القامشلي – نورث برس
علّق محلّلون اقتصاديون على التقرير الصادر من المصرف المركزي السوري حول حجم التضخم العام في سورية للعام الماضي، وقالوا إن التقرير “غير دقيق”.
ووفقاً للتقرير الصادر من المصرف السوري المركزي فإن معدّل التضخم خلال العام 2024 بلغ 57% وهو أعلى من معدّل التضخم العام في لبنان البالغ 45.5% وأدنى من معدّل التضخم العام في تركيا البالغ 58.6% للفترة ذاتها.
تقرير يثير تساؤلات
وحول التقرير الصادر عن المصرف المركزي السوري، قال محمد الحفيد، وهو خبير اقتصادي، لنورث برس، إن “ما ورد في التقرير يُثير التساؤل هل تستطيع الدولة الاستمرار في ذلك واستدامة الإنخفاض؟”.
ويضيف: “برأيي لا يمكن هذا لأنّ أسباب هذا الإنخفاض مرتبط بإجراءات قصيرة الأجل مثل ضخ مساعدات خارجية وتحويلات مالية مؤقتة بدلاً من الإجراءات طويلة الأجل مثل الإصلاحات الهيكلية العميقة”.
وذكر تقرير المصرف المركزي السوري إنّ “معدّل التضخم الشهري لشهر كانون الثاني/ديسمبر الماضي، ولأوّل مرّة، بلغ معدّلاً سالباً بلغ -13.8%، وهو أدنى بكثير من المعدّل 0.1% لشهر نوفمبر الماضي”.
وبين القترير أن “ذلك يفسّر بالتراجع الملحوظ في الأسعار بعد التحرير، نتيجة التراجع الكبير في الضغوط التضخمية في ضوء الزيادة الكبيرة في العرض من السلع والمواد والتحسن في سعر الصرف” بحسب ما ورد في التقرير.
مؤشّر غير اعتيادي
ويُشير محمد الحفيد إلى أنه بالنسبة للتضخم الشهري السلبي فإنّه مؤشر غير اعتيادي وبالأخص في سوريا التي تعاني من أزمات اقتصادية مزمنة.
ووفقاً للخبير الاقتصادي فإن “أسباب هذا المؤشر هو تحرير سعر الصرف وزيادة في الواردات ولكن من جهة أخرى إنذار بمخاطر الإنكماش وتراجع النشاط الاقتصادي بسبب إنخفاض الدخل الحقيقي والقدرة الشرائية لغياب الرقابة الدولية المستقلة لأنّ هناك متغيّرات وعوامل تؤثّر على نتائج التقرير مثل تغيّر طريقة ومنهجية القياس وتأثير المساعدات الدولية والخارجية المؤقتة”.
ويرى أنّ “الاستقرار الاقتصادي يحتاج إلى إتباع سياسات طويلة الأمد والتي تعالج أسباب الأزمة الاقتصادي ة السورية”.
ويذكر ان من هذه السياسات “تشجيع وتعزيز الإنتاج المحلي وبناء وإعمار البنية التحتية بالإضافة لضبط سعر الصرف وتحسين الإدارة المالية والفساد المالي والفساد الإداري”.
ويضيف الحفيد: “يتطلب ذلك مراقبة دقيقة لتجنب الدخول في حالة كساد أو إنهيار في الاقتصاد لأنّ التعافي الاقتصادي هش ومعرّض للأزمات والإنتكاس عند تعرّض الدولة لأي صدمة سياسية سواءً كانت خارجية أو داخلية”.
أرقام غير دقيقة
يقول أحمد ياسين، وهو خبير اقتصادي سوري، أن الأرقام الصادرة عن البنك المركزي السوري “غير دقيقة وغير صحيحة لأن الاقتصاد السوري خسر مقوّماته الأساسية ومعالمه الأساسية”.
ويضيف ياسين المقيم في لندن، لنورث برس: “خسر الاقتصاد السوري معالمه ومقوّماته الأساسية من خلال جملة العقوبات الاقتصادي ة التي تم فرضها من قبل تكتلات اقتصادية عالمية رئيسية لا يمكن تجاهلها”.
ويبين: “فسوريا خرجت من النظام المالي العالمي من خلال هذه العقوبات وهذا بالتأكيد يؤثر تأثيراً كبيراً جداً على السلة الغذائية السورية وعلى إمكانية البنك المركزي السوري أو أي مؤسسة مالية أخرى لتحديد أو التعريف بالمستويات الضخمة”.
ويشير إلى أن “الأرقام الصادرة عن البنك المركزي السوري غير دقيقة ولا يمكن لأي مؤسسة مالية أن تصدر أرقام اقتصادية واقعية وصحيحة عن مجريات الاقتصاد السوري في هذا الوضع الذي مازال حساساً جداً”.
ويذكر ياسين أنّ تعافي الاقتصاد السوري يكمن في أمور أساسية وهي: “رفع هذه العقوبات بشكل فوري حتى يبدأ الاقتصاد السوري باستعادة عافيته ونشاطه الطبيعي”.