تحذيرات وأهداف محتملة.. هل يعود تنظيم “داعش” إلى سابق عهده في سوريا؟

أحمد عثمان – الرقة

زادت تحركات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سوريا، بالتزامن مع عمليات عسكرية واعتقالات طالت قياديين فيه، وسط تحذيرات من استغلال التنظيم للوضع الراهن في سوريا، وإعادة تنظيم صفوفه.

وأول أمس الاثنين، قال قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي، إن تنظيم “داعش” يستغل الفراغ الأمني الذي خلفه النظام السوري في البادية السورية لتخزين أسلحة وإنشاء مواقع استراتيجية ومهاجمة المدن.

وأضاف عبدي خلال حديثٍ أجراه مع صحيفة “ذا تايمز” البريطانية، أنه “هناك فراغ أمني في البادية السورية، وقد تمكن داعش من تأمين مواقع والحصول على أسلحة في البادية”.

تحذيرات عبدي جاءت بعد يوم واحد، من استهداف القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم” لمسؤول مالي ولوجستي كبير في منظمة “حراس الدين الإرهابية” المرتبطة بتنظيم القاعدة.

كما أنها أعقبت إعلان وزير الداخلية النمساوي، عن ارتباط مهاجم فيلاخ الذي تسبب بمقتل شاب وإصابة خمسة آخرين بتنظيم “داعش”.

وكذلك إعلان الاستخبارات السورية إلقائها القبض على القيادي العراقي في “داعش” أبو الحارث العراقي الذي اتهمته بالتخطيط للهجوم على مقام السيدة زينب.

وضع سياسي ملائم

يقول منير أديب، باحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، إن الوضع السياسي الحالي في سوريا يخلق حالة من عدم الاستقرار، رغم إسقاط نظام الأسد، وهذه الحالة وفق رأيه تعطي التنظيم حرية في التحرك.

ويشير إلى أن الخلاف مع قوات سوريا الديمقراطية يهيئ حالة التحرك لخلايا تنظيم “داعش”، كما أن الهجمات التركية تسهم في نشاطها إلى حد بعيد.

ويتوقع أديب أن يصعد “داعش” من هجماته وأن يسعى إلى تحرير أسراه وعوائله من مراكز الاحتجاز في شمال وشرقي سوريا، مشيراً إلى أن التنظيم قد يعود بقوة أكبر مما كان عليه في عام 2014 عندما أعلن خلافته.

ويتواجد في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا 26 سجناً، ويقدر أعداد السجناء فيها بنحو 12 ألف سجين من عناصر تنظيم “داعش” من جنسيات مختلفة.

ويقول الباحث المصري إن تلك السجون ستكون هدفاً لتنظيم “داعش”، كما أنه سيلجأ لمهاجمه منشآت حيوية كبيرة للإعلان عن عودته في داخل سوريا.

والأحد الفائت، قال قهرمان مراد، وهو قيادي في القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي “الأسايش” لنورث برس، إن “هناك تخوف من حالة عدم الاستقرار في مخيم الهول جنوبي الحسكة والذي يأوي عشرات الآلاف من عوائل تنظيم “داعش”.

“بندقية مأجورة”

بينما لا يعتقد الباحث السياسي، مصطفى النعيمي، بأن البيئة السورية مواتية لعودة ظهور التنظيم في سوريا “لكن الأمر مرهون بالإرادة الدولية بتفعيل البندقية المأجورة، داعش”.

ويضيف لنورث برس أن “هنالك ملف أشبه ما يكون بأزمة وكرت استخدام عند الضرورة، وربما قد يتم استثماره في هذه المرحلة لمهاجمة سجون تنظيم الدولة المنتشرة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية”.

وقال، محمود حبيب، القيادي في قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، الاثنين الفائت، لنورث برس، إنهم نفذوا 75 عملية ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، بالتنسيق والتعاون مع التحالف الدولي، منذ كانون الأول/ديسمبر الفائت.

والسبت الفائت، قالت “قسد”، أمس السبت، إنها فككت خلية لتنظيم “داعش” بدير الزور، شرقي سوريا. وتمكنت من إلقاء القبض على متزعم الخلية “عبد الرحمن العزيز”، وإرهابيين آخرين هما “طلال العلي ونصار العزيز”.

ويستبعد النعيمي عودة التنظيم ما لم يكن هنالك تدخلاً إيرانياً في المنطقة العربية عموماً، وفي سوريا بشكل خاص.

ويضيف أنه “من الممكن أن تقوم إيران بإدخال بعض العناصر الذين يتواجدون على أراضيها، ودفعهم عبر الحدود العراقية ومنها إلى الحدود السورية وتحديداً باتجاه محافظتي دير الزور والحسكة، ومن ثم من الممكن أن ينتشروا”.

لكن هذا الوجود يحتاج إلى تسليح وتدريب وإشراف، وهنالك بعض المؤشرات بالنسبة للإرهاب المتمثل بالمشروع الإيراني كميليشيات ولائية، لكن هل من الممكن أن تتخادم الميليشيات الولائية مع “داعش”. هنا السؤال الأبرز وفق ما يعبّر النعيمي.

وفي الوقت ذاته، يعتقد الباحث السياسي أن يهاجم التنظيم الخواصر الرخوة المتمثلة بمناطق دير الزور والحسكة والرقة، تحت ذريعة عمليات مختلفة سيقوم بها ضمن نطاق تكتيكات “الذئاب المنفردة”، وتحت بند فك الحصار عن هذه السجون.

وربما تدعم إيران هذا التحرك على المستوى الاستخباراتي والأمني والعسكري، فبالتالي من الممكن أن يحصل هنالك اقتحام لتلك السجون وإخراج هؤلاء المساجين وإعادة تشكيل البندقية المأجورة، وفقاً لوصفي النعيمي.

ويقول إن طائرات الاستطلاع الأميركية ترصد على مدار الساعة بنك من الأهداف الثابتة والمتحركة على ضفتي الحدود السورية العراقية.

ويضيف أن أبرز تلك المؤشرات التي تعزز تلك الفكرة؛ تحليق طائرتين من طراز “إف 18” على كامل الحدود السورية العراقية ذهاباً وإياباً، والعودة إلى مدارجها في البوارج الأميركية في الخليج العربي، فتلك الرسالة التهديدية عبر الأداة العسكرية المذخرة، تعتبر من أعلى مستويات التهديد الأميركي لأي متغير مرتبط بمشروع إيران لعودتها مجدداً واستثمارها للإرهاب في الجغرافية السورية.

تحرير: عكيد مشمش