بعد سقوط الأسد.. “التركستاني” ينتشر في اللاذقية
بعد سقوط نظام الأسد، في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، في غضون أيام بهجوم لهيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها، تداولت معرفات مقربة من “الحزب الإسلامي التركستاني” سيطرته على اللاذقية.
وأظهرت مقاطع مصورة مرفقة بأناشيد جهادية موكباً كبيراً لعربات عسكرية تحمل مسلحين رافعين شعارات “الحزب التركستاني” حليف الهيئة وهم يتجولون في شوارع اللاذقية معقل الرئيس المخلوع بشار الأسد.
ويعتبر الحزب “الإسلامي التركستاني” (TIP) حركة جهادية، ويتكلم المنتسبون إليها اللغة الإيغورية، وينحدرون من ولاية “شينجيانغ” في الصين، وسُجّل له حضور واضح في الحرب السورية منذ منتصف العام 2014.
ولا تتوفر إحصاءات دقيقة بعدد عناصر “التركستاني”، لكن كثر الحديث عنه بعد معركة السيطرة على مدينة جسر الشغور بريف إدلب عام 2015، وتفيد تقارير أن الحزب يعد اليوم أكبر الجماعات الجهادية المقاتلة في سوريا بأعداد تقارب ثلاثة آلاف عنصر.
أجندات خارجية
يرى الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي منير أديب، أن “الحزب التركستاني ليس جماعة سورية معارضة ولا تعمل لأجنداتها وإنما لأجندات خارجية من خلفية إسلاموية متطرفة”.
ويقول الباحث المصري منير أديب، لنورث برس، إن “الحزب لمع نجمه مع صعود هيئة تحرير الشام التي تحوي عناصر أجانب من دول مختلفة وهي من خلفيات إسلاموية وغير مرتبطة بالأجندات الوطنية السورية”.
ويضيف أن “هدفهم تطبيق ما يؤمنون به من أفكار متطرفة لذلك استقطبوا عناصر من جميع أنحاء العالم مثل تنظيمي الدولة الإسلامية (داعش) والقاعدة الإرهابيتين”.
ودعمت هيئة تحرير الشام تنظيم “التركستاني” وقدّمت له الإرشاد والتوجيه لدى وصوله إلى إدلب، وساعدته على الاستقرار في بلدات فرّ منها سكّانها.
ووثَّقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” مصادرة ما لا يقل عن /750/ منزلاً تعود ملكيتها لمسيحيين في قرى ريف جسر الشغور على يد “هيئة تحرير الشام” وتنظيم “حُرّاس الدين” وعناصر من “الحزب الإسلامي التركستاني”، منذ مطلع عام 2018 وحتى أواخره، وذلك بحجة غياب أصحابها، للاستيلاء عليها وإسكان عناصرها فيها.
ويشير الخبير المصري في شؤون الجماعات المتطرفة إلى أنه لا شك أن “الهيئة سابقاً كان لها انتماء لتنظيم داعش ومن ثم القاعدة قبل أن تعلن انفكاكها عنها وادعت أنها تحوي في صفوفها فصائل معارضة وتعمل للأجندة الوطنية السورية”.
ويشدد أن هذا الادعاء لم يكن دقيقاً والدليل على ذلك أنه يحوي عناصر غير سورية وإنما من جنسيات وأعراق مختلفة.
ويبين الباحث المصري، بأنهم جاؤوا إلى سوريا من أجل الجهاد، مضيفاً أن “هذا الشعار دفع الكثيرين من دول أخرى للالتحاق بصفوفه”.
وبدأت رحلة هؤلاء الجهاديين نحو سوريا في عام 2012، إذ دخلها بداية العناصر السابقون في صفوف “القاعدة” من الإيغور في أفغانستان، ولعبوا دوراً كبيراً في تشجيع المزيد من أبناء جلدتهم على المجيء إلى سوريا عبر دول مثل (تايلاند، ماليزيا وأندونيسيا).
تركيا “داعمة”
يقول الباحث المصري منير أديب إن تركيا كانت وما زالت داعمة لتنظيمات الإسلام السياسي والتنظيمات الإسلاموية بشكل عام والموجودة في سوريا بشكل خاص.
ويضيف أن تركيا كان لها أجندة خاصة بإسقاط النظام ومن ثم احتلال الأراضي السورية وضرب هذه التنظيمات بأطراف معادية لها في سوريا.
كما ترى الباحثة في شؤون “الجماعات الإرهابية” في سوريا، والصحفية السورية لامار أركندي، أن تركيا تدعم هذه الجماعات الإسلامية المتطرّفة الوافدة من الصين، وتعدهم بإقامة موطن قومي وديني لهم في الصين.
وتقول “أركندي”، إن تركيا مستفيدة من المهندسين الإيغور في تطوير صناعة الطائرات المُسيّرة “البيرقدار” التي استخدمتها في حربها وهجومها على عفرين عام 2018 ومدينتي سري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض أواخر 2019.
وتضيف أن “تركيا تهدف إلى إيهام التنظيمات الجهادية بأنها الممثل الوحيد للسنة في العالم، وأن سوريا هي بلاد الشام والسنة وينبغي تحريرها بيد الجهاديين السنة”.
كما تعمد تركيا بحسب “أركندي” على “تحريض تلك التنظيمات بضرورة الزحف نحو دول أخرى وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية التي يرغب أردوغان بانتزاع مكانة المملكة التي تعد الممثل الأول للمسلمين السنة”.
وتبين أن “هناك وثائق وفيديوهات تحريضية لهؤلاء العناصر من الإيغور بأن حروبهم ستمتد إلى داخل السعودية لتحرير مكة”.
وتشير الباحثة إلى أن أردوغان يوهم الإيغور بأنها ستعمد إلى تقديم العون لهم وإرسال الجهاديين إلى الصين وإعلان دولة الإيغور هناك.
وكان تضامن الدولة التركية مع نضال الإيغور ضد سياسات الاندماج الصينية، جزءاً من السياسة التركية الداخلية، وهذا يفسّر وجود عدد كبير من الإيغور في تركيا، حيث تُقدَّر أعدادهم بنحو خمسين ألف شخص.
وفي العام 1995 أقدم الرئيس التركي الحالي “رجب طيب أردوغان”، والذي كان آنذاك عمدة لإسطنبول، على إطلاق اسم “ألب تكين” على أحد الأقسام في جامع السلطان أحمد في المدينة.
وشدد أردوغان آنذاك على القول “شهداء تركستان الشرقية هم شهداؤنا…”.