دلسوز يوسف – نورث برس
أمام باب منزل لجأ إليه قبل ست سنوات في ريف بلدة تل تمر شمال الحسكة، يتوق إبراهيم علو العودة مجدداً إلى دياره في مدينته سري كانيه (رأس العين) بعد سقوط نظام الأسد.
ويقطن الآلاف من نازحي مدينة سري كانيه في قرى ريف بلدة تل تمر التي تحولت إلى خط التماس مع القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها، عقب اجتياحهم للمنطقة أواخر عام 2019.
“لماذا لا يعودون؟”
يقول إبراهيم علو، لنورث برس، إن “أولئك الذين يحتلون بيوتنا كانوا يقولون بأن النظام هجرنا، لكن الآن لم يبق النظام لماذا لا يعودون إلى منازلهم، فأعيننا تترقب العودة لمنازلنا، بتنا نعد الثواني والأيام للعودة”.
ومع سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الفائت، يتأمل هؤلاء النازحين بالعودة مجدداً إلى ديارهم وخروج المسلحين منها، وذلك أسوة بجميع السوريين الذين عادوا إلى ديارهم في مناطق متفرقة من سوريا.
ويضيف “علو” الذي عمدت الفصائل إلى سرقة منزله وتوطين إحدى عوائلها فيها: “أصبح نحو ست سنوات نحن مهجرون، فأولئك سلبوا ونهبوا جميع ممتلكاتنا، فليأخذوا ما يشاؤون لكن يجب أن يخرجوا من منازلنا فمدينتنا تاريخها وجغرافيتها كردية، ولنا الحق بالعودة إليها”.
وفي ذات الشارع الذي يسكن فيه “علو” بقرية تل نصري 1 كم جنوبي بلدة تل تمر، يقول النازح فاضل إمام من سري كانيه، إن “سوريا حالياً في مرحلة جديدة بعد سقوط نظام الأسد”.
ويضيف: “أصبح لنا ست سنوات نازحين والذين يسكنون في بيوتنا هم من حماة وحمص وإدلب”، متسائلاً “هؤلاء لديهم أرض لماذا لا يعودون إليها”.
ويشير “إمام” إلى أن مدينته لا تبعد سوى 30 كم عنه بينما أعينهم تترقب العودة يوماً بعد يوم.
وبينما تترقب أعين المهجرين العودة، تشهد خطوط التماس بريف البلدة، تصاعداُ في حدة القصف التركي في الآونة الأخيرة وسط مخاوف من استهداف قراهم الآهلة بالسكان.
إلى جانب سكان المدينة، تسبب القصف التركي إلى نزوح كبير للسكان القاطنين في القرى الواقعة على خطوط التماس، بينما لا يستطيعون العودة إليها سوى النظر إليها من بعيد.
مع وصول القوات التركي إلى مشارف البلدة، أخلى سكان العشرات من القرى لمنازلهم بسبب تساقط القذائف عشوائياً بالقرب منهم وصلت بعض الأحيان إلى سقوط ضحايا.
ومنذ ذلك الحين، يقطن هؤلاء النازحين ضمن القرى المحيطة ببلدة تل تمر جنوباً، ليكونوا قريبين من ديارهم على آمل العودة يوماً ما.
مطالبات بإخراج الفصائل
يطالب النازحون من القوى الفاعلة في البلاد والمنظمات الإنسانية بإخراج القوات التركية والفصائل المسلحة منها، تمهيداً للعودة الآمنة.
وتشدد السيدة السبعينية زكية الناصر، من سكان قرية أم الكيف 2 كم شمالي تل تمر، على ضرورة إخراج مسلحي الفصائل من مناطقهم لتتمكن من العودة إلى منزلها بعد نزوح طويل.
وتقول “الناصر” لنورث برس: “لا نستطيع العودة لقرانا بسبب القصف، لقد تدمرت منازلنا ولا نستطيع الوصول إلى قرانا”.
وتشير السيدة النازحة من ريف سري كانيه إلى أنها تتفقد منزلها من بعيد الذي يرى بالعين المجردة دون تمكنها من الوصول إليها.
وتضيف: “عدتُ إلى منزلي قبل مدة ومكثنا بضعة أشهر فيها لكن تعرضنا للقصف وتدمرت منازلنا وهربنا من القذائف التي كانت تنهال علينا صباحاً ومساءاً”.
ويقول سكان محليون، إن القصف التركي والفصائل الموالية لها تسبب في دمار الكثير من المنازل والمنشآت والمؤسسات الخدمية والحيوية ضمن القرى على خطوط التماس.
كما تسبب الاجتياح التركي قبل 6 سنوات، إلى إغلاق الطريق الدولي M4 والذي يعد شرياناً حيوياً بالنسبة لسكان المنطقة، كونه يربط الجزيرة السورية مع الداخل السوري، وذلك عقب تمركز مسلحي الفصائل بالقرب منه.
ويقول النازح أحمد الخضر من قرية الشبلية التي تقع بمحاذات الطريق الدولي غربي تل تمر، بأن أوضاعهم عقب النزوح باتت “سيئة”، مطالباً بدوره بالعودة إلى منزله وإخراج المسلحين من المنطقة.
ويضيف: “لا أستطيع العودة حالياً إلى قريتي بسبب القصف بالإضافة إلى أنهم سوف يعتقلونني، فمن يعود سوف يعتقل أو يقتل أو يطالبون مقابل إطلاق سراحه فدى مالية وسبق أن حدث ذلك مع سكان من قريتنا عندما حاولوا العودة بحجة أنهم جاؤوا من مناطق قوات سوريا الديمقراطية”.
ويقول النازح الستيني الذي يرتدي الزي التقليدي لسكان المنطقة “نحن نريد العودة إلى بيوتنا كما أهل شام وحلب عادوا، (..) نتمنى عودة قريبة بإذن الله”.
ويقطن في منازل نازحي سري كانيه عوائل مسلحين من الفصائل الموالية لتركيا في القرى الخالية من سكانها الأصليين بعد تشريدهم عقب هجوم عسكري أواخر عام 2019.