أقدار وظروف قاسية تواجه نازحي عفرين

الطبقة – نورث برس

رغم آلام نزوح جديدة كانت طويلة وصعبة، تحمل سيدة عفرينية مهجرة من ريف حلب إلى مخيم في الطبقة، في قلبها ألماً أكبر بعد فقدان ابنها مع زوجته وطفلهما، ولا تعرف شيئًا عن مصيرهم.

كانت تتجول السيدة بين الخيام، تبحث في الوجوه، تبصر إلى أي شخص قد يحمل لها خبرًا يطمئنها عن أحبائها، عيناها كانتا مليئتين بالقلق والحيرة، وتفتشان في كل وجه، تأمل أن تجد شخصًا يعرف شيئًا عن مصير أفراد عائلتها.

تعود قصة ألماسة رشو (60 عاماً)، وهي مهجرة عفرينية إلى اللحظة التي غادرت فيها قريتهم في بلدة الشهباء بريف حلب الشمالي، بعد سيطرة فصائل موالية لتركيا على حلب وريفها أواخر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت.

“أجبرونا على ترك كل شيء”

تقول “رشو”، لنورث برس، “كانت الحياة هادئة في البداية، لكن القوات الإرهابية دخلت القرية، وفرضت سلاحها على رؤوس الناس، وأجبرتهم على مغادرة منازلهم”.

وتضيف أن “تلك اللحظات، التي عشتها في رعب هائل، تركت في قلبي آثارًا عميقة”. مشيرة إلى أن تلك القوات أجبرونا على ترك كل شيء خلفنا المنزل، والأرض، والذكريات وسني الحياة المستقرة هناك.

حالت تلك الأحداث دون لم شمل العائلة، فقد تفرقوا في زحام النزوح، ولم تعد تعرف “رشو” أين مكان ابنها وعائلته.

كانت تتنقل من خيمة إلى أخرى، تسأل كل شخص عن أي خبر قد يساعدها في لم شمل عائلتها. لكنها غالبًا ما تتلقى إجابات مُحطمة، مجرد نظرات شفقة، أو كلمات غير مؤكدة.

وتعيش ألماسة رشو المهجرة في المخيم مع زوجها، الذي يعاني من أمراض مزمنة، وهو ضعيف ولا يقوى على الحركة بسهولة صحته تتدهور، ويحتاج إلى الرعاية المستمرة.

وفي ظل هذه الظروف، تبقى هي الوحيدة التي تهتم به، تحاول توفير الطعام والشراب، وتبحث عن أي شيء قد يساعده في البقاء على قيد الحياة.

فيما تشير إلى أن الحياة في المخيمات ليست سهلة؛ الطعام محدود، والرعاية الطبية نادرة، والبرد القارس في الليل يُصعب كل شيء.

تقول “رشو” التي تهجرت من مدينتها عفرين بريف حلب إبان الهجوم التركي رفقة فصائل مسلحة موالية لها مطلع عام 2018، إن الهجوم الأخير على ريف حلب أجبرها على الابتعاد مجدداً عن مدينتها.

وتضيف أن كل يوم في المخيم يحمل معها تحديات جديدة فيما تسعى دائمًا إلى إيجاد أي أمل قد يُعيد عائلتها إليها.

أقدار وظروف قاسية

في ظل الأزمات المتلاحقة والظروف القاسية، يعيش في ذات المخيم أبو محمد حبش (65 عاماً)، الذي شهد الكثير من التحولات الكبرى في حياته، على حد قوله.

ويقول لنورث برس، إنه كان يستعد في السابق لمستقبل مشرق، حين قام بتزويج ابنه، حيث كانت تلك اللحظة تحمل الأمل والفرح، وتمثل بداية حياة جديدة مليئة بالتطلعات.

ويضيف: “لكن القدر سرعان ما قلب تلك الأحلام إلى واقع مرير، فبعد أسبوع واحد فقط من زواج ابنه، اندلعت حرب شرسة في المنطقة، مما أجبر العديد من العائلات، بما فيها عائلته، على ترك منازلهم والنزوح إلى مناطق غير مألوفة لهم.

ويشير إلى أنهم واجهوا تحديات وصعوبات هائلة، والهروب لم يكن سهلًا، فقد تعرضوا لمواقف صعبة، تم فيها استغلالهم على الطريق، على حد وصفه.

رغم هذه الظروف القاسية، تمكن الرجل مع عائلته من دفع سيارة للتوجه إلى مدينة الطبقة، التي كان يُعتبرها ملاذًا لأمل جديد، بعيدًا عن مآسي الحرب التي عاشوها.

كان الرحيل مليئًا بالقلق والترقب، ومشاعر مختلطة بين الأمل والخوف من المستقبل المجهول.

ومع ذلك، الأمل سرعان ما تبدد. الآن، هو وعائلته موجودون في المدينة الرياضية، بلا عمل، بلا مأوى، ولا حتى موارد أساسية.

ويقول أبو محمد حبش إنه تم سرقة ممتلكاتهم، وتم طردهم من المنزل الذي كانوا يستأجرونه، فيما يعيشون حاليًا في خيمة صغيرة، وتبددت أحلامهم في الاستقرار والأمان.

الإدارة الذاتية قدمت لهم بعض الخدمات الأساسية، ولكن هذه الخدمات لم تكن كافية لتعويض الخسائر التي عاشوها، على حد تعبيره.

ويضيف ان العائلة الآن تحمل في قلبها آلامًا مضاعفة؛ فقد انفصلوا عن عفرين، وها هم يواجهون الألم مرة أخرى في الشهباء. لقد كانوا يأملون في العودة إلى ديارهم، ولكن هذا الأمل الآن قد تحطم تمامًا.

هذه القصص تعكس الواقع الصعب الذي يعيشه العديد من النازحين في منطقتهم. تُظهر التحديات التي يواجهها النازحون، من فقدان المنازل إلى غياب الموارد الأساسية، والتحديات اليومية التي تتطلب الصمود والتكاتف.

تحرير: خلف معو