“نموذج متفرد”.. تصريحات لمسؤولة المرأة بالحكومة السورية الجديدة تثير الجدل

القامشلي – نورث برس

أثارت تصريحات رئيسة مكتب شؤون المرأة في حكومة تصريف الأعمال في سوريا، عائشة الدبس، جدل بين سوريين وسوريات وحالة من الجدل حول تقييمها لوضع المرأة في الإدارة الجديدة للبلاد.

وفي الـ 20 من كانون الاول/ ديسمبر الجاري، عُينت “الدبس” رئيسة لمكتب المرأة في الحكومة الجديدة التي يديرها أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام والقائد العام في الإدارة الجديدة لسوريا.

وأثارت تصريحات الدبس حول تعزيز دور المرأة في المؤسسات الحكومية جدلًا، خاصة بعد تصريحات المتحدث الرسمي للإدارة السياسية عبيدة أرناؤوط، الذي أشار إلى “محدودية أدوار النساء في مناصب عليا مثل وزارة الدفاع”.

وقالت عائشة الدبس، أمس السبت، في لقاء مع شبكة “تي آر تي” التركية الرسمية، إن الإدارة الجديدة في سوريا ستعمل على صنع نموذج يناسب وضع المرأة السورية، معتبرة أن “المرأة السورية بطبيعتها تملك المؤهل، وإذا وفرنا لها الدورات التدريبية ودورات القيادة ستصل إن شاء الله لتشارك في السلطة التشريعية والتنفيذية”.

“تحجيم”

ترى الناشطة النسوية السورية نورا سلام، أن هذا الإطار “يحجم دور المرأة”، في إشارة إلى مكتب شؤون المرأة في الإدارة الجديدة للبلاد.

وتقول الناشطة المقيمة في السويداء، لنورث برس، إنه عند الإعلان عن تشكيل مكتب شؤون المرأة، “لم أستطع أن أمنع نفسي من التفكير بالاتحاد النسائي، والذي كان يحجم دور المرأة باسم دعم المرأة”.

وتضيف أن تصريحات السيدة عائشة الدبس “جاءت لتعيد إنتاج أفكار الاتحاد النسائي بصورة أخرى”.

وأشارت إلى أنه على الرغم من كون اللقاء يظهر رغبة في الحوار والعمل، إلا أن الإجابات تلخصت بجملة واحدة نفت كل الدعوات للحوار من خلال رفض من “يخالفها الرأي”.

وقالت مسؤولة شؤون المرأة السورية إنها لن تفتح المجال لمن يختلف معها بالفكر في ردها على حرية عمل المنظمات النسائية المدافعة عن حقوق المرأة.

وفي حين أعربت “سلام” الناشطة النسوية عن قلقها من مستقبل عمل المرأة في سوريا إن تم تحجيمها تحت مظلة هذا المكتب، فيما أشارت إلى “وعي السوريين والسوريات الذي أسقط أسوأ الديكتارتوريات في القرن”.

“طابع إقصائي وصائي”

وقالت الدبس إنها ستصنع “نموذجاً متفرداً يناسب واقعنا وفق رؤية القيادة”.

وتساءلت: “لماذا نتبنى النموذج العلماني أو المدني؟ على سبيل المثال، أنا سأصنع نموذجًا خاصًا بالمجتمع السوري، لا أتكلم عن نفسي لكن أتكلم عن رؤية القيادة”.

ويرى الكاتب والصحفي السوري شيار خليل، أنه لا يمكن قراءتها بمعزل عن السياق السياسي والاجتماعي الذي تعيشه سوريا اليوم.

وقال خليل عبر حسابه على فيس بوك، إن هذه التصريحات “التي تحمل طابعاً إقصائياً ووصائياً، تمثل انعكاساً لمنهجية تريد تقييد الحراك النسوي السوري وإعادته إلى قوالب تقليدية تخدم أجندة أحادية الرؤية”.

وأضاف أن المرأة السورية “ليست حالة طارئة على ميادين النضال أو ساحات التغيير”، مشيراً إلى أنه “على مدار التاريخ شكلت المرأة السورية جزءاً من الوعي الجمعي الذي ارتبط بالكرامة والحرية والعدالة”.

نموذج واحد

تصريحات مسؤولة مكتب المرأة السورية أعطت “انطباعاً سلبياً” عن الحكومة ورؤيتها للنساء السوريات، وفق الناشطة المدنية السورية فايزة يوسف.

وقالت يوسف لنورث برس، إن “تصريحات الدبس كانت سيئة للغاية وأعطت انطباعاً سلبياً عن الحكومة ورؤيتها للنساء السوريات ولم تستند إلى بيانات وأبحاث موثوقة لدعم القضايا التي طرحتها”.

وأضافت أن طرحها كان بعيداً عن الشمولية إذ ركّزت على جوانب محددة فقط دون أن تسلط الضوء على التنوع الكبير في التحديات التي تواجه النساء السوريات، سواء في الداخل السوري أو بلدان اللجوء.

وكانت مسؤولة مكتب المرأة قد أشارت إلى أن النموذج الذي تحدثت عنه يعكس رؤية القيادة الجديدة، وأضافت أن مرتكز السلطات والدستور هو الشريعة الإسلامية، مشددة بالقول: “لن نتخلى عن الشريعة الإسلامية”.

و”المصيبة” وفق الناشطة فايزة يوسف، أن مسؤولة مكتب المرأة دعمت فكرتها بمثال أسوأ: “ازدياد حالات الطلاق في مكان ما بسبب عدم مراعاة المنظمات لكيفية تمكين المرأة وإفهامها حقوقها وواجباتها ومسؤولياتها”.

وأضافت أنها لمحت إلى إقصاء دور المرأة في السلطة القضائية عندما قالت: “أدعو المرأة السورية ألا تتجاوز أولويات فطرتها، وهي دورها التربوي في أسرتها”.

وأشارت إلى أن كل الجهود التي بُذلت لكسر الصور النمطية عن المرأة وتمكينها بشكل حقيقي، “حاولت الدبس نسفها بالكامل”.

إعداد وتحرير: خلف معو