“البسطات” تغزو شوارع دمشق وسط حالات تسمم وغياب الرقابة

نورمان العباس – دمشق

تنتشر “البسطات” في كل زاوية بالعاصمة السورية دمشق، وتعج أصوات الباعة الجوالين في معظم المناطق الشعبية بدمشق، في ظاهرة جديدة تغزو الشوارع والطرقات وعدداً من الساحات العامة، حاملة ما لذ وطاب من الأغذية، ولكن ماذا عن مصدر هذه المنتجات وصلاحيتها.

وكانت البسطات شبه ممنوعة في دمشق إلا لبعض المقربين من أجهزة المخابرات في النظام المخلوع، والتي يضطر أصحابها لدفع إتاوات يومية للضباط في الجيش أو الأمن أو الشرطة لاستمرار عملهم في ظل عمليات الفساد التي كانت مستشرية في مؤسسات الدولة.

غياب الرقابة الصحية

تشير هبة العشا من سكان دمشق، لنورث برس، إلى غياب الرقابة صحية على المواد المباعة على البسطات.

وتضيف أن الخطورة ليست فقط أن الأهل من يشتري بل هناك أطفال، مشيرة إلى أهمية أن تراقب الوزارة البسطات “لأن هناك مواد منتهية الصلاحية”.

وتبيع البسطات كل أصناف المعلبات والغذائيات المستوردة والمحلية والمكسرات والموالح والأحذية والسجائر ومعسل النرجيلة ومعدات المطابخ والملابس الجديدة والبالة إلى جانب المأكولات والحلويات.

ويقول أحمد علي من سكان دمشق، لنورث برس، “قبل فترة تعرض ابني الذي يبلغ الخمس سنوات لحالة تسمم عندما تناول قطعة شوكولا قام بشرائها من إحدى البسطات، ودخل إلى مشفى الأطفال لتلقي العلاج”.

فيما يرى علي كريدي أحد سكان منطقة المزة في دمشق، أن مهمة الوزارة مراقبة الأسواق لأن المواطن يهتم بالأسعار الرخيصة أكثر من جودة المنتج وصلاحيته، وتحدث عن حالات تسمم حصلت مع أبناء جيرانه.

ومع انتشار حالات التسمم والإصابات المرتبطة بتناول “السودة المجمّدة” والمعلبات غير معروفة المنشأ، يزداد القلق فهل تكفي جهود الرقابة لضمان سلامة الأغذية، أم أن هناك حاجة ملحة لإجراءات أكثر فعالية لحماية صحة المواطنين؟

وتعتبر وزارة حماية المستهلك الجهة المسؤولة عن ضمان سلامة الأغذية وجودتها، إلا أن التحديات التي تواجهها، مثل تدفق المواد المهربة والعشوائية في عرض المنتجات، تعيق جهودها في حماية المستهلك.

إشكاليات المراقبة

يقول أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة لنورث برس، إن البلاد شهدت انفتاحاً على جميع حدود الدول بعد سقوط النظام، مما أدى إلى زيادة تدفق المواد المهربة.

ويضيف “حبزة” أن هناك تعطشاً لدى المواطنين لهذه المواد الغذائية، نظراً لضعف الدخل ورخص أسعارها، مشيراً إلى الانتشار الكثيف والعشوائي للبسطات التي تعرض مواد غذائية غير معروفة المنشأ.

ويبين أن جمعية حماية المستهلك تركز بشكل خاص على موضوع سلامة الغذاء، وخاصة اللحوم، معرباً عن قلقه من طريقة عرض هذه المواد على البسطات، حيث أنها غالباً ما تكون غير صالحة للاستهلاك ولا تُعرف مصادرها، على حد قوله.

ويشير إلى أنه “طالما أن هذه المواد مهربة، فلا يتم فحصها صحياً”، مبيناً أن هيئة المواصفات القياسية السورية مسؤولة عن الكشف عن المواد الغذائية، لكن معظم هذه المواد مهربة وغير نظامية، مما يصعب مهمة المراقبة، على حد وصفه.

ويقول مسؤول جمعية حماية المستهلك، إن “توزيع المواد المهربة أصبح كبيراً، مما يجعل من الصعب مراقبتها بسبب الحيز الجغرافي الواسع الذي تحتله، خاصة في ظل العدد المحدود من المراقبين في الشؤون الصحية التابعة لمحافظة دمشق أو جهاز التموين.”

ويشدد بأن جمعية حماية المستهلك تقوم برصد هذه الظواهر من خلال جولات ميدانية، معتبراً أن بيع المواد المضروبة يعد من المخالفات الجسيمة، خصوصاً فيما يتعلق باللحوم والسودة المجمدة والسمك.

ويشير إلى أن هناك عدداً من الشكاوى التي تلقتها الجمعية حول السودة المجمدة والسمك، مبيناً أنه تعرض بعض السكان للإصابة بجراثيم معوية.

وتباع المواد على البسطات بسعر أرخص التي تستورد من مناطق شمال غربي سوريا (إدلب وريف حلب الشمالي)، وهي بضائع مصنعة فيها أو مستوردة من تركيا.

وتعد كلفة الإنتاج في سوريا أعلى بسبب نقص خدمات البنية التحتية وبشكل أساسي الكهرباء والغاز، ما جعل استيراد البضاعة أرخص من تصنيعها وهو في حال استمراره يضر بالمنتج المحلي.

وبينما يطالب البعض بإزالة البسطات وتنظيف الشوارع وإفراغ الأرصفة،

يعتقد البعض الآخر أن المرحلة الحالية هي مؤقتة وينبغي تنظيم عمل البسطات وإعطاؤهم أماكن مخصصة مع تشديد الرقابة الصحية عليها.

تحرير: خلف معو