كيف تؤثر عملية سلام محتملة في تركيا على شمال شرقي سوريا؟
غرفة الأخبار – نورث برس
يرى محللون أن انطلاق أي عملية سلام داخلية “جدية” بين تركيا والكرد سيكون لها تأثير مباشر على مناطق شمال شرقي سوريا، “وستؤسّس لحالة من التفاهم وحسن الجوار بينهما”.
وتشن القوات التركية “بحجة حماية أمنها القومي”، منذُ سنوات وعلى فترات متقطعة قصفاً عنيفاً على المنشآت الخدمية في شمال شرقي سوريا، تسببت بخسائر بشرية وأضرار مادية كبيرة، كما قامت بعمليات عسكرية برية إلى جانب فصائل سوريا معارضة موالية لها خلال عامي 2018- 2019 ، سيطرت بموجبها على مناطق عفرين وسري كانيه/ رأس العين وتل أبيض.
“تشكيك وتخوف”
يقول، شورش درويش، وهو محلل سياسي كردي، إنّ انطلاق أي عملية سلام جدّية وشفافة في تركيا سيكون له أثر كبير على الأوضاع في شمال وشرق سوريا، مضيفاً أن “قوات سوريا الديمقراطية إلى جانب كافة التعبيرات السياسية الكردية السورية تؤيد أي عملية سلام داخلي في تركيا”.
ويُشير في تصريح لنورث برس، إلى أنّ “أي عميلة سلام في تركيا ستنعكس على الأوضاع في شمال شرقي سوريا، وقد تؤسّس لحالة من التفاهم وحسن الجوار بينهما”.
وكان رئيس حزب الحركة القومية التركي، دولت بخجلي، قد دعا أواخر تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، المعتقل منذُ العام 1999، إلى الحديث في البرلمان التركي، واعتبر كثيرون أنها كانت دعوة لسلام داخلي، رغم فشل عملية سلام في 2013 وفشل وقف إطلاق النار بين الجانبين لعدة مرات خلال سنوات الحرب التي استمرت أكثر من 40 عاماً.
ويشكك درويش المقيم في ألمانيا من جدية تصريحات قطبي الحكومة التركية في إشارة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ودولت بخجلي، ويقول: “لا يمكن الحديث حتى اللحظة عن عملية سلام إنّما الحديث الجاري هو عن تصريحات غير مفهومة لقطبي الحكومة بهجلي- أردوغان ترد فيها كلمة سلام، وهي بالتالي أقرب لتصريحات مضلّلة إذ لا توجد إجراءات بناء ثقة أو تمهيدية يمكن أن تعكس جدية الحكومة التركية”.
وبحسب المحلل السياسي فإن هناك “حذر كردي ومخاوف من أن يضمر الحديث عن السلام سياسات قمعية وعنيفة تسعى إليها الحكومة التركية” وفق تعبيره.
“حيّز سياسي أكبر”
يقول، إسحاق إندكيان، وهو أستاذ في العلاقات الدولية مقيم في واشنطن، إن انطلاق إي عملية سلام في تركيا سيخفف من الضغط التركي على شمال شرقي سوريا.
ويرى أن “أي عملية سلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني سيعطي المكوّنات الأساسيّة في المنطقة متنفّسا ً أكبر وأوسع لتنظيم صفوفهم والاهتمام بالمسائل اليوميّة والمصاعب الحياتية للمواطنين، وسيكون للإدارة الذاتية دور أكثر فعالية في الحياة الإجتماعية والسياسية في مناطق شمال وشرق سوريا”.
ويُضيف إندكيان لنورث برس: “إذا ما توصّل الأتراك إلى سلام عادل وشامل مع الكرد فذلك سيريح المنطقة، إذ سيزول الضغط الأمني والعسكري التركي ضمن تفاهمات وإجراءات مشتركة مع الجانب الكردي مما يؤدي إلى تهدئة التوترات في المنطقة ويتيح إطلاق عملية إعادة الإعمار وعودة استتباب الأمن والاستقرار”، بحسب قوله
ولا يخفي الأستاذ في العلاقات الدولية المصاعب التي ستواجه أي عملية سلام في تركيا، “الطريق ليست سهلة للتوصل لاتفاق سلام، ثمة مصاعب عدة تحول ولابد من إجراء نقاشات جدية وعميقة وشاملة تضمن عملية بناء الثقة المفقودة بين الطرفين”.
“دمشق وأنقرة”
سورياً، يقول مصطفى صلاح وهو باحث في العلاقات الدولية، إن عملية سلام في تركيا ستؤثر على الوضع في سوريا، لأن هذا “المسار الإيجابي” في حال اكتماله سيعزز من فرص التوصل إلى اتفاق مع سوريا باعتبار أن تركيا لجأت إلى تدويل هذه الأزمة الداخلية ومعالجتها بالقوة العسكرية على الأراضي السورية، بحسب قوله.
ويضيف صلاح المقيم في القاهرة لنورث برس، أن “الملف الكردي يحتل مكانة هي الأهم في مسار تطور العلاقات التركية السورية وهي أحد الملفات العالقة التي يمكن لحسمها أن يكون قوة دافعة وركيزة أمنية مهمة في بناء الثقة المتبادلة بين الطرفين”.
ويعتقد أن تكون الورقة الكردية “الأكثر استخداماً فيما يخص وضع التصورات الحالية والمستقبلية ولقد كان هذا الملف العامل الذي وظفته تركيا في احتلالها مناطق الشمال السوري وتهجير سكانها وتغيير العملة وتتريكها تمهيداً لنزع هويتها الثقافية والسكانية وهو ما ترفضه دمشق”.