هل تجد إيران مكاناً في “سوريا الجديدة” وما مصير مليارات الدولارات التي أنفقتها؟
غرفة الأخبار – نورث برس
ما أن سقط نظام بشار الأسد فجر الثامن من شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري على يد هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها، حتى سارعت طهران إلى إطلاق تصريحات معربة عن حرصها على أمن واستقرار سوريا، بعد أن كانت نداً قوياً في الصراع العسكري الذي امتد لأكثر من عقد فيها.
ودعت طهران في أول تعليق رسمي لها بعد سقوط الأسد، إلى “إنهاء الصراعات العسكرية، وبدء حوار وطني بمشاركة جميع فئات المجتمع السوري”.
وقبل أيام أعلنت طهران أن سفارتها في دمشق ستستأنف عملها قريباً.
غير قابلة للتعويض
يقول حازم نهار، كاتب وباحث سوري في الشؤون السياسية والثقافية، إن إيران تلقت ضربة غير قابلة للتعويض، بعد سقوط نظام الأسد، ولا سيما أنها استثمرت مبالغ ضخمة في سوريا اقتصادياً وعسكرياً على مدى 24 عاماً.
ويضيف نهار، لنورث برس: “قد يمتد تأثير هذه الضربة ليطال وجود إيران ومصالحها في العراق واليمن أيضاً”.
ولمواجهة هذه الحالة يستشهد الباحث السوري بما أكده خامنئي في لقائه مؤخراً أن “إيران قوية وستصبح أقوى”، محاولاً تبرير خسارة نظام بشار الأسد بالإيحاء بأنه لم “يُهزم من قبل جماعات مسلحة، بل من قبل تحالف دولي تقوده دول كبرى”، متهماً الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا.
ويستبعد نهار أن تكون أي حكومة سورية مستقبلية بعد سقوط نظام الأسد “ملزمة تجاه إيران بأي اتفاقات اقتصادية أو سياسية أو ثقافية”.
ويضيف أنه “سيُعاد النظر في جميع الاتفاقيات في ضوء المصلحة السورية، حتى بالنسبة إلى الديون التي التزم بها النظام السابق، ولا سيما أن إيران كانت متورطة في الدم السوري، وربما تطالب الحكومات السورية المقبلة بمحاكمة بعض أركان النظام الإيراني”.
ترقب وانتظار
يقول مصطفى صلاح أستاذ العلاقات الدولية، إن انهيار نظام الأسد أدى إلى تفكيك أكثر من عقد من بناء واستثمار للنفوذ الإيراني في سوريا، الذي كان في البداية كتدخل لإنقاذ “محور المقاومة” والذي أصبح اليوم، نذيراً بانحداره.
ويضيف صلاح لنورث برس، أن هذه الشبكة من القوى بالوكالة والأنظمة المتحالفة الممتدة في المنطقة “انهارت”، والتي بدأت بحركة حماس وما حدث في لبنان قبل أشهر مع استنزاف إسرائيل لحزب الله اللبناني.
ووفقاً لرأيه فأن النفوذ الإيراني أنه غير قابل للاستمرار في سوريا.
وبالرغم ذلك “تراقب إيران تطورات الأوضاع في سوريا، وتنتظر مجموعة من الفرص للعودة”، مثل احتمالية الاقتتال بين الفصائل المسلحة أو الاتجاه إلى دعم أحد المكونات السورية للعودة مجددا واستعادة نفوذها المفقود، بحسب صلاح.
ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية أنها لن تحاول الدخول في التأثير على مجريات المرحلة الانتقالية نظراً للرفض الشعبي لها “إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة عدم قبول عودتها مستقبلاً”.
ويعتقد أنه سيكون هناك على الأقل تعاون على المستوى الرسمي بين البلدين للحفاظ على مصالح إيران الاقتصادية في سوريا وحماية استثماراتها هناك، خاصة وأن النظام السوري الجديد قد يتجه إلى إلغاء أو مراجعة الاتفاقيات التي توقيعها من قبل النظام السابق، باعتبارها لم تراع المصالح السورية.
ويختتم صلاح بأن الأشهر المقبلة ستكشف ما إذا كانت إيران قادرة على تكييف استراتيجيتها مع الواقع الجديد في سوريا، أو ما إذا كان خروج الأسد يمثل نقطة نهاية حقيقية لطموحاتها في هذه الدولة المحورية بالشرق الأوسط.