زانا العلي – دير الزور
أضحى عشرات العناصر المحليين من المنضمين إلى “الحرس الثوري الإيراني” والفصائل التابعة له في مناطق دير الزور وريفها موضع شكٍ واتهام بالنسبة لقادة تلك الفصائل منذ بدء الحرب في غزة.
وخلال الأشهر الأخيرة، تشهد مواقع “الحرس الثوري الإيراني” والفصائل الموالية له في عموم سوريا وريف دير الزور خصوصاً غارات إسرائيلية.
ويقول منتسبون “للثوري الإيراني” من ريف دير الزور، لنورث برس، إنه بعد بدء الحرب بين إسرائيل وحماس والضربات الصاروخية المتبادلة بين إيران وإسرائيل، لم يعد يتم الاعتماد أبداً على العناصر المحلية.
وفي الـ 25 من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، أعلن الجيش الإسرائيلي شن هجوم على إيران “رداً على الهجمات المتواصلة للنظام الإيراني ضد إسرائيل على مدار الأشهر الأخيرة”.
وقبلها بفترة وجيزة، أطلقت إيران أكثر من 200 صاروخ باليستي على أهداف متعددة بإسرائيل، وقالت حينها إن هذه العملية رد على مقتل “إسماعيل هنية وحسن نصر الله”.
فقدان الثقة
يقول حسين الحمد، اسم مستعار لأحد عناصر الفصائل التابعة لإيران في دير الزور اشترط عدم ذكر اسمه الحقيقي واسم فصيله العسكري خوفاً من الملاحقة والاعتقال، إنه منذ شهرين انقطع عنه الراتب.
ويعيش الحمد ومئات العناصر الآخرون من ريف دير الزور على الراتب الشهري الذي يستلمونه من تلك الفصائل الموالية لإيران، مبيناً أن قطع الراتب سببه “فقدان الثقة”.
ويضيف لنورث برس، أن “قيادات تلك الفصائل لم تعد تضع الثقة بالعناصر المحلية أبداً، وأنها أصبحت تعتمد فقط على العناصر الأجنبية من الإيرانيين والأفغان والعراقيين”.
وتسيطر إيران عبر فصائلها، على كافة المناطق الممتدة من مدينة دير الزور وصولاً لبلدة البوكمال الحدودية مع العراق، إضافة إلى سبع بلدات استراتيجية بريف دير الزور الشرقي.
ورغم وجود قوات حكومية في كل المناطق المذكورة، إلا أن إيران تتجاهل ذلك، وتفرض سيطرتها وقرارها على المنطقة بالكامل.
وتقول مصادر ميدانية تواصلت معها، نورث برس، بعضهم من عسكريين وذويهم، إن الفصائل التابعة لإيران ترفض دفع الأجور المتفق عليها للسوريين المحليين المنتسبين لفصائلها.
وتضيف المصادر أن الرواتب تختلف حسب الجنسيات، حيث تتراوح رواتب العناصر المحليين (السوريين) بين 30 و70 دولاراً أميركياً، بينما تتراوح رواتب الأجانب بين 300 و700 دولار.
عناصر أجنبية
يقول الحمد إنه “في الوقت نفسه، لا تزال إيران تستورد عناصر أجانب إلى سوريا، ويتم دفع أجور العناصر الأجانب وتوفير المعدات لهم، بينما لم تُدفع للسوريين أجورهم”.
ومنذ بداية التدخل الإيراني في سوريا، فضل الحرس الثوري الاعتماد على العناصر الأجنبية، حيث يسعى لتعزيز وجوده العسكري من خلالهم، “ويعتبر هؤلاء العناصر أكثر ولاءً والتزاماً بسبب خلفياتهم الدينية والسياسية”، وفقاً للمصادر.
وتضيف المصادر أن الحرس الثوري الإيراني يتبع استراتيجية استخدام عناصر من خارج سوريا، حيث يعتبرهم أكثر فعالية في تنفيذ الأهداف السياسية والعسكرية.
ورغم ذلك، تقول المصادر إن قطع الرواتب تسبب في توتر واسع بين العناصر المحليين، مما أدى إلى تدهور الروح المعنوية وفقدان الثقة في القيادات الإيرانية.
كما زادت هذه الإجراءات من الانشقاقات داخل صفوف العناصر، وأثرت سلباً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لعائلاتهم، بحسب المصادر.
الاستمرار خوفاً
تقول مصادر من داخل “الحرس الثوري”، لنورث برس، إن بعض العناصر المحلية لا يزالون مستمرين في البقاء ضمن صفوفه رغم عدم حصولهم على رواتب.
وتضيف أن “ذلك يعود لعدة أسباب منها الحماية من التجنيد الإجباري في القوات الحكومية أو عدم قدرتهم على الخروج من مناطقهم بسبب ملاحقتهم أمنياً في مناطق أخر”.
وانخفض عدد العناصر المحليين بشكل كبير في دير الزور، حيث تم اعتقال بعضهم بسبب تسريب معلومات أو لأسباب أخرى، بينما انسحب آخرون بسبب الظروف الأمنية، بحسب المصادر ذاتها.
وتشير المصادر إلى أنه مع استمرار قطع الرواتب، بات العديد من العناصر المحليين يعتمدون على أساليب غير مشروعة مثل التشليح وفرض الإتاوات على السكان.
ودخلت إيران إلى الضفة الغربية في دير الزور بنهاية عام 2017 بحجة مساندة القوات الحكومية، في قتال تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وعند الانتهاء من القتال، بدأت إيران باستراتيجية “التمدد والتغلغل”.