“دير الزور الجديدة”.. مبادرة تطوعية شبابية لإعادة الإعمار

عمر عبد الرحمن – دير الزور

تعتبر دير الزور واحدة من أكثر المناطق تضررًا من النزاع في سوريا، حيث خلفت سنوات من الحرب دمارًا هائلًا في البنية التحتية والمنازل.

وسط كل هذا الدمار اجتمعت مجموعة من الشابات والشباب لتشكيل مبادرة “دير الزور الجديدة” لإعادة إعمار جزء من مدينتهم.

هدف المبادرة

تهدف هذه المبادرة إلى إعادة تأهيل المنازل المدمرة وزراعة المساحات الخضراء وتوفير فرص العمل، بحسب القائمين على المبادرة.

ويقول علي الجاسم، أحد مشرفي مبادرة “دير الزور الجديدة” لنورث برس، “كاستجابة مباشرة للتحديات التي تواجه مجتمعنا، أطلقنا هذه المبادرة التي تضم العشرات من الشباب والشابات”.

ويضيف أن هذه المبادرة ليست مجرد مشروع لإعادة الإعمار، بل هي رؤية شاملة تهدف لتحسين جودة الحياة في المدينة بعد تحريرها.

ويشير “الجاسم” إلى أنهم يعملون على إعادة تأهيل المنازل وترميمها باستخدام المواد المتاحة محليًا، مما يقلل الاعتماد على المساعدات الخارجية.

ويتابع: “كما نهدف إلى زراعة المساحات الخضراء وإنشاء حدائق عامة لتحسين البيئة وتعزيز الصحة النفسية للسكان”.

كما يهدف أصحاب المبادرة إلى توفير فرص العمل من خلال تدريب الشباب على مهارات جديدة تساهم في خلق فرص عمل مستدامة، مما يساعد على تعزيز الاقتصاد المحلي.

التحديات والجهود

يقول مشرف المبادرة علي الجاسم، إنه “بالرغم من النجاح الذي حققته المبادرة خلال أيام قليلة، إلا أن المشاركين يواجهون العديد من التحديات، من أهمها نقص التمويل”.

ويضيف أنه يعتمد مشروعهم بشكل كبير على تبرعات محلية ومساهمات فردية، مما يحد من قدرتهم على تنفيذ مشاريع أكبر.

بالإضافة إلى ذلك، يشير “الجاسم” إلى انه يواجه الشباب صعوبة في الحصول على الدعم الرسمي من الحكومة المحلية، مما يعيق تقدمهم.

فيما ينوه بأن التحدي الأبرز هو الظروف الأمنية؛ فلا تزال الأوضاع الأمنية غير مستقرة تمامًا في بعض المناطق، مما يزيد من صعوبة تنفيذ بعض المشاريع.

ورغم كل تلك التحديات، يقول مشرف المبادرة إنهم حققوا قصص نجاح من خلال المبادرة، فقد قاموا بإعادة تأهيل مدرسة محلية كانت قد تضررت بشكل كبير خلال النزاع.

كما تم إعادة بناء المدرسة وتأثيثها، مما أتاح للأطفال العودة للدراسة في بيئة آمنة ومشجعة وذلك بفضل جهود الشباب والشابات في مبادرة “دير الزور الجديدة”.

بالإضافة إلى ذلك، قاموا بزراعة حديقة عامة في وسط المدينة لتصبح مكانًا يجتمع فيه الأهالي والأطفال للعب والاستمتاع بالطبيعة.

جزء من الحل

فيما يقول أحمد المحمد، شاب في الثلاثين من عمره ومن أبناء دير الزور، وهو أحد المشاركين في المبادرة لنورث برس، “لقد عانينا كثيرًا خلال السنوات الماضية، لكننا قررنا ألا نكون ضحايا فقط”.

ويضيف “نحن نريد أن نكون جزءًا من الحل من خلال هذه المبادرة ومبادرات أخرى نستطيع من خلالها إعادة بناء مجتمعنا وتحقيق أحلامنا”.

ويشير بالقول إن “ما يجعلني أشعر بالأمل رؤية الأطفال يضحكون في المدرسة التي قمنا بإعادة تأهيلها؛ فهو أفضل شعور يمكن أن نشعر به.”

بينما تقول فاطمة الحسن، ناشطة حقوقية من دير الزور لنورث برس، “إن المبادرات الشبابية والنسائية في دير الزور تمثل نموذجًا يحتذى به”.

وتضيف أنهم لا ينتظرون المساعدة الخارجية بل يعملون بجد لإعادة بناء مجتمعهم. ومع ذلك، يجب أن نحذر من التحديات التي تواجههم؛ إذا لم يتم توفير الدعم الكافي لهم، فإن جهودهم قد تذهب سدى.

وتشير إلى الحاجة لزيادة الوعي حول أهمية دعم هذه المبادرات وضرورة توفير التمويل والدعم اللازم لهم.

وتمثل مبادرة “دير الزور الجديدة” تجسيدًا لإرادة الشباب والنساء في إعادة بناء مجتمعهم بعد سنوات من المعاناة. ورغم التحديات الكبيرة التي تواجههم، فإن العزيمة والإصرار يدفعانهم للاستمرار في مسعاهم.

ويعد دعم هذه المبادرات جزءاً من الحل ويعد ضروريًا لبناء مستقبل أكثر استدامة وأمانًا لسكان دير الزور، وقصص النجاح التي حققوها تعكس قدرة الأفراد على إحداث تغيير إيجابي حتى في أصعب الظروف، مما يلهم الآخرين للانضمام إليهم في رحلتهم نحو إعادة الإعمار والتغيير.

تحرير: خلف معو