تهميش ومخاوف.. إيزيديون يطالبون بحمايتهم في سوريا الجديدة
سامر ياسين – نورث برس
مع تسارع الأحداث الحاصلة في سوريا في الأسبوعين الفائتين، مع سيطرة هيئة تحرير الشام وإدارة العمليات العسكرية على العاصمة دمشق وإعلان سقوط النظام، يتزايد الخوف لدى الأقليات الدينية والعرقية الموجودة في سوريا من مستقبل مجهول ينتظرهم في البلاد.
ويتخوف الإيزيدون في سوريا كغيرهم من هذا التغير المفاجئ في البلاد، لا سيما أنهم من أكثر الشعوب التي تعرضت لسياسات التهجير والقتل والمجازر، وأهمها كان تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، الذي كان الإيزيديون هدف أساسي لهم بحسب ما يرون.
وبحسب إحصائيات للبيت الإيزيدي في الجزيرة بشمالي سوريا، كان هناك ما يقارب 7000 آلاف شخص إيزيدي يعيش في مدن وبلدات الجزيرة السورية، قبل نزوح ما يقارب 400 عائلة من مناطق ريف حلب الشمالي، عقب سيطرة فصائل “الجيش الوطني” الموالية لتركيا على الريف الشمالي لحلب.
خوف دائم
يقول خليل جنيد، شاب إيزيدي من مدينة عفرين، نزح مع عائلته قبل سبع سنوات من مدينته إبان الهجوم التركي على عفرين مطلع عام 2018، ليستقر في مدينة إحرص في الشهباء بريف حلب، قبل أن ينزح مع العائلة مجدداً إلى ريف مدينة الحسكة، عقب هجوم الفصائل الموالية لتركيا للمنطقة والسيطرة عليها.
ويضيف، لنورث برس، أن الشعب الإيزيدي عانى من كل سياسات التهميش والضغط، لذلك هناك خوف دائم داخل قلوب كل الإيزيديين، وهذه السياسات كانت السبب في أن ينزحوا من منازلهم مرتين، الأولى كانت من الموطن الأصلي والثانية عندما نزحوا من الشهباء إلى الحسكة.
ويطالب جنيد بحماية الإيزيديين في سوريا، قائلاً: “المرحلة التي تمر بها سوريا في الوقت الحالي، تحمل الكثير من التغيرات، هناك خطة لتشكيل دستور جديد، وبناء وطن مشترك للجميع، ونحن كشعب كردي إيزيدي نريد أن تكون حقوقنا محفوظة في هذه البلاد، ونستطيع العيش بحرية فيها، ونمارس عاداتنا وتقاليدنا دون أي مضايقات”.
ويؤكد على ضرورة أن يكون الشعب الإيزيدي ككافة المكونات الأخرى له الحق في التمثيل في الدستور السوري الجديد عقب التغيرات التي حصلت في سوريا وسقوط النظام السوري السابق، حسب تعبيره.
مصير مجهول
تقول شهناز عمر، إيزيدية نزحت من عفرين أيضاً إبان الهجوم التركي على المدينة إلى منطقة الشهباء، ومنها إلى ريف مدينة الحسكة، إن الانتهاكات والجرائم التي حصلت بحق الشعب الإيزيدي في المنطقة وعلى مر العصور، وقالت بإن هذه السياسيات ما زالت تطبق على الشعب الإيزيدي حتى الآن.
وتضيف، لنورث برس: “إلى الآن لم نحفظ حقوقنا، ولا نعلم مصيرنا، نحن الآن نسكن في هذه المنطقة ولكن بشكل مؤقت، ولا نعلم إذا كنا سنعود إلى منازلنا أو لا، وهل سيكون الطريق مفتوحاً لنا للعودة، وماذا سيحصل لنا إذا عدنا، هذا الشيء غير واضح حتى الآن”.
وتتساءل: “هذه السياسات تطبق على الشعب الكردي وعلى الإيزيديين بشكل خاص، الجميع يريد العودة إلى منزله الأصلي، ولكن إذا عدنا ماذا سيحصل، هل ستكون حقوقنا محفوظة هناك”.
ومن جهتها تطالب عمر، بحفظ حقوق الديانة الإيزيدية في سوريا، مبينة: “نريد من الحكومة الجديدة أن تكون حقوقنا محفوظة في الدستور الجديد، وأن نستطيع الدفاع عنه، بحيث لا نتعرض مرة أخرى لهذه السياسات، ولكي نستطيع العودة إلى موطننا، هذه هي مطالبنا من العالم أجمع”.
وتشير إلى أن “الشعب الإيزيدي لطالما عانى من هذه سياسات التهجير والهروب، ودائماً نحمل الخوف في قلوبنا، بسبب نظرة الشعوب الأخرى لنا، بأننا لسنا مسلمون، وينظرون لنا بنظرة خاطئة، ولكن نحن أيضاً لنا دين خاص بنا ونثق به”.
سياسة ممنهجة
بدورها تقول الرئيسة المشاركة للبيت الإيزيدي في الجزيرة السورية، نالين رشو، إن الشعب الإيزيدي كان هدفاً بشكل مباشر للعديد من الفصائل في سوريا، وحتى الآن هذه الديانة لا تملك أي حقوق فيها، وطالبت بالاعتراف بالإبادة الإيزيدية، وأن تكون كالديانات الأخرى في سوريا لهم حقوق، من الناحية الدينية والاجتماعية والسياسية.
وتضيف، لنورث برس، أنه “قبل الوصول إلى هذه المرحلة، في مناطق الشهباء وعفرين وسري كانيه وشنكال، كان هناك الآلاف من الإيزيديين، عندما كانت الدولة التركية تقصف أو تهاجم تلك المناطق كانت الشعب الإيزيدي هدفاً لهم، ليس نحن فقط، جميع الأديان والقوميات كالأكراد والعرب والسريان والجركس”.
وتطالب هي الأخرى بالاعتراف بالإبادة التي حصلت بحق الشعب الإيزيدي على مر السنين الماضية، والاعتراف أيضاً بوجود هذه الديانة، كجميع الديانات والعقائد المنخرطة في المجتمع السوري.
وتبين: “نحن نتمنى ونطالب بذلك لأن الشعب الإيزيدي على مر آلاف السنين تعرض لسياسات القتل والتهجير، لأنه حتى الآن غير معترف به، ولا يملك أي حقوق، لذلك يجب أن تكون حقوق الجميع محفوظة، من الناحية الدينية أو الاجتماعية لقطع الطريق أمام هذه المجازر بحق جميع الأديان وبالأخص الإيزيدية”.
وتؤكد رشو من خلال حديثها أن المجازر والهجمات المتكررة على الإيزيديين مستمرة، وأهمها المجزرة التي حصلت في شنكال عام 2014، وما حصل من تهجير في عفرين وسري كانيه والمناطق السورية الأخرى، من تهجير ومجازر بحق الشعب الإيزيدي.