غرفة الأخبار- نورث برس
يرى محللون سياسيون عرب في الشأن الإيراني والسوري أن الإدانات الخجولة للحكومة السورية للهجمات الإسرائيلية على مواقع وأهداف إيرانية ضمن أراضيها، تعبر عن رغبة دمشق في تقليص الوجود الإيراني، فهل سوريا تريد بالفعل إخراج إيران من جغرافيتها.
وهذا أيضاً ما ذهب إليه العديد من التقارير الصحفية، بأن هناك ضغوطات تمارسها اسرائيل على الحكومة السورية للحد من النفوذ الإيراني وحزب الله اللبناني في سوريا.
وكثفت إسرائيل من هجماتها على مواقع وأهداف إيرانية في سوريا منذ بدء تصعيدها العسكري في غزة في تشرين الأول/ أكتوبر العام 2023، وكان آخرها على مدينة تدمر بريف حمص وسط سوريا، حيث استهدف مطاراً عسكرياً ومقرات إيرانية، وأسفرت عن مقتل 36 شخصاً وإصابة 50 آخرين وفقاً لوزارة الدفاع السورية.
“عبء كبير”
يقول الباحث في الشأن الإيراني وجدان عبد الرحمن، إن “إيران وأذرعها في سوريا أصبحت عبئاً كبير اً عليها، وعلى علاقتها بالدول العربية، لأن الدول لم تقم بالإعمار في سوريا، ودعم الاقتصاد السوري بسبب التواجد الإيراني الكبير”.
ويضيف عبد الرحمن، لنورث برس: “بعد أن أيقن الرئيس السوري بشار الأسد، أن نظامه لم يعد مهدداً من قبل المعارضة، بدأنا نشهد أن التوتر بينه وبين الدول الغربية قد خف، حتى الدول العربية أعادت علاقتها بسوريا وهذا كله يتطلب من سوريا بعض التغيرات في الداخل منها عدم التواجد الإيراني”.
ويشير المحلل السياسي الذي يقيم في لندن، إلى أن إيران بدأت تتخوف من أن الأسد يحاول التخلص من هيمنته، مضيفاً: “حتى أن تصريحات لكبار المسؤولين والأمنيين والعسكريين في الداخل الإيراني، بدأت توجه أصبع الاتهام في الاستهدافات والاغتيالات التي طالت القادة العسكريين والسياسيين إلى الأجهزة الأمنية السورية”.
ولذلك “يحاول النظام الايراني تقوية العلاقات مع النظام السوري من خلال الزيارات المتزايدة للمسؤولين الإيرانيين إلى دمشق، وإرسال رسالة، بأن العلاقات بين البلدين لا زالت قوية متينة”، بحسب عبد الرحمن.
الابتعاد عن الساحات
يرى مدير المركز العربي للبحوث هاني سليمان، أن سوريا ليست مرتبطة بشكل كامل بوحدة الساحات، هناك رغبة في محاولة عزل نفسها عن هذه المقاربة بشكل كامل.
ويضيف سليمان، لنورث برس: “إيران في فترة من الفترات عندما ضاقت عليها الضغوط، وكان هناك وجود تهديد لبقاء نظام، هي لم تعد تتحدث عن وحدة الساحات، بل بدأ يتحدث عن فصل الساحات، وبأن يكون هناك مواجهة من خلال حزب الله اللبناني”.
وبالتالي إذا ما كانت إيران لجأت إلى هذا في وقت من الأوقات، فأن “النظام السوري غير ملتزم بهذه الوحدة الساحات، وأن لديه أهداف وربما المحددات والأغراض والاهداف باتت مختلفة بين النظام السوري والنظام الإيراني”، بحسب المحلل السياسي.
ويوضح سليمان أن “حالة التقارب والتطابق كانت موجودة في فترة من الفترات، فأنها اليوم وبعد استقرار النظام وسيطرته على مفاصل الدولة واستتباب الأمن بشكل كبير، لم تعد هناك نفس المحددات وخاصة في الوقت الحالي، والضريبة التي ستدفعها سوريا ضريبة كبيرة جداً، وبالتالي النظام لا يريد أن يظل في هذه المقاربة من وحدة الساحات”.
الضغوطات الاسرائيلية
يؤكد مدير المركز العربي للبحوث هاني سليمان، أن الضغوطات الاسرائيلية على “النظام” حقيقية خاصة مع تنامي الدور الخاص بحزب الله اللبناني في الداخل السوري في الفترات الأخيرة، إضافة إلى “الميليشيات” الأخرى.
ويقول سليمان، لنورث برس، إن “هناك قلق اسرائيلي شديد تجاه هذه الممارسات وعلى اعتبار أن هذه الجبهة ربما تكون تشكل جبهة بديلة لتحل محل جبهة حزب الله اللبناني بعد الضربات المتتابعة، وبعد فراغ القيادات السياسية”.
والساحة السورية قد تكون “أحد أهم الجبهات التي تساهم في الضغط على إسرائيل ومن شأنها أن تقوم منها إيران بالعديد من العمليات والهجمات ضدها في أوقات مختلفة، وشهدنا ذلك في الشهور السابقة”.
ويضيف أن “إسرائيل تحاول تصفير المهددات والتخلص من هذه الضغوطات الموجودة بمحاولة استمالة أو الضغط على النظام السوري”.
لكن الباحث والمحلل السياسي جمعة العيسى، يشيد بدور سوريا في محور المقاومة واصفاً إياها بأنها “قلعة الصمود بمحور المقاومة، وهي قلب هذا المحور”.
ويضيف العيسى لنورث برس، أن كل ما يحصل في سورية هو للضغط على سوريا، لإيقاف دعم المقاومة”.
ويشدد على أن “سورية ليست مرتبطة أو تابعة لإيران، فسورية تحارب الكيان الصهيوني وتدعم حركات المقاومة قبل قيام الثورة في إيران”.
ويشير العيسى إلى أن الهجمات الإسرائيلية “الهمجية هي لإيقاف دعم المقاومة وقطع طرق الامداد ونقل الذخائر من سورية الى لبنان”، مستشهداً بالقول “الاعتداءات على القصير والجديدة ونقطة المصنع خير شاهد”.