حياتها، على حد قوله.

ويتوقع حمو أن القذيفة الأولى التي ضربتهم هي قذيفة طائرة مسيرة كانت موجودة في الجهة الشمالية من القرية، لافتاً إلى أن “الطائرة تعلم عبر الكاميرا أنها استهدفت الأطفال والنساء”.

ويضيف أن الطائرة ضربت الجامع أيضاً في جنوب القرية، حيث لم يكن فيها أحد، ثم ضربتهم، وبعدها سقطت نحو 30 قذيفة مدفعية في القرية، بعضها سقطت أمام منزلهم بين الأشجار ولم تنفجر بعد.

ويذكر حمو أن القذائف أصابت أيضاً أربعة أطفال كانوا يرعون الأغنام بجانب القرية، وكذلك أصابت القذائف الأغنام ونفقت بعضها.

ويتساءل حمو عن ذنب هؤلاء الأطفال الصغار، فالقذائف قتلت حفيدته وهي طفلة بعمر (عامين)، وكذلك تسببت بقطع في العصب الرئيسي في يدي حفيده (أربع أعوام)، كما أن أحد الأطفال الذين كانوا يرعون الأغنام فقد ساقيه، وهناك شظايا في أجسام الأطفال وما زالوا يتلقون العلاج.

ويقول إن القرية التي كان يقطنها نحو140 عائلة (منزل) لم يبق من سكانها سوى بضع عائلات، بسبب القصف، فالكل نزح من القرية، وانتشروا وتوزعوا في القرى المحيطة والمدينة.

ويذكر حمو أن القرية مازالت تتعرض للقصف بحسب متابعتهم، فمنزلهم تعرض للقصف مرة أخرى بعد خروجهم من القرية.

ويشير إلى أن عائلته تقيم حالياً في حي “كانيا كردان” بمدينة كوباني، وأنهم لم يتمكنوا من إقامة خيمة عزاء لحفيدته، لأن التعزية يجب أن تقام في القرية والقرية مازالت تتعرض للقصف.

وينوه بأن القرى التي تقع جنوب قريتهم تعرضت للقصف أيضاً، منها القرى التي يسكنها المكون العربي، لافتاً إلى أن القصف طال قرى “خروص، تورمان، وقرية كون عفتار التي فقد فيها طفلين حياتهما، وخلومر، جمك، خليلجك، وبوغاز، وخرازة، وخراب عطو” وقرى أخرى، وكلها تستهدف بشكل يومي من قبل طائرات حربية، على حد قوله.   

ويناشد الجد (صالح حمو) الدول ذات العلاقة بإيقاف هذه مطالباً المنظمات الدولية والحقوقية بحماية حقوق الإنسان، وتحقيق العدالة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، فقد معلم وأحد عشر طالباً، حياتهم في كوباني جراء قصف القوات التركية والفصائل الموالية لها.

وتتعرض القرى والبلدات في ريف كوباني الغربي والجنوبي لقصف مدفعي عشوائي من قبل الفصائل، إضافة إلى قصف بالطائرات المسيرة يستهدف القرى القريبة من جسر قره قوزاق وسد تشرين بشكل يومي.

تحرير: خلف معو