سريان بريف القامشلي يطالبون بضمان حقوقهم في دستور سوريا
نالين علي – قامشلي
يتجول “حنا” داخل كنيسة “محركان” بريف القامشلي الشرقي، وبينما يفتح أبوابها بيديه يستذكر بالحديث أن الكنيسة كانت تعج بالسريان سابقاً، “أما الآن لم يتبق بالقرية سوى 14 عائلة فقط بينما الآخرون هاجروا منها”.
ومطلع عام 2015، هاجم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” القرى المسيحية الواقعة على ضفتي نهر الخابور، في بلدة تل تمر شمال الحسكة، وسيطر على 33 قرية آشورية، وفجّر سبع كنائس في تلك القرى، أهمها كنيسة السيدة مريم العذراء في تل نصري، ما تسبب بهجرة السريان الآشوريين من قراهم خشية التعرض لإبادة كما في العهود القديمة.
الاضطهاد والقتل
يقول عزيز حنا من سكان قرية محركان شمال غرب بلدة تربسبيه بريف القامشلي، لنورث برس، إن المكون السرياني “تعرض للقتل والإبادة خلال السنوات والعقود الماضية”.
وارتكبت الدولة العثمانية عام 1915، مجازر السيفو أو ما يعرف بإبادة الأرمن والسريان، وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2021، تسبب قصف القوات التركية والفصائل الموالية لها على ريف تل تمر الشمالي والشرقي بإفراغ أربع قرى آشورية.
ويضيف “حنا” أنه “كان يوجد في القرية أكثر من 80 منزلاً للسريان، فيما الجميع هاجر من هنا نتيجة ما تعرض للقتل والابادة قبل سنوات طويلة”.
ويشير إلى أنه حتى وقت حكم نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد لم يحصل السريان على حقوقهم بشيء، مطالباً السلطات الجديدة في البلاد بحقوق المكون السرياني وحماية لغته وثقافة بشكل كامل.
ويشدد “حنا” أن مطلبهم الأول والأخير هو العيش بسلام وأمان وضمان حقوق جميع المكونات المتعايشة في سوريا.
ويعد السريان أبرز المكونات في شمال شرقي سوريا، ويدرسون بلغتهم الأم التي تعد لغة رسمية إلى جانب العربية والكردية في مناطق الإدارة الذاتية منذ عام 2015.

التمسك بالحقوق
على بعد أمتار قليلة من منزله، يعمل جورج في أرضه الزراعية بريف تربسبيه، التي ورثها من والديه، وبالرغم من أن اغلب سكان قريته هاجروا منها، إلا أنه لا يزال متمسكاً فيها حتى الآن.
ويقول جورج مالكي من سكان قرية محركان بريف القامشلي وهو سرياني الأصل، إنه “بعد سقوط نظام بشار الأسد لم نر أي شيء من الإدارة الجديدة للبلاد حتى هذه اللحظة”.
ويضيف لنورث برس، أن “مطالبنا نحن كمكون سرياني هو تثبيت حقوقنا كاللغة والثقافة وغيرها، قائلاً: “لغتنا هي لغة السيد المسيح ولا نقبل لأحد أن يمحي لغتنا وهويتنا”.
ويدعو “مالكي” بأن يكون للمكون السرياني أيضاً حق في كتابة الدستور وحتى استلام رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أنه يجب أن لا يكون هناك تفرقة بين مكونات المنطقة وبناء سوريا جديدة ضامنة لحقوق جميع مكوناتها.
من جانبه يقول خمري عيسى من سكان قرية كرشيران بريف تربسبيه، أن مطلبهم الأساسي هي لغتهم السريان داعيا ً إلى أن تدرس في الجامعات.
ويضيف “عيسى” لنورث برس، أن سوريا ليست للسريان فقط، وإنما فيها لوحة فسيفسائية تجمع العديد من المكونات مع بعضها بجميع الأديان والثقافات.
ويشير بالقول: “لم نتعود أن نفرق بين المكونات، نحن دائماً نقول هذا سوري، لذلك نريد إرسال رسالة نوضح فيها أن تكون سوريا موحدة وحدة وطنية تحقق آمال الشعب السوري أجمع.
كما يشدد أنه “لا يوجد هنا شيء اسمه أقليات، بل نحن جميعنا شعب واحد وبجميع فئاته نعيش في سوريا”.
اعتراف دستوري
بينما يقول يوسف حنا من سكان قرية كرشيران بريف القامشلي، “حقوقنا في حكم النظام السابق لم تكن ضائعة، كانت مقبولة نوعاً ما، لكن لم نكن نحصل على حقنا المطلوب كما كان يجب”.
ويضيف أن “مطلبي كمطلب أي إنسان حر يريد العيش ضمن هذا البلد ويتمتع بحقوقه ولغته وثقافته في الدستور.
ويدعو “حنا” الإدارة الجديدة في سوريا بتنظيم دستور وقوانين حسب الأنظمة الدولية “لتأمين حقوق جميع فئات الشعب كرداً وسرياناً وعرباً”.
ويطالب السريان الآشوريين في سوريا بالاعتراف الدستوري بالوجود والهوية القومية للسريان الآشوريين، وضمان حقوقهم القومية والسياسية والثقافية، والاعتراف بلغتهم، وتعزيز دور دورهم وضمان تمثيل حقيقي لقواه السياسية في العملية الانتقالية والمؤسسات المنبثقة عنها وصولاً إلى المرحلة الدائمة في سوريا.
وفي الثامن من كانون الثاني/يناير الفائت، أصدر كل من حزب الاتحاد السرياني والمنظمة الآثورية الديمقراطية، بياناً مشتركاً بخصوص التطورات في سوريا ورؤيتهم المشتركة للحل مع التأكيد على الأهداف والمطالب القومية والوطنية.
وقال الرئيس المشارك لحزب الاتحاد السرياني, سنحريب برصوم، في لقاء سابق لنورث برس، إنهم يطمحون إلى تحقيق سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية تعترف بحقوق جميع المكونات في البلاد.