العنف ضد المرأة في شمال شرقي سوريا بين تغير المعطيات وارتفاع الحالات
نالين علي – القامشلي
لا يزل العنف ضد النساء أحد أكثر الانتهاكات انتشاراً في العالم، وعلى مستوى العالم تعرضت واحدة من كل ثلاث نساء للعنف الجسدي أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتها، بحسب إحصائيات للأمم المتحدة.
وفي عام 2023، قتل ما لا يقل عن 51100 امرأة على أيادي شركائهن وأفراد أسرهن، وهذا يعني أن امرأة تُقتل كل 10 دقائق.
وتنظم حول العالم آلاف الفعاليات النسوية في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
ارتفاع الإحصائيات
تشير الإحصائيات إلى أن حالات العنف في مناطق شمال شرقي سوريا ازدادت، ويرجع ناشطون ارتفاع الأرقام إلى تنوع أشكال العنف وازديادها، إضافة إلى أن الوصول إلى حالات العنف أصبح أسهل من ذي قبل.
وتقول إدارية في منظمة “سارا” لمناهضة العنف ضد المرأة، إن إحصائيات العنف ضد المرأة تزايدت من عام 2020 إلى عام 2024.
وبحسب إحصائيات منظمة “سارا” في 2024، تم تسجيل حوالي 400 حالة عنف ضد المرأة حتى بداية الشهر الجاري، أبرزها: ضرب وإيذاء، ومحاولة انتحار وانتحار، وابتزاز الكتروني، وتعدد الزوجات وزواج قاصرات، وقتل.
والعام الفائت 2023، سجلت المنظمة أكثر من 1000 حالة عنف ضد المرأة، أبرزها: ضرب وإيذاء، ومحاولة انتحار وانتحار، وتعدد الزوجات وزواج قاصرات، وقتل، وخلافات زوجية.
وفي عام 2022، سجلت المنظمة أكثر من 300 حالة عنف ضد المرأة، أبرزها: ضرب وإيذاء، وانتحار، وقتل، وخلافات زوجية.
وعام 2021، سجلت المنظمة أكثر من 250 حالة عنف ضد المرأة، أبرزها: ضرب وإيذاء، ومحاولة انتحار وانتحار، ودعارة، وقتل، وتهديد بالقتل، واغتصاب، وفي عام 2020، سجلت المنظمة 21 حالة عنف ضد المرأة، أبرزها: الانتحار ومحاولة الانتحار.
وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام المذكورة هي إحصائيات رسمية وأن الأرقام الفعلية أكبر من ذلك.
قضايا العنف والمحاكم
تقول أرزو تمو، إدارية بمنظمة “سارا”، لنورث برس، إن هناك اختلافاً بين هذه الأعوام، حيث ترتفع وتزداد الإحصائيات كل سنة، ويختلف شكل العنف وممارسته ضد النساء.
وتقول إنهم يتلقون ضمن المنظمة الكثير من حالات العنف، لكن الأكثر شيوعاً هي “قتل النساء، وحالات الاغتصاب، والضرب والإيذاء”.
وتضيف: “بدورنا نقوم بكتابة الادعاء بشكل رسمي، لأننا الطرف العام بهذه القضية”.
وتذكر: “نكون متابعين للقضية مع النيابة العامة والجريمة المنظمة وديوان العدالة الاجتماعية، ونكون حاضرين أثناء الجلسات التي يتم تحديدها من قبل ديوان العدالة الاجتماعية حتى الانتهاء من القضية وإصدار القرار الرسمي”.
وتبين أنه “في حال لم يكن القرار عادلاً، من حقنا كمنظمة لمناهضة العنف ضد المرأة استئناف القرار وطعنه”.
وتوضح تمو أن “أغلب حالات القتل التي تحدث بحق النساء بشكل عام تكون تحت مسمى الشرف، وفي هذه الحالة يقوم طرفا العلاقة بالصلح ودفع مبلغ مالي”.
وتقول الإدارية بمنظمة “سارا” إن “هناك فرق بنسبة للعنف والإحصائيات بمقاطعة الجزيرة بالنسبة للنساء اللواتي تعرضن للعنف، مقارنة بإقليم الفرات”، وأرجعت السبب إلى “التمسك بالمعتقدات العشائرية والعادات والتقاليد ضمن تلك المناطق”.
