الفعاليات الثقافية بدير الزور لإحياء التراث وتعزيز التواصل المجتمعي
عمر عبد الرحمن – دير الزور
قرر سليم هذا العام المشاركة بعرض فني عن تراث مدينته دير الزور في شعور يعيد إليه الأمل بغد أفضل لمدينته التي عانت الكثير من ويلات الحرب.
وتعتبر دير الزور، شرقي سوريا، واحدة من أبرز المناطق السورية التي شهدت تحولات كبيرة خلال السنوات الأخيرة من عمر الأزمة المستمرة منذ أكثر من عقد ونيف.
وكانت مدينة دير الزور وريفها آخر معقل لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” تحررت على يد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بدعم التحالف الدولي أواخر عام 2019.
تعزيز الهوية الثقافية
على الرغم من التحديات التي واجهتها مدينة دير الزور، إلا أن المهرجانات والفعاليات الثقافية التي تقام سنوياً أصبحت بمثابة منارة للتواصل بين المجتمعات المحلية، بحسب الفنان الشاب سليم.
ويقول سليم العبيد، من سكان مدينة دير الزور، لنورث برس، إن هذه الفعاليات تسهم في تعزيز الهوية الثقافية، وتوفير منصة للتعبير عن الفنون والتراث.
ويضيف أن ذلك يعزز من روح التعاون والتفاعل بين سكان المدينة بمختلف خلفياتهم.
وتضمن عرض سليم في مهرجان وادي الفرات، مجموعة من الفنون الشعبية والتراثية التي تعكس تاريخ وثقافة دير الزور، مما لاقى إعجاباً كبيراً من قبل الحضور.
ويشير إلى أن عرضه الفني لاقى نجاحاً في المهرجان وجذب انتباه الكثير من السكان، مما أتاح له فرصة التواصل مع فنانين آخرين، على حد قوله.
ويقول: “بفضل هذا المهرجان، استطعت تشكيل مجموعة فنية مع هؤلاء الفنانين بهدف إحياء التراث الثقافي للمدينة”.
ويشدد على أن هذه التجربة عززت ثقته بنفسه، وساهمت في إعادة الروح الجماعية للمجتمع، واصفاً: “لقد شعرنا جميعاً بأننا جزء من شيء أكبر، وهو إحياء تراثنا الثقافي”.
ويطمح سليم في المستقبل إلى المشاركة في فعاليات ومهرجانات متنوعة أخرى.
إحياء التراث
يقول أحمد الخالد من سكان ريف دير الزور الشرقي، وهو متطوع في مشروع مهرجان وادي الفرات، إن “المهرجان جاء ثمرة لجهود مجموعة من الشباب من أبناء المنطقة”.
ويضيف لنورث برس، أن الهدف من المهرجان الذي أقيم في مدينة هجين شرقي دير الزور على مدار ثلاثة أيام هو إحياء تراث دير الزور.
ويشير إلى أنهم توصلوا إلى صيغة مناسبة لتنفيذ المهرجان بعد التخطيط والتنظيم وطرح الأفكار.
ويلفت إلى أنه كان من أهم جوانب المهرجان التنسيق بين الحرفيين والخبراء والتجار ومكتب المنطقة الشرقية، بالإضافة إلى دعوة الأهالي وتنظيم الفعاليات بشكل عام.
ويقول منظم المهرجان: “تضمنت فعالياتنا مجموعة متنوعة تهدف إلى تعزيز الهوية الثقافية وتعريف الجمهور بالتراث المحلي”.
ومن أبرز هذه الفعاليات هي المعارض الفنية، حيث استعرض المهرجان الأعمال التقليدية للفنانين في مجالات الفنون التشكيلية والنحت والخزف، مما أتاح لهم فرصة إبراز مواهبهم، بحسب “الخالد”.
ويضيف أنه كما تم تنظيم أسواق لبيع الحرف اليدوية والمنتجات التقليدية مثل السجاد والفخار والمجوهرات، بهدف تأسيس الاقتصاد المحلي، إضافة إلى ذلك تضمن المهرجان حفلات موسيقية ورقصات شعبية.
كما نظم القائمون على المهرجان ورش عمل لتعليم الحرف التقليدية مثل النسيج وصناعة الفخار وفنون الطهي التقليدي، وتخلل المهرجان مسابقات ثقافية في الشعر والخصائص الشعبية.
تقاليد شعبية
يقول عواد الفريح مسؤول في لجنة الثقافة والآثار بمجلس المنطقة الشرقية بدير الزور، إن تاريخ دير الزور يمتد لآلاف السنين، حيث كانت المنطقة مأهولة منذ العصور القديمة.
ويضيف أنها تقع على ضفاف نهر الفرات، وقد لعبت دوراً مهماً في التجارة والزراعة.
كما يشير إلى أن دير الزور تأثرت بالعديد من الحضارات، بما في ذلك السومرية، والأكادية، واليونانية، والرومانية، والعربية الإسلامية.
وتتميز ثقافة دير الزور بتنوعها، حيث تضم مجموعة من العادات والتقاليد الشعبية التي تعكس تاريخ المنطقة، بحسب مسؤول لجنة الثقافة والآثار.
والتقاليد الشعبية المتعارف عليها في دير الزور تشمل الفنون الشعبية مثل الدبكة والموسيقى التقليدية، بالإضافة إلى الحرف اليدوية مثل النسيج وصناعة الفخار، تعد جزءاً أساسياً من التراث الثقافي.
كما أن المطبخ الديري غني بالأطباق التقليدية التي تعكس التنوع الزراعي في المنطقة.
ويقول مسؤول مكتب الثقافة، إن المكتب يلعب دوراً حيوياً في إحياء التراث في دير الزور من خلال مجموعة من الأنشطة والمبادرات التي تهدف إلى الحفاظ على الهوية الثقافية للمنطقة أبرزها التوثيق والحفظ.
ويضيف أن المكتب يقوم بتوثيق التراث الثقافي والشعبي، بما في ذلك الأغاني الشعبية والحكايات والأساطير، لضمان عدم فقدان هذه العناصر القيمة.
ويعتبر هذا التوثيق خطوة أساسية للحفاظ على الذاكرة الجماعية والتراث الثقافي للأجيال القادمة.