“صمت دولي”.. استياء وتخوف دائم لسكان بريف الحسكة من الهجمات التركية

سامر ياسين – الحسكة

يشعر سكان في بلدة تل تمر بريف الحسكة الشمالي، من استياء وتخوف دائم مع استمرار قصف تركيا وفصائل مسلحة موالية لها للبلدة وريفها، منذ ما يقارب 6 سنوات دون رادع من أي جهة دولية لوقف الهجمات التركية.

وتقع بلدة تل تمر في الريف الشمالي لمدينة الحسكة، على بعد حوالي 40 كم من مركز المدينة، ويمر بها الطريق الدولي M4 الذي يقسمها لنصفين، إلى جانب نهر الخابور الذي يمر بها من سري كانيه/ رأس العين وصولاً إلى مدينة الحسكة وريفها الجنوبي.

ويقطن البلدة السورية شمال شرقي البلاد خليط من مكونات وطوائف سورية مختلفة من الأكراد والعرب والسريان والآشوريين.

صمت دولي

يرى جوان داوود، من سكان بلدة تل تمر أن ما يحدث بشكل شبه يومي في البلدة ومناطق شمال شرقي سوريا من قصف تركي مستمر بسبب غياب المواقف الدولية، معرباً عن استيائه من الصمت الدولي حيال الهجمات التركية وانتهاكات الفصائل الموالية لها.

ومع الهجوم التركي على مدينتي سري كانيه وتل أبيض أواخر عام 2019، وصلت فصائل موالية لها إلى تخوم البلدة من الجهة الشمالية والغربية, وباتت تبعد مسافة لا تزيد عن 2 كم من مركزها، مما جعلها عرضة للقصف التركي والاستهداف المستمر بالمدفعية وقذائف الهاون رغم الاتفاقات الأمنية مع الجانب الأميركي.

ويقول “داوود” لنورث برس، إن “الأطفال باتوا يعيشون بحالة خوف في الفترة الأخيرة، يسمعون صوت القصف وهم صغار لا يعلمون ماهية الأصوات ومصدرها، فيعيشون بحالة من الخوف، مايؤثر سلباً على حالتهم النفسية”.

ويضيف، أنه “في هذه الأوضاع لا نستطيع إرسال أطفالنا إلى المدارس، فمنذ بداية القصف أطفالنا يخافون ولا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة، وبالتالي ينعكس سلباً على دراستهم”.

ويتساءل: “ألا يوجد أي جهة تخبر هؤلاء الفصائل بأن لا ذنب للمدنيين بما يحصل في المنطقة؟، هناك الآلاف من المدنيين في هذه المنطقة، وخاصة الأطفال، أين المنظمات الدولية لحماية حقوق الطفل؟”.

ومن الناحية الخدمية أيضاً، يشتكي (داوود) من التأثير الكبير للقصف على حركة السوق، بسبب المخاوف المستمرة لدى السكان، إلى جانب انقطاع الكهرباء منذ فترة، والمياه التي حُرم منها السكان في البلدة وريفها منذ أكثر من 4 سنوات.

ضرب البنية التحتية

تقول رشا علو من سكان بلدة تل تمر، إنهم يتعرضون لقصف يومي من قبل الجيش التركي، مشيرة إلى أن هدفه ليس قصف البلدة وريفها فقط، بل ضرب البنية التحتية فيها أيضاً.

وتضيف أن الهجمات التركية ممنهجة  والدليل قطع مياه الشرب من قبل الفصائل الموالية لها عن المنطقة منذ 6 سنوات، واليوم تستهدف خطوط ومحطات الكهرباء في ريف تل تمر.

وتوصل تحقيق لنورث برس، نشر عام 2023،  إلى أرقام حصرية تفيد أن حجم الخسائر التي لحقت بالمنطقة وصلت لنحو 81 مليون دولار أمريكي، وهي تكلفة تقديرية لإعادة تأهيل المرافق المتضررة، ناهيك عن التداعيات الاقتصادية المعيشية الخطيرة التي ظهرت في المنطقة، بعد القصف بفترة وجيزة.

كما تشير “علو” إلى التأثيرات النفسية للقصف أيضاً على السكان، والأطفال بشكل خاص، “حيث انحرموا تماماً من روح الطفولة، في ظل صمت منظمات حقوق الإنسان التي باتت بالاسم فقط ودون تطبيق أي شيء من أقوالها على الأرض”، على حد وصفها.

وتقول إن “الأطفال يتعرضون لضغوطات وحروب نفسية، وإن الوضع في تل تمر مأساوي لدرجة كبيرة، في ظل عدم تدخل أي دول حيال ما يحصل”.

وتشير إلى أن هناك ازدواجية بتعامل الدول  على عكس ما يحصل في دول أخرى “عندما يطرأ أي حدث لديهم حتى لو كان صغيرة نرى بأن الدول جميعها تتكاتف لحل هذه القضية”.

كما تقول بوزة الصالح، من سكان تل تمر، إن هناك خوف دائم لدى السكان والأطفال من المسيرات التركية والقصف، مشيرة إلى أن الشعب يطالب بوقف الهجمات التركية وتحقيق الاستقرار للعيش بأمان وراحة.  

وتيرة أعنف

ازدادت وتيرة الاستهدافات والقصف شبه اليومي على البلدة وريفها، عقب سقوط نظام بشار الأسد مطلع شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، حيث ازدادت معها حدة الاشتباكات والقصف بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل الموالية لتركيا، في محاولة من الأخيرة للسيطرة على مناطق جديدة شمال سوريا.

يقول مدير مجلس تل تمر إدريس يونس، بأن وتيرة القصف التركي والفصائل الموالية له ازدادت على البلدة وريفها بعد سقوط نظام الأسد قبل شهر.

كما طالت الهجمات التركية بلدات ومدن بريف حلب الشمالي وصولاً إلى السيطرة على منبج أواخر العام الماضي، وسط استمرار الهجمات على سد تشرين وتهديدات مستمرة باجتياح كوباني والمدن الكردية الاخرى.

 وأضاف “يونس” في حديثه لنورث برس “لا يوجد وقت محدد للقصف التركي على منطقتنا، ولكن يتركز في ساعات متأخرة من الليل أو في بداية ساعات الصباح، عندما يبدأ السكان بالتوجه للأسواق، أو توجه الموظفين إلى المؤسسات الخدمية لتسيير أعمال السكان”.

ويشير إلى أن الحالة المعيشية في البلدة مستمرة ولكن تحت ظروف صعبة، “بسبب استهداف وتعدي الدولة التركية على المنطقة، في ضرب لكافة الموازين والقوانين لحياة الإنسان الطبيعي”، على حد وصفه.

ويطالب مدير مجلس تل تمر المنظمات والجهات الحقوقية لتثبيت وقف إطلاق النار في منطقة تل تمر، ووقف الهجمات المتتالية عليها، وتأمين حياة آمنة للسكان في المنطقة.

تحرير: خلف معو