تراجع كبير بإنتاج الزيتون في كوباني عن الموسم الماضي

فتاح عيسى – كوباني

انخفض إنتاج أشجار الزيتون العائدة للمزارع الأربعيني مزكين من 22 عبوة (تنكة) زيت في العام الفائت إلى ثلاث عبوات فقط خلال الموسم الحالي.

ووفق بعض المزارعين في كوباني، فإن أشجار الزيتون التي كانت تنتج عشرين كيلو غراماً من الزيتون سنوياً، لم يتجاوز إنتاجها هذا الموسم ربع الإنتاج في العام الفائت.

انخفاض الأسعار وغلاء المازوت

يقول مزكين عطي (39 عاماً)، مزارع من قرية “تل غزال” بريف كوباني الجنوبي، والذي يملك 486 شجرة زيتون، إن التراجع الكبير في إنتاج الزيتون رافقه انخفاض كبير في أسعار زيت الزيتون.

ويضيف عطي، لنورث برس، أن سعر عبوة الزيت وصلت في العام الماضي إلى مائة دولار، بينما لم يتجاوز سعر التنكة خلال الموسم الحالي ستين دولاراً.

ويعزو مزارع الزيتون قلة الإنتاج، إلى قلة الأمطار وعدم قيام المزارعين بري أشجارهم بشكل كاف لارتفاع تكاليفها في ظل ارتفاع سعر مادة المازوت.

ويشير إلى أن “غلاء المازوت تسبب برفع أصحاب صهاريج المياه لتسعيرتها إلى عشر دولارات (حوالي 150 ألف ليرة)، بعد أن كانت لا تتجاوز مائة ألف ليرة سورية”.

من جهته يقول خليل حسن (59 عاماً)، مزارع من ريف كوباني الجنوبي، “إن إنتاج الزيتون خلال الموسم الحالي يعتبر منخفضاً، مثله مثل إنتاج القمح”.

ويضيف حسن، لنورث برس، أن “الشجرة المعمرة التي كانت تنتج عشرين كيلو من الزيتون كل عام، لم يتجاوز إنتاجها خمسة أو ستة كيلو غرامات هذا الموسم”.

ويشير إلى أن المزارعين انتظروا هطول الأمطار وأجلوا قطف الزيتون كي يتحسن الإنتاج دون جدوى، “لأن كميات الأمطار الخريفية كانت قليلة جداً”.

ويبين المزارع أنه لم يسق أشجاره بشكل كاف بسبب ارتفاع سعر مادة المازوت، وهو ما أثر على ضعف الإنتاج، على حد قوله.

ضرر في كل المواسم

بدوره يقول محمد بركل (55 عاماً)، مزارع من ريف كوباني، إن “ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف من جهة، وقلة هطول الأمطار من جهة أخرى، تسبب بضرر في كل المواسم”.

ويضيف بركل، لنورث برس، أن “المزارعين تضرروا هذا العام في كل المواسم الزراعية من “الزيتون والقمح والشعير والفستق” وكافة أنواع المزروعات الصيفية والشتوية. 

ويشير إلى أن سعر زيت الزيتون انخفض مقارنة مع العام الفائت رغم أن الإنتاج كان في العام الفائت جيداً، بينما في هذا العام الإنتاج قليل والسعر منخفض.

ويذكر أن إنتاج العام الفائت من الزيتون كان يقارب خمسة أضعاف إنتاج العام الحالي، مشيراً إلى أن أشجاره “التي أنتجت ألفي كيلو من الزيتون في العام الفائت، لم يتجاوز إنتاجها خمسمائة كيلو في الموسم الحالي”.

كما ينوه بأن عدم توفر مادة المازوت بسعر مناسب للمزارعين، أدى لارتفاع تكاليف الحراثة، وتكاليف ري الأشجار، وبالتالي إهمال المزارعين لسقاية أشجارهم.

