نازحون بريف الرقة في خيام لا تقيهم البرد والأمطار

زانا العلي – الرقة

بصوت يرتجف وعكاز بيدها يساعدها على التجول أمام خيمتها، تعرب السيدة السبعينية (حسنة) عن معاناتها ومأساتها مع النزوح الذي طال أمده، في ظل ظروف إنسانية صعبة للغاية.

حسنة الفرج (70 عاماً)، نازحة سورية تقطن في مخيم حويجة زهرة بالقرب من منطقة الكسرات جنوبي الرقة، وتعاني كما آلاف النازحين من قساوة العيش في المخيمات العشوائية.

وتضمّ الرقة شمالي سوريا، عشرات المخيمات العشوائية التي تؤوي نازحين يتجاوز عددهم 70 ألفاً فروا من مناطق عدة على وقع الصراع الدائر في سوريا.

المازوت أولى من الدواء

تقول السيدة المسنة والمريضة إنها تقتصد في أدويتها، وتولي الحصول على مادة المازوت في الشتاء أكثر أهمية من الدواء، لافتة أنها لم تحصل على المازوت منذ سنتين مضت رغم الوعود.

وتشير إلى أنها وأقرانها يعتمدون على الحطب في الطبخ والتدفئة إذ ترسل أطفال ابنها إلى “الحويجة” ليجلبوا بعض الأغصان التي تنمو على ضفاف الفرات.

تسكن المسنة في خيمة خاطتها زوجة ابنها من أسمال قماش وأكياس خيش لا تقيهم البرد ولا تسند عنهم مياه الأمطار التي تتسرب إلى داخل خيامهم في فصل الشتاء.

وتقول السيدة السبعينية إنهم يشترون الكاز بمبلغ 9 آلاف ليرة سورية، ليصنعوا الشاي أما في الطبخ فيستخدمون الحطب الذي يجمعونه، ويتدفؤون في حرامات واعتادوا على ذلك طيلة السنوات الماضية.

وحددت الإدارة الذاتية كمية 300 لتر بسعر 1150 ليرة سورية للتر الواحد كمخصصات للتدفئة لكل عائلة، إلا أن التوزيع في المخيمات تأخر هذا العام رغم بدء الشتاء.

بينما يقول هيكل أحمد وهو نازح من ريف حماة في مخيم المقص جنوبي الرقة، إنه لم يستلم مازوت التدفئة منذ سنتين، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة.

ويشكل مازوت التدفئة معاناة كبيرة للنازحين، في ظل ارتفاع أسعاره في السوق السوداء الذي يصل سعره إلى 9 آلاف ليرة سورية، وهذا المبلغ يفوق قدرة النازحين بسبب أوضاعهم الاقتصادية وتراجع الدعم عنهم.

خيم عشوائية مهترئة

يعاني النازح هيكل أحمد رفقة ما يقارب 200 عائلة في المخيم من عدم توفر وسائل التدفئة، في ظل غياب المحروقات المخصصة للتدفئة واهتراء خيامهم.

كما سابقته يعتمد هيكل في قضاء حوائجه على الحطب الذي بات قليلاً ويباع من قبل بعض أصحاب الأراضي الزراعية.

وتشكل المواقع العشوائية 79 بالمائة من مخيمات النازحين في الرقة، وفق تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الذي يعتبر تلك المخيمات الأكثر “هشاشة” وعرضة لتداعيات حالات الطقس القاسية جراء “غياب التخطيط والبنى التحتية والإدارة”.

ويعاني النازحون في المخيمات العشوائية من عدم توفر خيام تعزل عنهم مياه الأمطار، ويسكنون في خيام خاطوها من قطع قماش مهترئة وأكياس.

ويواجهون ظروفاً معيشية واقتصادية صعبة، ويعمل رجال ونساء منهم في مشاريع زراعية  وصناعية بأجور يومية محدودة.

ويطالب النازحون الإدارة الذاتية بالنظر في أوضاعهم ومنحهم مخصصاتهم من المازوت في ظل شتاء قاس بانتظارهم دون وسائل التدفئة.

الأحذية موقد لطعامهم

فيما يتخوف محمد عبود وهو نازح في مخيم حويجة زهرة، من الشتاء وبرده القارس في خيمته المهترئة التي تتسرب إليها المياه مع أي زخة مطر.

ويقول إنه لم يستلم مخصصاته من التدفئة، في حين استلم سكان القرى المحيطة به مخصصاتهم. رغم أنه اشتكى وتلقى وعوداً بتسليمهم المخصصات لكن دون جدوى.

ويصف الرجل حالهم بأنها “مأساة” لا سيما النساء اللواتي يشقين في جمع الحطب والنايلون والأحذية، ليوقدن بها النار لتحضير وجبة طعام لعائلاتهن.

ولا يختلف الحال بالنسبة لمحمود الأحمد النازح أيضاً في مخيم حويجة زهرة، حيث يعتمد الرجل وعائلته على الحطب والنايلون.

ويشتكي النازحون في المخيمات شمال شرقي سوريا من شح المساعدات الإنسانية المقدمة لهم في ظل معابر مغلقة وأوضاعٍ إنسانية واجتماعية صعبة يعيشونها تحت الخيم

فيما تجاهل معاناة النازحين في المخيمات أمر يزيد من حدة مأساتهم ويزيد الأعباء الإنسانية والاجتماعية للسوريين الفارين من الموت.

تحرير: خلف معو