ريف دير الزور.. تحديات تعرقل إعادة الإعمار

عمر عبد الرحمن – دير الزور

عانت دير الزور، شرقي سوريا، شأنها شأن العديد من المناطق السورية الأخرى ويلات النزاع لفترة طويلة، مما أدى إلى تفاقم أزمات أمنية وإنسانية فيها دون وجود حلول لها.

ويشهد ريف دير الزور تحديات جمة تتعلق بالاستقرار والأمن، حيث تكثر الجماعات المسلحة والنزاعات المحلية، مما يؤثر سلباً على حياة السكان ويعيق جهود إعادة الإعمار والتنمية.

وفي ظل هذا الواقع، تبرز الحاجة الملحة لفهم الوضع الأمني الراهن والتحديات التي تواجه السلام، بالإضافة إلى استشراف التطلعات المستقبلية التي يمكن أن تسهم في بناء بيئة مستقرة وآمنة.

فقدان الأمن

يقول محمد السالم، من سكان بلدة ذيبان بريف دير الزور، لنورث برس، أعيش في بلدة ذيبان الواقعة على ضفاف نهر الفرات منذ سنوات عديدة، وأعمل في مجال الزراعة، وأملك مزرعة صغيرة أزرع فيها الخضار وأبيعها، وكانت هذه المزرعة مصدر رزقي الرئيسي.

ويضيف أنه “مع تصاعد الهجمات في المنطقة، تعرضت مزرعتي للتدمير وفقدت جميع المحاصيل التي كنت أعتمد عليها، وكلما حاولت العودة إلى أرضي وزراعتها مجدداً، كانت القذائف تتساقط حولي، مما يمنعني من القيام بذلك”، مبيناً أن الوضع لم يعد يحتمل فالأمن مفقود والتهديدات تحاصرنا.

ويشير إلى أن الحياة تأثرت بشكل كبير في بلدتنا، ولم يكن الضرر محصوراً بي وحدي فغالبية سكان ذيبان يعانون من نفس المصاعب، حيث تفتقر البلدة حالياً لكافة البنى التحتية، ولا سيما في مجالي الاقتصاد والصحة، وأصبحت الأسواق خالية، والناس يعيشون في حالة من القلق والترقب.

ويناشد السالم الجهات المختصة والمنظمات الإنسانية بتقديم الدعم لإعادة إعمار البلدة، كما يطالب المجتمع الدولي بإيجاد حلول فعالة لحفظ الأمن والسلام في مناطقهم.

“معاناة كل يوم”

وتضم أم أحمد صوتها إلى صوت السالم، وهي إحدى سكان بلدة الباغوز شرقي دير الزور، وتعيش مأساة حقيقية، فهي أم لثلاثة أطفال، فقدت منزلها أثناء تواجد عناصر “داعش” في المنطقة خلال فترة النزوح.

وتقول أم أحمد، لنورث برس: “أعيش مع أطفالي في خيمة، حيث نعاني من قلة الغذاء والماء، ولا أستطيع تأمين احتياجات أطفالي، فكل يوم يمر علينا هو معاناة جديدة”.

تضيف أم أحمد أن الوضع يزداد سوءاً مع تصاعد الهجمات على مناطقهم، مما يزيد من شعورهم بعدم الأمان، مبينةً: “نفتقر إلى الأمان والسلم، وهذا يعيق تطلعاتنا وآمالنا في إعادة إعمار مناطقنا وتأهيل البنية التحتية التي تؤمن لنا حياة طبيعية”.

وتناشد أم أحمد مد يد العون للسكان الذين فقدوا منازلهم، وتطمح أن ترى بلدتها تعود كما كانت قبل الحرب، حيث يمكن لأطفالها أن يكبروا في بيئة آمنة.

ويقول رائد الدخيل، وهو طالب جامعي من دير الزور، لنورث برس، إنه بسبب النزاع دمرت البنية التحتية، مما جعل الوصول إلى الجامعة مستحيلاً، معبراً عن قلقه من تلاشي أحلامه التعليمية في ظل الظروف الحالية.

ورغم صعوبة الوضع، يظل رائد متمسكًا بحلمه في أن يصبح مهندسًا لإعادة بناء بلدته، ويطالب المجتمع الدولي بدعم جهود إعادة الإعمار وتوفير التعليم للشباب في المنطقة.

تحديات

يقول محمد العواد، ممثل عن منظمة أنصاف في المجتمع المدني في دير الزور، لنورث برس، إن الوضع الأمني في دير الزور تدهور نتيجة للهجمات المسلحة، بما في ذلك الهجمات الإيرانية، التي تهدد حياة السكان، مؤكداً تأثير ذلك على التعليم والمستقبل بشكل عام.

ويضيف العواد أن النزاع أدى إلى تدهور الاقتصاد المحلي، مع تزايد معدلات البطالة وارتفاع الفقر، ويطالب بحماية السكان ودعم إعادة بناء البنية التحتية الأساسية، مثل المدارس والمستشفيات.

فيما يقول سامي الحمد، محلل وباحث في شؤون السكان بدير الزور، لنورث برس، إن تعقيدات إعادة الإعمار في دير الزور سببه التصعيد المستمر في الهجمات.

ويؤكد باحث في شؤون السكان أن الحلول تتطلب استراتيجيات متعددة، تشمل تقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز الأمن.

ويضيف الحمد أن تعزيز الحوار بين الأطراف المعنية وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي أمران أساسيان لتحقيق الاستقرار في دير الزور، كما يبرز أهمية دعم المجتمع المدني في تعزيز التماسك الاجتماعي.

ويرى أن إعادة الإعمار وتحقيق الأمن في دير الزور ليست مجرد مطالب محلية، بل ضرورة إقليمية ودولية.

ويشير إلى أن ذلك يتطلب تعاونًا فعّالًا من جميع الأطراف لتوفير التعليم، وتعزيز الفرص الاقتصادية، وتحقيق السلام الدائم في المنطقة.

ويبين أن الرسالة الأساسية من جميع المعنيين في دير الزور هي أن الوضع يتطلب استجابة عاجلة ودعماً دولياً لتمكين السكان من استعادة حياتهم الطبيعية وإعادة بناء مجتمعهم.

تحرير: محمد القاضي