راما الصباح – دمشق
في ظل تفشي البطالة وغلاء المعيشة في سوريا، يعاني الشباب من ضغوطات كبيرة، مما يدفعهم إلى البحث عن طرق ملتوية لتأمين لقمة عيشهم، مثل برامج كسب المال عبر الإنترنت.
من بين هذه البرامج، يُعتبر “الإيشانسي” من أكثرها انتشاراً، وهو موقع للمراهنات على الرياضات، وخاصة كرة القدم، ويعمل بشكل غير قانوني وغير موثق، حيث يتم الاشتراك به من خلال وكلاء.
ومع مرور الزمن يصبح العديد من الشباب مدمنين على البرنامج، مما يؤدي إلى تراكم الديون عليهم، ومع عجزهم عن السداد، يقوم داعمو البرامج بالتوجه إلى منزل المشترك وأخذ المبلغ المترتب عليه عنوةً”، بحسب ما يقوله ناشطون في مجال هذه الألعاب.
“الإيشانسي”
ويقول إبراهيم العلي (٤٢ عاماً)، هو اسم مستعار لأحد موزعي اللعبة من دمشق، لنورث برس، “يتواصل معي شخص يريد تحميل التطبيق فأطلب منه الدخول على بوت يحتوي على رابط اللعبة ثم يقوم الشخص (المشترك) بإدخال رقم هاتفه على اللعبة ثم يصله كود فيحول عليه مبلغ مالي عن طريق سيرتيل كاش”.
ويضيف بأنه “يكون قد اشترك أو شحن اللعبة ومن بعدها يصبح المشترك يشحن عن طريقنا بالمبلغ الذي يريد من الليرة إلى ١٠ مليون”.
ويشير العلي، إلى أن “اللعبة تنقسم إلى قسمين قسم المراهنات على مباريات كرة قدم أوروبية وكل لعبة لها rate أي مبلغ مالي محدد للرهان حسب أهمية المباراة، والقسم الثاني لعبة الشجرة (شجرة الحظ) ويمكنك شحنها كل يوم أو يومين أو أسبوع”.
ويبين أن طريقة سداد المشتركين للمبالغ المترتبة عليهم تكون عن طريق أن “نوقعه على سندات أمانة فارغة أو نأخذ منه رهن دهب أو سيارة أو عقار إلى أن يتم تسديد المبلغ”.
ويذكر: “أما طريقة تسليم الأرباح للمشتركين فيكون إما عن طريق اليد أو من خلال حوالة مالية”، مبيناً أنه كموزع يحصل “على ٣٠% من أي مشترك”.
أرباح واحتيال
يقول حسين (٢٨ عاماً)، وهو أحد الشباب اللذين يلعبون بلعبة “الاشانسي” من دمشق، إنه “بعد محاولات رفاقي المتكررة بإقناعي تنزيل اللعبة كونها تحقق أرباح كبيرة وأنا داخل المنزل قمت بتنزيل اللعبة على هاتفي”.
ويضيف حسين، لنورث برس: “في البداية كنت سعيداً بربحي ولكني تحولت إلى مدمن عليها، وفيما بعد أصبحت أخسر”.
ويشير إلى أنه أصبحت أصرف كل راتبي خلال ساعات وأيام وكنت استدين من أهلي ورفاقي لأستمر في هذه اللعبة.
ويبين إلى أن “اللعبة هي نصب واحتيال على البشر، وأنا واحد من آلاف الشباب اللذين ضحك عليهم وخسروا مالاً كثيراً وأصبحت عليهم ديون كثيرة”.
ويذكر أنه “أستدان من موزعي اللعبة وأصبحوا يطالبونه ويطرقون الباب على منزل أهله وهددوه فاضطر والده أن يبيع شيء من ممتلكاته ليسد الدين”.
آثار سلبية
يتحدث فادي (٥٢ عاماً)، صاحب مطعم، عن الآثار السلبية لألعاب الانترنت، قائلاً: “هناك أُناس تورطت بأشياء خطيرة معتقدة أنها مجرد لعبة أو تسلية تكسب منها مال كي تقضي على الفقر ولكنها أوصلته لمرحلة أن يبيع بيته أو سيارته أو يضطر للسرقة والنصب”.
ويذكر، لنورث برس، تفاصيل حادثة جرت في مدينة جبلة جراء ممارسة لعبة (الايشانسي)، “منذ عشرين يوماً في مدينة جبلة شاب يطلق النار على نفسه بالبندقية ويموت أمام زوجته وأولاده وذلك لتورطه بديون كبيرة جداً بقيمة ٤٠ مليون ليرة بسبب اللعبة”.
ويضيف “هناك غياب تام للأهل والتربية وهذه من الكوارث المضافة التي نعيشها بسبب الحرب التي مرت علينا”.
يقول أُبي (٤٠ عاماً) صاحب صالون حلاقة، لنورث برس: “هناك شباب خسروا أعمالهم فمثلا أنا اضطررت أن أطرد أكثر من شاب يعملون في صالوني بسبب انشغالهم لوقت طويل في ممارسة لعبة الايشانسي على هواتفهم النقالة”.
ويضيف أن “هناك صديق لي حدثت مشاكل بينه وبين زوجته نتيجة خسارته مالاً كثيراً على اللعبة إلا أن وصلا إلى مرحلة الطلاق، وأيضاً هناك صديق آخر لي اضطر أن يحلف ولده كي لا يعود اللعب فيها مرة أخرى ولكن لا جدوى من ذلك فهم أصبحوا مدمنين على استخدامها ولا شيء يردعهم”.
ويقول محمد (٢٤عاماً)، من سكان جبلة، لنورث برس: “لعبة الإيشانسي متحكمة جداً بعقول الشباب ولا يستجيبون لنصائح أهلهم، فمعظمهم يعتمدون على السرقة كي يسددوا ديونهم أو قد يبيعون ممتلكاتهم كالسيارات أو الهواتف النقالة أو غيرها”.
وشير إلى أن هناك شباب غرر بهم بسبب الإشاعات عن هذه اللعبة، قائلاً: “هناك شباب تلعب بعقول شباب أخرى بتنزيل اللعبة بحجة أنها تدر عليهم أموالاً كثيرة، ولكن بالحقيقة هذا وهم ولا يوجد لا ربح ولا مال فمعظم الشباب تصدق ذلك نتيجة حالة الفقر التي يعيشونها”.