لايغطي تكاليف وأجور العمال

من جهته يقول صالح شيخو (53 عاماً)، مزارع من قرية “نوردان” جنوبي كوباني، والذي يملك ثلاثة هكتارات (30 دونم) مزروعة بالزيتون، إنه كان يسقي أشجاره في كل عام عبر الصهاريج.

ويضيف لنورث برس، أن كل صهريج ماء كان يكلفه مائة ألف ليرة سورية، بينما في هذا العام يطالب أصحاب الصهاريج بمبلغ عشرة دولارات لكل صهريج ماء.

ويشير إلى أنه بات يحتاج إلى خمسمائة دولار لسقاية أشجاره مرة واحدة فقط، لافتاً إلى أن المزارعين الذين يمتلكون جراراً زراعياً يستطيعون ري أشجارهم بتكلفة أقل، بينما المزارع الذي لا يمتلك جراراً زراعياً يواجه صعوبات في ري أشجاره.

ويرى شيخو أن “انخفاض سعر “تنكة” الزيت من 95 دولاراً في العام الفائت إلى نحو 55 دولاراً في الموسم الحالي، الأمر الذي يجعل ري الأشجار بالصهاريج خسارة للمزارعين”.

كما يشير إلى ارتفاع أجور عمال قطاف الزيتون، حيث أن أجرة العامل اليومية تبلغ 125 ألف ليرة سورية، على حد قوله.

ويقول شيخو إنه وبسبب ضعف الإنتاج، فإن قطاف الزيتون لا يغطي تكاليف وأجرة العمال.

غياب الدعم والاهتمام

يطالب مزارعو أشجار الزيتون في كوباني الإدارة الذاتية بمساعدتهم في توفير مادة المازوت بسعر مناسب أثناء حاجة الأراضي للسقاية.

ويقول شيخو، إن توفير المازوت بسعر مناسب سيساعدهم في العناية والاهتمام بأشجارهم التي زرعوها منذ نحو 20 عاماً، في ظل قلة خيارات وفرص العمل في المنطقة.  

إلى ذلك يقول مصطفى أبو سليمان  وهو صاحب معصرة زيتون في ريف كوباني الجنوبي، إن ضعف إنتاج موسم الزيتون في عام 2024، سببه المناخ وقلة الرعاية والاهتمام.

ويصف أبو سليمان، إنتاج موسم العام الفائت من الزيت والزيتون في كوباني بـ “الضخم”، الذي عاد بالفائدة على المزارعين بشكل عام بسبب ارتفاع أسعار زيت الزيتون.

ويشير إلى أنه تم تصدير الزيت إلى الخارج (الدول الأوربية) في العام الفائت والتي كانت تستقبل “تنكة” الزيت السوري بوصفها “نوع أول”، حيث تراوح سعر “تنكة” الزيت بين 90 ومائة دولار بسعر الجملة.

ويضيف أن هذه الأسعار باتت غير موجودة في الأسواق، لأن إنتاج زيت الزيتون في المنطقة في العام الحالي بات يصنف كـ “نوع ثاني”، وأن سعر “تنكة” الزيت بين التجار تتراوح بين 50 و60 دولار حالياً”.

ويقول أبو سليمان أن معصرته في السنة الفائتة “كانت تعمل على مدار 24 ساعة خلال موسم قطاف الزيتون، وكان المزارعون يحجزون الدور في المعصرة بعد أسبوع”، على حد وصفه.

بينما يتم تشغيل المعصرة لمدة تتراوح بين عشر واثنا عشر ساعة فقط يومياً، بسبب ضعف الإنتاج، على حد قوله.

ولم يختلف أجرة عصر الزيتون عن العام الفائت، حيث أن أجرة عصر الطن الواحد من الزيتون هو 63 دولاراً، وتباع “تنكة” عبوة الزيت الفارغة بمبلغ “دولارين” للمزارعين بحسب أبو سليمان.

فيما لا يتجاوز إنتاج العام الحالي نسبة 35 بالمائة من إنتاج العام الفائت، وسعر تنكة الزيت تباع بنصف سعرها في العام الفائت.

تحرير: خلف معو