خيمة وعزبة.. موسم صيد الطيور بريف القامشلي

ديرك – نورث برس

مع عربة متنقلة تحمل أدواته واحتياجاته في البرية، اعتاد سمير منذ ثلاثة عقود على الخروج إلى رحلة صيد الطيور بريف القامشلي أقصى شمال شرقي سوريا.

ويعتبر صيد الطيور هواية قديمة لكثير من السوريين يرافقها الكثير من التعب والالتزام والمتعة.

العزبة

في خيم ينصبونها أو عربات متنقلة تعرف باسم الكشك أو “العزبة”، ينتشر صيادون لصيد الطيور في ريف ديرك (المالكية) بالقرب من الحدود السورية التركية.

يقول سمير يوسف إيليا (55 عاماً) من سكان مدينة ديرك، إنه يعمل في الصيد منذ 30 عاماً، ويستخدم عربة متنقلة تحمل أدوات الصيد.

أمام باب العزبة توجد عبوة ماء كبيرة وغاز سفري لتحضير الشاي والقهوة والبعض من احتياجاته اللازمة في البرية.

بينما يتفيأ الصياد بظل العزبة وعلى أنغام فيروز الصباحية يحتسي قهوته ويشير بيديه إلى الجبال المحاذية للحدود السورية التركية في إشارة إلى أماكن الطيور القادمة منها.

ويترقب الصياد عبر منظاره الطيور القادمة من جبال تركيا ويقضي أحياناً النهار كله في البرية على أمل أن يحالفه الحظ باصطياد الطيور الحرة الباهظة الثمن.

ويضيف “إيليا” لنورث برس، أن موسم الصيد في ريف ديرك يبدأ في شهر آب/ أغسطس ويستمر لنهاية العام في شهر كانون الأول/ ديسمبر.

واعتاد الصياد ربط وشاح على رأسه، واستخدام المنظار لساعات طويلة لاستكشاف تحركات الطيور القادمة من تركيا والجبال المطلة لمدينة ديرك.

ويشير إلى أن أغلب الطيور تأتي من الجبال المحاذية لتركيا وهي “الشاهين”، أما الطيور الحرة تكون نادرة.

ومع ساعات الفجر تبدأ عملية رصد الطيور، فيما ينتظر “إيليا” حتى ساعات الظهيرة بعد عدة محاولات لاصطياد الطيور الجائعة عبر شباك وكشة حمام لجذب الطيور العابرة والإمساك بها في شباكه.

ويبين أنه بعد فترة الظهيرة يصعب الإيقاع بالطيور في الشباك واصطيادها، إذ تميل الطيور للاستقرار والمبيت بعدها في مكان ثابت، ليبيت الصياد أيضاً ليلته في البرية حتى صباح اليوم التالي.

يشدد الصياد “إيليا” بأن من يعمل في هذا المجال عليه “أن يلتزم بمواعيد فترة الصيد وتأمين الاحتياجات والأدوات اللازمة للاستمتاع بنكهة الصيد حتى لو كانت مصيدته طيور صغيرة”.

موسم

رحلة البحث عن مصدر رزق، وحباً بمهنة الصيد، يدفع مجموعة صيادين للتنقل في موسم الصيد من ريف بلدة تل كوجر (اليعربية) بالقرب من الحدود العراقية، إلى ريف ديرك لاصطياد بعض الطيور وبيعها.

ورغم مخاطر التواجد بالقرب من الحدود التركية إلا أنها توفر مصدر دخل لعشرات السكان، إذ تصل أسعار بعض الطيور كالطير الحر، لأرقام خيالية بآلاف الدولارات.

ويقول منير عبدالله العوض، وهو من سكان ريف بلدة تل كوجر، إنه باع رفقة شركاء له قبل فترة طيراً وصل سعره لثلاثة آلاف دولار.

ويمارس ” العوض” مهنة الصيد منذ سنوات، يبحث عن الطيور المهاجرة من تركيا، على حد قوله.

ويضيف أنه “في مناطق الحسكة ودير الزور يكون الصيد وتجارته أكثر من مناطقنا، حيث يصل سعر الطير إلى 200 مليون ليرة سورية وأكثر”.

ويشير إلى أن “صيد الطير الحر يعتمد على الحظ بالدرجة الأولى، إضافة إلى مهارة الصياد في معرفة حيل وطرق الإمساك به”.

ويستخدم اغلب الصيادين في منطقة ديرك “المنظار” وطيور صغيرة لتكون طعماً للطيور الكبيرة، كما تحتاج المهنة لصبر كبير، وتفرغ تام، بحسب صيادي الطيور.

شباك وقفص

يمد الصيادون شِباك صيد شفافة في المساحات الزراعية وعلى ارتفاع ثلاثة أمتار، كما يستخدمون قفصاً بداخله طائر الحسون، أو شاهين صغير أو الحمام لجذب الطيور العابرة وإيقاعها في الشباك.

ويقول فرج عطية عيسى، وهو صياد من جنوب بلدة كركي لكي (معبدة)، إنه “للصيد قانون وواجب احترام الصيادين لبعضهم البعض”.

ويشير إلى أنه تكون المشكلة أحياناً هي عدم فهم بعض المبتدئين لنظام الصيد واحترام منطقة الصياد ومحاولة التجول بالقرب من “العزبة” مما يؤثر على عملية الصيد وسحب الفريسة لمنطقة أخرى.

ويضيف أنه أقام مع مجموعة صيادين خيمة تسمى “العزبة”و يصطاد أنواع مختلفة من الطيور المهاجرة والمقيمة، فهذه هوايته المفضلة منذ وقت طويل.

ويبين أن عملية صيد الطير الحر وطير الشاهين تكون أثناء الهجرة، وأغلب الطيور المتوفرة بالقرب من حدود تركيا هي طير “شاهين جبلي” وأسعاره زهيدة، أما الطائر الحر المهاجر أغلبه تركي وأسعاره جيدة.

ورغم ظروف الحرب التي يعيشها سكان المنطقة وخطر تجول المسيرات في الأجواء، إلا أن هواة الصيد بالقرب من الحدود التركية يمضون أوقاتاً طويلة في ممارسة هذه الهواية التي لطالما تعلقوا بها.

تحرير: خلف معو