وتبيّن أن القوانين لم تأخذ مجراها بإقليم الفرات فيما يخص قوانين حماية النساء والعقوبات التي ترتكب بحق الأشخاص اللذين يقومون بقتلهم وتعنيفهم، “لذلك نسمع عن حالات انتحار النساء ودفنهن دون معرفة أسباب القضية”.
“تغيرت المعطيات”
تقول ستير قاسم، مسؤولة في شبكة “قائدات السلام” وناشطة نسوية، إنه “منذ مطلع عام 2011 ومع بداية الثورة الفكرية التي حدثت في مناطق شمال شرق سوريا تغيرت المعطيات كثيراً بالنسبة للنساء”.
وتضيف قاسم لنورث برس، أن “الكثير من الإنجازات والمكتسبات تحققت، منها قانون الأسرة والمبادئ والأحكام الخاصة بالمرأة، منها مبدئ الرئاسة المشتركة”.
وتذكر أنه “ومع جميع القوانين والأحكام التي حدثت على أرض الواقع وحقوق المرأة المصانة بالعقد الاجتماعي، نلاحظ إلى الآن أن ظاهرة العنف ضد المرأة تزايدت”.
وتبين أنه لدينا اليوم أنواع جديدة من العنف، كعنف تهجير القسري، والعنف ضد النساء في المناطق المحتلة، والعنف السياسي، ومحاربة المرأة لعدم وصولها إلى مراكز صنع القرار، والعنف الالكتروني وهو ظاهرة شديدة الخطورة على النساء، بحسب ستير قاسم.
وتشدد على أنه بحسب الإحصائيات الموجودة لدينا هناك صراع دائم في المجتمع، وظاهرة العنف ضد المرأة لا تزال موجودة وتتزايد.
وتقول الناشطة النسوية: “لذلك علينا نحن كنساء ومنظمات مجتمع المدني ومنظمات نسوية أن نعمل معاً، ونتكاتف من أجل معالجة أسباب هذا العنف ووضع حد لهذه الظاهرة للوصول بالنساء إلى بر الأمان”.
عنف بأشكال عديدة
تقول هويدا محمد، وهي نائب في هيئة المرأة بمقاطعة الجزيرة، لنورث برس، منذ بداية العام الجاري استقبلنا أكثر من 40 حالة عنف أغلبيتها كانت عن طريق الابتزاز الالكتروني، والتعنيف من قبل الأهل، بالإضافة إلى حالات الهروب والخيانة الزوجية.
وتضيف أنه خلال السنوات الأخيرة “ازدادت حالات العنف ضد المرأة في مناطق شمال شرقي سوريا، مشيرة إلى استهداف المرأة بشكل مباشر وكان لها النصيب الأكبر في التضرر من الحرب والنزوح”.
تشير المسؤولة النسوية إلى أن المرأة في السابق كانت تتعرض للعنف نتيجة فرض العادات والتقاليد المجتمعية والذهنية الذكورية عليها، لكن اليوم الوضع مختلف تماماً ونتيجة الأزمات هناك عنف بأشكال وأنواع عديدة تمارس بحق المرأة.
وتقول إن النساء اللواتي يعشن داخل المخيمات الآن أوضاعهن مأساوية ويتعرضن لحالات عنف واستغلال وهي محرومة من جميع مقومات الحياة.
كما تبين أن العنف لا يتركز فقط بالجسدي، فهناك حالات متنوعة من العنف ضد المرأة، كالظلم والقتل والاغتصاب وحالة القتل بذريعة الشرف والخيانة الزوجية والزواج القاصر بالإضافة إلى تعدد الزوجات.
وتذكر أنه سابقاً لم يكن يتواجد هنا بمناطق شمال شرقي سوريا جهات خاصة وداعمة للنساء، لكن بعد تأسيس الإدارة الذاتية، تشكلت عدة منظمات وهيئات خاصة بالمرأة، فهناك دار المرأة، ومؤتمر ستار وهيئة المرأة بالإضافة إلى عدة تنظيمات نسائية أخرى.
ويكمن الحل وفق مراقبين، في الاستجابات القوية ومحاسبة الجناة وتسريع العمل من خلال استراتيجيات تقلل الهوة بين الجنسين، وزيادة التمويل لحركات حقوق المرأة.