الدولار المزور يغزو أسواق دمشق مع انتشار “بسطات” التصريف في الشوارع
نورمان العباس – دمشق
لم يكن يعلم عهد زعلان الشاب القادم من القامشلي، أنه سيقع ضحية لعمليات التزوير التي باتت تغزو شوارع دمشق.
بعد سقوط النظام في سوريا، تحرر السوريون من قيود التداول بعملة الدولار، التي كانت تُعتبر ممنوعة في عهد النظام السابق بشار الأسد.
غياب الرقابة والتنظيم
يقول “زعلان”، إنه تعرض لعملية تزوير عندما قام بتحويل 650 ألف ليرة سورية كانت بحوزته إلى 50 دولاراً مزوراً بقبضة أحد الصرافين المجهولين في الشارع.
بينما يعبّر مازن الزين، أحد سكان العاصمة، عن قلقه من الفوضى التي اجتاحت الشوارع، حيث أصبحت صرافات الشوارع تمتد “على مد النظر”.
وأصبح التعامل بالعملة الأجنبية اليوم تفترش شوارع دمشق، لتغير معالم المدينة وتعيد رسم واقعها الاقتصادي، فيما ظهرت تحديات في ظل غياب الرقابة والتنظيم.

ويقول رامز عربشة، أحد الصرافين على بسطة في دمشق، إن التزوير بلغ حداً مقلقاً، حيث تصدرت فئة 100 دولار على قائمة العملات الأكثر تزويراً.
ويشير إلى أن انتشار دولارات مزورة تطابق العملة الأصلية بنسبة عالية، في حين لم تصدر السلطات السورية الجديدة أي تعليق أو تتخذ أي خطوة لمعالجة هذه الظاهرة حتى الآن.
وتتمثل الصعوبة الرئيسية في أن هذه الدولارات المزورة بأنها تشبه الأصلية تماماً من حيث الملمس والعلامة المائية والشريط الثلاثي الأبعاد، إلا أن الفروق يكمن في أن العلامات المطبوعة على الورقة، مثل الشخصية في الدائرة البيضاء والشريط المخفي، تكون دقيقة لدرجة أنه لا يمكن اكتشافها إلا عن طريق تسليط الضوء خلف الورقة.
فوضى تتطلب الضبط
يرى الدكتور ياسر مشعل، عضو مجلس النقد والتسليف سابقاً، أنه من الطبيعي في أي فترة انتقالية، خصوصاً مع غياب عمليات الضبط والرقابة والأجهزة الأمنية، أن تنتشر الجريمة والفوضى.
ويشير إلى أن الدولار المزور ينتشر بكثرة في الدول التي تعاني من اختلالات أمنية، مثل سوريا والعراق وليبيا.
ويقول “مشعل” لنورث برس، إن الحل الوحيد برأيه لضبط الدولار المزور هو عودة المصارف للعمل، خاصةً في عمليات بيع وشراء القطع الأجنبي.
ويشدد على أن تتم عمليات الصرافة من خلال مؤسسات رسمية وليس عن طريق الشوارع أو شركات الصرافة غير المرخصة، حيث تمتلك المصارف المكنات التي تكشف الدولار المزور.
ويضيف “مشعل”، أن “هناك فرق بين الدولار المزور والدولار المجمد”، موضحاً أن الدولار المزور ورقة غير صادرة عن الولايات المتحدة الأميركية، وهي ورقة نقدية مطبوعة في مكان آخر، بينما الدولار المجمد هو دولار حقيقي استخدم لتمويل عمليات غير شرعية وتم تجميده من قبل الخزانة الأميركية.
ويشير إلى أن هناك أرقام تسلسلية معينة لهذه الأوراق تم إلغاء تداولها على المستوى العالمي.
ويوضح أن “ضبط الدولار المجمد أصعب بكثير من الدولار المزور، لأن الدولار المزور يمكن كشفه من خلال علامات معينة، بينما الدولار المجمد هو دولار حقيقي، خاصة أن الاتصال مع التحويلات العالمية والنظام الرقابي العالمي في سوريا غير موجود بسبب العقوبات”.
ويقول عضو مجلس النقد والتسليف سابقاً، إن “الدولار المجمد يباع في السوق وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بسعر أقل من الأسعار الرسمية للدولار”.
ويشدد على أهمية أن يتخذ البنك المركزي قرارات فورية بإلغاء تصريف الدولار في الشوارع وتفعيل قنوات رسمية للتداول، مثل البنوك، وبأوراق رسمية.