بعد انهيار النظام.. كيف سيكون الوجود العسكري الروسي في سوريا؟

موسكو – نورث برس

ترك الهجوم الذي شنته هيئة تحرير الشام في سوريا والذي أطاح بحليف موسكو بشار الأسد القواعد العسكرية الروسية في سوريا في مصير مجهول، حيث تشكل قاعدتا طرطوس البحرية وحميميم الجوية البؤرتين العسكريتين الوحيدتين لروسيا خارج الاتحاد السوفييتي السابق.

وحتى الآن، تتحدث وسائل الإعلام الرسمية الروسية عن أن المعارضة السورية “ضمنت” أمن المنشآت، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت موسكو ستحتفظ بالسيطرة عليها في المستقبل.

وحالياً بات مصير القاعدتين في سوريا غير واضح، بينما نفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مغادرة السفن الروسية للقاعدة.

سيتم إغلاقها

يؤكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية، فلاديمير بروكوفييف، لنورث برس أن “سقوط النظام في سوريا وصعود القوى المتطرفة يشكل ضربة لروسيا في العالم العربي”.

ويعتبر بروكوفييف، أن ما حصل في سوريا هو تهديدٌ أمنيٌ لموسكو بسبب احتمال عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ليس في سوريا فقط، بل وفي العراق كذلك وفي عدد من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.

ويذكر بأنه لم “تكن هناك حالة على الإطلاق ازدهرت فيها الأراضي التي استولى عليها الجهاديون، وسيظل هناك في سوريا صراع ضروس بين أولئك الذين وصلوا إلى السلطة، وهو ما يهدد بالعودة مجدداً إلى الحرب الأهلية”.

على هذا الاساس، يرى بأن روسيا لا يمكن أن تبقى متواجدة في بلد لا تملك فيه حلفاء، لا سيما مع تعاظم النفوذ الأميركي والتركي في سوريا على حساب التواجد الروسي الإيراني، وعليه، فإن بقاء القواعد الروسية في ظروف من هذا النوع سيشكل تهديداً مباشراً لها وللعاملين فيها، وعليه سيتم على الأرجح إغلاقها.

ومع تصريح رئيس الوزراء والقائم بأعمال رئيس الدولة خلال الفترة الانتقالية، محمد غازي الجلالي، بأن مسألة استمرار وجود القوات الروسية في سوريا “ليست من اختصاصه”، وأن القرار بهذا الخصوص ستتخذه السلطة الجديدة في المرحلة المقبلة، يزيد من الغموض حول هذا الملف.

سيظل قائماً

يقول الكاتب في الشؤون العسكرية، دميتري تونكين، إنه لا يوجد في الوقت الحالي شيء يهدد القواعد العسكرية الروسية في سوريا، وأن وجود العسكريين الروس في سوريا سيظل قائماً، بالحد الأدنى، في المستقبل القريب.

ويضيف لنورث برس، أنه لا يستبعد مع مرور بعض الوقت وإلى أن تستتب الأوضاع في سوريا، أن يظهر شكل جديد للتعاون العسكري الفني ومشاركة المدربين العسكريين الروس في إنشاء جيش سوري جديد، وعليه فإن أمام روسيا فرصة للحفاظ على قاعدتها في طرطوس وحميميم، لكن هذا الحضور سيكون له معنى رمزي.

ويعزز وجهة نظره بالقول بأن هيئة تحرير الشام لا تعارض أبدًا الوجود الروسي في سوريا، وهو ما لا يمكن قوله عن موقفهم تجاه إيران – فهذه الدولة تفقد نفوذها تماماً في سوريا.

ومع ذلك، يشير إلى أن العلاقات الروسية السورية في الوضع الحالي من غير المرجح أن تكون ودية، مضيفاً أن العلاقات بين البلدين ستقتصر فقط على المجالات ذات الاهتمام المشترك، لا سيما أنه من غير الواضح من سيقود سوريا خلال الفترة الانتقالية.

ولكن روسيا في كل الأحوال ستكون متمسكة بإبقاء هذه القواعد لأنه من شأن خسارتها لها أن تجعل من الصعب على روسيا مواصلة عملياتها في أفريقيا، حسب تونكين.

تحرير: محمد القاضي