حنين رمضان – دمشق
رتي السجاد من الفنون التقليدية التي تعبّر عن تاريخ مدينة دمشق، وهي حرفة قديمة عرفها السوريون عن أجدادهم ومازالت موجودة حتى يومنا هذا، ولكنها تواجه تحديات في الاستمرار مع دخول الآلات الحديثة.
ويحتل السجاد اليدوي الفاخر مكانة عالية في سوريا ويعتبر تراثاً لأنه ينتقل من جيل إلى آخر، ولهذا ظهرت حرفة الرتي لتصليح السجاد.
وفي سوق خجا بمنطقة الساروجة الأثرية بقلب العاصمة السورية دمشق، تتعدد بعض المحلات التي ما زالت محافظة على هذه المهنة.
هوية ثقافية
منذ نحو أربعين عاماً، مازال عامر يعمل في هذه المهنة، كأحد الحرفيين القدامى في سوق خجا بدمشق والذي ورثها عن أبيه وجده منذ نحو قرن، ارتبطت الحرفة بتاريخ عائلته وعراقة المدينة.
يقول عامر طباع (52 عاماً)، لنورث برس، إنه ورث هذه الحرفة عن أبيه وجده الأول سليم طباع قبل 75 عاماً وما زال يعمل بها “حفاظاً على تراث مدينة دمشق العريق”.
ويضيف أن هذه الحرفة واحدة من الحرف التقليدية التي تعكس التاريخ والجمال والأصالة الدمشقية، وتعتبر جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمدينة.
وبدأت علاقته بالسجاد منذ صغره، حيث كان يتابع والده وهو يعمل بحب وإتقان في هذه الحرفة التي تتطلب الدقة والصبر.
وتعمق طباع في أسرارها وعشق تفاصيلها، حتى أصبح خبيراً في جميع مراحل تصنيع السجاد وترتيبه.
ويشير إلى أن الحرفي يعتمد في هذه الحرفة على أدوات يدوية تقليدية بسيطة هي السنارة (إبرة الخياطة) والمقص العجمي فقط.
وتختلف مراحل تصليح السجاد باختلاف نوعه وباختلاف الضرر الذي تعرض له، فالسجاد الرث أو البالي يختلف عن السجاد الذي أصابه العثّ.
تحديات وإصرار
يقول الحرفي الدمشقي عامر طباع، إنه في ظل التقدم الصناعي واستخدام الآلات الحديثة، أصبح الحفاظ على الحرف التقليدية تحدياً كبيراً”.
ويشير إلى قلة الطلب على السجاد اليدوي، “فيما يقبل الناس بشكل أكبر لشراء السجاد الآلي الأرخص”، على حد وصفه.
ويضيف أن “هذه الحرفة تتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين، مما يجعلها غير مرغوبة بالنسبة للأجيال الشابة بما فيهم ابني الذي فضّل السفر والعمل في مهن أخرى رغم إصراري باستمرار هذه الحرفة والحفاظ عليها”.
فيما وعلى الرغم من التحديات، يتمسك عامر بعمله ويعتبره رسالة للحفاظ على التراث الدمشقي، فهو يرى أن نقل هذه المهارة من جيل إلى جيل ضرورة للحفاظ على الهوية الثقافية.
ويأمل أن يبقى هذا الفن متوارثًا في مدينته، ويرى في نفسه أنه ليس فقط حرفيًا، بل حاملاً لتراث ثقافي عريق يسعى للحفاظ عليه في ظل التحولات العصرية السريعة.
ويمثل عامر الطباع نموذجاً للإنسان المتمسك بتراثه وهويته، محافظاً على حرفة رتي السجاد الدمشقي رغم الظروف والتحديات التي تعترض طريقه.
وتجسد حكايته جهود الحرفيين المخلصين الذين يسعون للحفاظ على أصالة مدينتهم وعراقتها، ويأمل أن يبقى إرثه باقياً في حرفة السجاد الدمشقي الذي يروي قصصاً عن تاريخ دمشق وحضارتها.