مثقفون وطلاب بدمشق: الهجوم على حلب تخطيط تركي لأطماع قديمة

دمشق ـ أحمد كنعان

يرى مثقفون وطلاب في العاصمة السورية دمشق أن الهجوم على حلب جاء بتخطيط تركي لأطماع قديمة بالتوسع في الأراضي السورية وعدم رغبتها بالانسحاب من “المناطق المحتلة” كشرط للتطبيع.

جاء ذلك خلال استطلاع أجرته وكالة نورث برس في دمشق على أعقاب هجوم “هيئة تحرير الشام” المعروفة سابقاً (جبهة النصرة) وفصائل موالية لتركيا على حلب.

فشل التطبيع

يقول ضياء العيسمي، عضو نقابة الفنانين بدمشق، لنورث برس، إن الهجوم على حلب مؤذ ومؤلم وجاء “نتيجة لموقف دمشق الصارم في المباحثات مع تركيا بشأن التطبيع”.

ويضيف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجد نفسه بمأزق كبير، بعد فشل التطبيع المشروط بانسحاب قواته من الأراضي السورية المحتلة.

ويشدد بأن أردوغان “مجرم حرب” وأنه أرسل المجموعات المسلحة إلى سوريا ليتخلص منها.

ويرى الفنان السوري ضياء العيسمي أن أردوغان سيخسر ولن يستطيع أن ينتصر “لأن موقف دمشق صارم من التطبيع”، على حد قوله.

والأربعاء الفائت، شنت “هيئة تحرير الشام” وفصائل موالية لتركيا هجوماً مباغتاً، سيطروا خلاله على مدينة حلب وبعض أرياف حماه لأول مرة بعد أن استعادتها الحكومة السورية منذ عام 2016.

وخلال سني الحرب السورية التي طالت أمدها، بقي أردوغان يكيل وينعت الأسد بصفات من قبيل “مجرم، إرهابي”، لكن الحال تغيّر منذ عام 2022.

وبعد أن توغلت القوات التركية في الأراضي السورية عبر عمليات يتحدث عنها في خطاباته الداعية للقاء الأسد، لكن الأخير يرفض اللقاء في ظل وجود القوات التركية في الأراضي السورية.

أطماع قديمة

يشير الفنان السوري إلى أن الرئيس التركي لا يحتاج إلى حجج ليبرر تدخله في سوريا، قائلاً “لديه حلم قديم وأطماع بشعة بإعادة الحكم العثماني والسيطرة على الوطن العربي بطريقة جشعة”.

كما يتفق معه الطالب الجامعي آرام حميرة، الذي يرى أن “الأطماع التركية بمدينة حلب هي أطماع قديمة وأن الرئيس التركي لا يحتاج مبررات”. 

ويقول إن “إردوغان قام بهذه العملية لتحسين موقفه بعد فشل التطبيع نتيجة موقف دمشق الصارم”، على حد وصفه.

وسيطرت تركيا على مناطق واسعة في الشمال السوري خلال عمليات عسكرية عدة شنتها في أعزاز وجرابلس وعفرين وسري كانيه/ رأس العين وغيرها، وتحدث مسؤولوها في عدة مناسبات عن مدينة حلب.

ويرى مراقبون أن أردوغان يطمح لمشروع تركيا الكبرى، التي تضم مساحات واسعة من شمال اليونان وجزر بحر إيجه الشرقية، ونصف بلغاريا وقبرص وأرمينيا في مجملها، ومناطق واسعة من جورجيا والعراق وسوريا.

وهو ما تحدث عنه رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داوود أوغلو، والذي شغل قبل ذلك وزارة الخارجية، في كتابه (العمق الاستراتيجي).

حيث يعتبر أوغلو أن البنية الدفاعية التركية تلزمها بتطوير استراتيجية دفاعية، تذهب إلى أبعد من مجرد الحدود الدولية الموجودة على الواقع وداخل حدودها القانونية فحسب، بل يفرض عليها التدخل في أي وقت في قضايا متعددة خارج حدودها.

المدنيون أول المستهدفين

فيما يرى مرهف هرموش وهو كاتب وصحفي من دمشق، أن ما جرى خلال الأيام الماضية هو عبارة عن “لعبة سياسية كبيرة نفذتها مجموعة من المرتزقة”.

ويقول هرموش لنورث برس، إن هذه المجموعات التي دخلت حلب “تنتمي إلى جنسيات متعددة وسيخرجون بعد انتهاء مهمتهم لأنهم أصبحوا عبئاً على رعاتهم”.

وأشار الكاتب السوري إلى أن المدنيين من أطفال وشيوخ ونساء الذين لا ذنب لهم هم المستهدف الأول والمتضرر الأكبر من هذه الحرب.

وأسفرت المعارك عن مقتل 311 شخصاً، وفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان، غالبيتهم مسلحون من طرفي النزاع، وبينهم مدنيون.

كما أدت المعارك إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص، نصفهم تقريباً من الأطفال، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وأمس الأحد، أعلنت فصائل موالية لتركيا السيطرة على بلدة تل رفعت وقطعت الطريق بين مدينة حلب وريفها الشمالي، لتتم محاصرة آلاف النازحين في خمسة مخيمات وعشرات القرى والنواحي بريف حلب الشمالي.

ويقطن نحو 200 ألف نازح من عفرين في مخيمات وقرى بريف حلب الشمالي إبان سيطرة تركيا على المدينة رفقة فصائل سورية موالية لها عام 2018.

تحرير: خلف معو