هل تميل روسيا لتقليص الوجود الإيراني في سوريا؟
موسكو – نورث برس
أنشأت القوات الروسية العاملة في سوريا، مؤخراً، تسع نقاط على مشارف هضبة الجولان السورية لتنفيذ عمليات مراقبة عبر الجو والبر.
تزامنت – ربما من باب الصدفة- مع إعلان إسرائيل أنها عثرت على أسلحة روسية متطورة بحوزة حزب الله في جنوب لبنان، بما فيها صواريخ كورنيت المضادة للدبابات، تقول تل أبيب إن الحزب حصل عليها من مخازن الجيش السوري.
وترى تل أبيب أن موسكو يجب أن تلعب دورًا للضغط على إيران لوقف إرسال الأسلحة من سوريا إلى حزب الله، من خلال مراقبة طرق الإمداد أو الضغط المباشر على دمشق.
فيما يشدد خبراء روس على أن الحديث عن أي دور روسي جديد في سوريا سيمر عبر التنسيق مع الحكومة المركزية في دمشق كمسألة “سيادية”.
اتفاق تسوية
من الأهمية بمكان في هذا السياق الإشارة إلى ما تحدثت عنه مصادر إسرائيلية حول استعداد سوريا للمشاركة في اتفاق للتسوية بين لبنان وإسرائيل لا تتضمن التدخل بالشأن الداخلي اللبناني.
وبحسب المصادر ذاتها تم الطلب من الرئيس السوري بشار الأسد منع تهريب أسلحة إيرانية إلى حزب الله.
لم يقابله تأكيد رسمي روسي حول وجود هكذا اتفاق، على الرغم من تأكيد موسكو مرارًا وتكرارًا أنها تدعم بشكل مبدئي الحلول السلمية والسياسية للأزمات.
فيما يشير الخبير في الشؤون الشرق أوسطية، أندريه أونتيكوف، إلى أن الحديث عن “استعداد موسكو للعب دور داخل سوريا وكأنه يتماهى مع الرغبات الإسرائيلية هو من نسج الخيال الصحفي ويفتقد إلى الصلة بالواقع القائم”.
ويضيف بأن الهدف الإسرائيلي من إظهار الموقف الروسي بهذا الشكل هو محاولة لإثارة الشكوك حول دورها في سوريا وصولًا إلى تشويه حقيقة عمل القوات الروسية وإظهارها وكأنها حرس حدود.
ويوضح في هذا السياق أن نقاط المراقبة التي قامت روسيا بتثبيتها على مشارف السياج الفاصل بين هضبة الجولان والقنيطرة هي “موجودة أصلاً”.
ويبين أنه جرى زيادة عددها بطلب رسمي سوري وفي محاولة “لمنع أيّ تصعيد إسرائيلي ضد سوريا، بعد تصريحات لمسؤولين إسرائيليين في هذا الاتجاه”، على حد قوله.
مرحلة خطيرة
من جانبه، اعتبر الباحث في الشؤون الدولية سيرغي بيرسانوف، في تصريح لنورث برس، بأن العالم بات على أعتاب مرحلة جديدة وخطيرة بانتظار ما سيعلن عنه الرئيس الأميركي المنتخب مؤخرًا دونالد ترامب من مواقف تجاه الحربين في أوكرنيا والشرق الأوسط.
كما يرى بأن الحديث عن تبدلات في الدور الروسي في سوريا من شأنها أن تضر بالعلاقات مع دمشق وطهران، لا يتناسب مع طبيعة المرحلة الحالية.
مشيراً إلى أن المرحلة الحالية تشهد أكبر أزمة في تاريخ الصراع مع المنظومة الغربية والتي تتطلب المزيد من التعاون والتنسيق مع البلدان التي تعتبرها موسكو شركاء لها في المنطقة، ومن بينهم إيران وسوريا.
ويقول بيرسانوف، إن “روسيا مستعدة للعب دور الوساطة بين الخصوم في المنطقة ولكن تحت سقف موافقة كافة الأطراف على هذا الدور، لأن من شروط نجاحه أن يلقى القبول والتمتع بالاتزان”.
ويجزم الباحث الروسي بأنه على ضوء الأوضاع المتوترة حاليًا في الشرق الأوسط، فإنه من غير الواقعي الحديث عن تغيرات جوهرية في طبيعة دور القوات الروسية في سوريا لا يراعي مصالح الدولة السورية.
ويبين أن ذلك قد يتسبب في إحداث شرخ في العلاقات مع طهران لا سيما مع غياب أفق لتوقف الحرب في كل من لبنان وغزة.
كما يستبعد بيرسانوف في هذا السياق أن تؤدي الضغوط الغربية ومن جانب بعض الدول العربية على دمشق إلى إحداث تحولات في مواقفها.
ويشير إلى أن زيارة مستشار المرشد الأعلى في إيران علي لاريجاني، هي رسالة دعم قوية لدمشق وتوحي بأن إيران ستذهب بعيدًا في دعمها لدمشق أيًا تكن العواقب.
فيما تشير مصادر مطلعة أن روسيا طلبت مؤخراً من “الحرس الثوري” الإيراني إخلاء مقرات الميليشيات التابعة لإيران القريبة من مطار دير الزور العسكري، وعدة مواقع أخرى في مدينة دير الزور.
ويأتي ذلك بعد أيام من تقييد دمشق، بدعم من روسيا، أنشطة الميليشيات التابعة لإيران و”حزب الله”، لتجنب الاستهداف الإسرائيلي.