خلافات تشعلها موسكو بين دمشق وطهران في دير الزور

غرفة الأخبار – نورث برس

ظهرت بوادر خلافات بين القوات الحكومية والفصائل المدعومة من إيران في دير الزور شرقي سوريا، بالتزامن مع تصاعد التوترات في المنطقة، والتزام دمشق الصمت حيال ما يجري في لبنان وغزة واستهداف مواقع إيرانية في سوريا.

ومنذ بدء الحرب في غزة بين حماس وإسرائيل، اختارت دمشق عدم المشاركة في الحرب، وقيل إن ذلك جاء بعد رسالة حملتها الإمارات لدمشق وضغط روسي بعدم المشاركة في الصراع إلى جانب “محور المقاومة”.

ورغم عدم مشاركة الحكومة السورية في الصراع إلا أن فصائل إيرانية تتواجد على الأراضي السورية، هددت القواعد الأميركية واستهدفتها انطلاقاً من دير الزور بعشرات المرات.

وتحاول إيران جر دمشق إلى صراعها مع إسرائيل لاستخدامها كذراع كما الحال في لبنان واليمن وغزة، لكن الممارسات الإيرانية باتت تثير استياء الحكومة السورية.

بوادر خلاف

ظهرت بوادر خلاف في دير الزور، بسبب استمرار استهداف جماعات مدعومة من إيران لمناطق انتشار قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في دير الزور، وصلت إلى حد المواجهة.

وفي 2 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، اندلعت اشتباكات عنيفة، بين دوريات لقوات حكومية وعناصر مسلحين موالين لإيران بريف دير الزور الشرقي، على خلفية تحذيرات سابقة للأخيرة من شن هجمات على شرقي الفرات انطلاقاً من مواقع حكومية.

وقال مصدر حكومي بدير الزور، إن مجموعة مسلحة تابعة لإيران استهدفت مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بقذائف الهاون وأسلحة رشاشة، وتخشى القوات الحكومية من تعرضها لاستهدافات أميركية أو إسرائيلية، بحسب المصدر.

وأضاف أن المقرات الحكومية على ضفة الفرات الغربية حذرت المسلحين قبل أيام من الاقتراب من مواقعها لمهاجمة “قسد”، ما تسبب بخلافات بين الجانبين. ورفض المسلحون المدعومون من إيران التحذيرات ما أدى لاندلاع اشتباكات بينهم والقوات الحكومية، أسفرت عن إصابة ثلاثة مسلحين.

“الوعد الصادق”

يستبعد ابراهيم السراج، وهو محلل سياسي عراقي، وجود خلافات بين القوات الحكومية في دير الزور والجماعات والإيرانية والموالية لها. ويشير إلى أن طهران قد تطلق عملية جديدة تحت مسمى “الوعد الصادق3″، وستكون القواعد الأميركية في شرقي سوريا أحد أهدافها.

وتخطط إيران لإطلاق تلك العملية، وتعتبر أن القواعد الأميركية أهدافاً لها باعتبار أنها قد تشارك في ال على إيران، بحسب السراج. وتوقع أن تكون الحكومة السورية رافضة للمشاركة في العملية التي تخطط لها إيران، لذا تظهر بوادر خلاف أو اختلاف بوجهات النظر بين الطرفين.

وتنقسم مناطق السيطرة في دير الزور بين “قسد” والتحالف الدولي الذي يتواجد في قاعدتي العمر وكونيكو في شرق الفرات، والقوات الحكومية والفصائل الإيرانية في غرب الفرات بالإضافة لتواجد للقوات الروسية هناك.

ويقول السراح إن إيران لم تستهدف قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، بل تبعث رسائل إلى الولايات المتحدة أن قواعدها في المنطقة ليست بمأمن وقد تشمل العملية القادمة تلك القواعد في سوريا والعراق والأردن.

أوامر روسية

في 3 تشرين الثاني الجاري، داهمت دوريات “للحرس الجمهوري” في القوات الحكومية، مدعومة بآليات ومروحيات روسية، معبراً سرياً بين ضفتي الفرات بدير الزور شرقي سوريا، تستخدمه الفصائل الإيرانية لتهريب الأسلحة.

وقال مصدر عسكري، إن دوريات “للحرس الجمهوري” رفقة مدرعات روسية داهمت المعبر المائي الذي يربط بين بلدة المريعية بغرب الفرات، وبلدة خشام بشرقيه. وأضاف أن الدوريات اعتقلت عدد من العناصر المحليين الموالين لإيران، وأغلقت المعبر بسواتر ترابية ووضع نقطة عسكرية للحرس الجمهوري بالقرب منه.

وجاءت المداهمة بعد التأكد من استخدام المعبر من قبل الفصائل الإيرانية، لنقل الصواريخ والأسلحة إلى القرى السبع بريف دير الزور الشرقي، واستهداف قواعد التحالف الدولي في شرق سوريا، بحسب المصدر.

ويقول المحل السياسي الروسي ديميتري بريجع، إن الجماعات المدعومة من إيران تهاجم “قسد” بأمر من طهران التي تحاول زعزعة الاستقرار في مناطق شركاء التحالف الدولي. ويضيف أن روسيا تدفع باتجاه عدم استخدام إيران للأراضي السورية كساحة لحربها ضد إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

وتسعى روسيا للحد من نفوذ إيران في سوريا، التي تعمل على نقل حربها ضد إسرائيل وأميركا إلى الأراضي السورية.

وساعدت الحرب في غزة، روسيا على تقوية موقفها في سوريا، في ظل الاستهداف النوعي الإسرائيلي للفصائل والقادة الإيرانيين، واستطاع أن يعطي مجال كبير لتحركات موسكو التي وجدت صعوبة في السيطرة على أنشطة “الحرس الثوري” طيلة سنوات.

وتوقع المحلل الروسي أن تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل على تغييرات في المنطقة لا سيما دير الزور القريبة من الحدود العراقية بغية قطع الإمدادات عن حزب الله اللبناني. ويشير إلى ضرب الجماعات المدعومة من إيران في سوريا ستكون صلب السياسة الأميركية القادمة.

وقد يتم تشكيل تحالف عسكري اقتصادي على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهذا الأمر مطروح في ظل التغييرات الحالية التي تجري في المنطقة، والسياسات الجديدة التي سيتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بحسب بريجع.

ويقول إن روسيا تضغط على إيران لمنع اصطدام عسكري مع إسرائيل في سوريا، حيث تبحث موسكو عن استقرار وحماية قواعدها في البلاد.

وتعمل روسيا في الوقت الحالي على إبعاد الفصائل الإيرانية من جنوبي سوريا وجنوبها الغربي، عبر نشر نقاط مراقبة، كما برز دورها مؤخراً في كبح الفصائل الإيرانية عن تهديد قواعد التحالف الدولي بدير الزور.

إعداد وتحرير: أحمد عثمان