الحسكة.. المواشي بين غياب الدعم وغلاء الأعلاف

دلسوز يوسف – الحسكة

يتجول أحمد العبود بين عشرات الرؤوس من الأغنام في سوق الماشية بمدينة الحسكة، شمالي سوريا، دون شرائها بالرغم من رخص أسعارها في الفترة الأخيرة لارتفاع سعر الأعلاف.

ويرتاد العبود سوق الماشية بشكل شبه يومي بهدف شراء عدد من الرؤوس، لكن صعوبة التربية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة يدفعه كغرار الكثيرين من أقرانه العزوف على الشراء.

وخلال الفترة الأخيرة، شهدت أسعار العلف ارتفاعاً ملحوظاً مع حلول الشتاء وغياب المراعي، مما يواجه المربون صعوبات جمة الأمر الذي يدفعهم إلى بيع جزء من قطعانهم بأسعار رخيصة لتوفير المصاريف.

“خسارة بخسارة”

يقول الرجل الأربعيني الذي يملك 80 رأس من الخراف، لنورث برس: “منذ نحو ثلاثة أشهر اشتريت عدد من الرؤوس بأسعار تجاوزت ثلاثة ملايين ليرة، لكن سعرها انخفض بمقدار مليون ليرة عن كل رأس وحالياً حركة البيع والشراء واقفة”.

ويضيف العبود: “لا أستطيع الشراء حالياً رغم رخصها، كل شهرين كل رأس يأكل بـ 500 ألف ليرة علف، وبعد شهر ينخفض سعره بأكثر من 500 ألف ويكون كل علفي وتعبي خسارة”.

ويبلغ سعر دونم بقايا القطن بـ 300 ألف ليرة (نحو 20 دولار أميركي)، وطن النخالة بمليونين و700 ألف ليرة، وطن التبن بأكثر من مليون ليرة، وطن الشعير أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون، وفق المربين.

فيما توزع الإدارة الذاتية مادة النخالة سنوياً كمية 50 كغ لكل ماشية بالسعر المدعوم، إلا أن هذه الكمية تعتبر قليلة بحسب المربين.

وبينما يعيش السوق ركوداً عاماً، يتساءل العبود: “لماذا نشتري، الأسعار كلها خسارة بخسارة؟”.

دون فائدة

ضمن سوق الماشية على أطراف مدينة الحسكة، ترتفع أصوات باعة ينادون بأسعار ماشيتهم إلا أن السوق بالكاد يلاحظ حركة المتسوقين للشراء بالرغم من رخص أسعارها.

ولطالما تؤمن تربية الماشية دخلاً لشريحة واسعة من السوريين في الجزيرة السورية، والتي تحتل المرتبة الثانية بعد الزراعة، باتت تربيتها نقمة لمربيها نتيجة الظروف المعيشية الصعبة.

وبينما يتجمع حوله عدد من الباعة، يشكو المربي خالد العبيدو الذي يملك 400 رأس من الغنم، من الخسائر التي يتكبدوها جراء تربية الماشية.

ويقول الرجل الخمسيني، لنورث برس: “نضع مبالغ باهظة لتربية الماشية، ولكن من دون فائدة نتعب ولا نجني مصروفنا”.

ويؤكد العبيدو أن العام الماضي رغم الجفاف كان أفضل من الحالي بسبب توفر العلف، بينما حالياً يقصدون السوق السوداء للشراء بأسعار مرتفعة دون وجود دعم من الجهات المعنية.

ويقول باستياء شديد: “كما ترى السوق واقف، والمربي بالكاد يبيع رأس أو رأسين من الأغنام”.

غياب الدعم

رغم محاولات للإدارة الذاتية لدعم قطاع الثروة الحيوانية في السنوات الماضية، إلا أن تأثرها بالجفاف وارتفاع أسعار العلف كبدت مربيها خسائر كبيرة وجعلت أعدادها في تراجع.

ويقول عبد الصالح، وهو دلال في السوق (الوسيط بين البائع والمشتري)، إن “وضع السوق سيء، المربين يجلبون ماشيتهم ويعيدوها معهم يومياً لعدم وجود حركة الشراء، وذلك نتيجة انقطاع الطرق والحروب في المنطقة بالإضافة لكوننا مقبلين على الشتاء والعلف باهظ الثمن”.

ويضيف الصالح، لنورث برس: “إذا بعث الخير وهطلت الأمطار، سوف يتحرك السوق وإذا كان الجفاف كما السنوات الفائتة سيبقى السوق راكداً”.

ومع انخفاض الأسعار، يشير الصالح إلى خراف ويقول: “ثمنها كانت 4 ملايين واليوم تباع بمليونين و 600 ألف ولا أحد يشتري”.

ويطالب تجار ومربو المواشي ضمن السوق بتوفير الأعلاف بأسعار منخفضة تساعدهم في الاستمرار، حيث يقول الصالح “الثروة الحيوانية تدمرت لغياب الدعم”.

تحرير: محمد القاضي