لأجل “المال والشهرة”.. ممثلون سوريون يلجؤون إلى تيك توك

أحمد كنعان – دمشق

ازدادت في الفترة الأخيرة ظاهرة ظهور فنانين وممثلين سوريين على منصات التواصل الاجتماعي مثل التيك توك وغيرها ومن أشهر الفنانين الذين يستخدمون هذه التطبيقات نزار أبو حجر وهدى شعراوي وجهان عبد العظيم وديما بياعة ومحمد قصاب  وكرم الشعراني وغيرهم.

وترى شريحة من الفنانين أن الحاجة المادية للفنان تبرر له الظهور على هذه التطبيقات لتلبية احتياجاته مبررين بذلك انخفاض الكم في الإنتاج الفني ما أثر على المستوى المادي لعدد كبير من نجوم الصف الثاني والثالث ودفعهم لكسب رزقهم من خلال هذه التطبيقات.

فيما يرى آخرون أن للفنان قيمة اجتماعية كبيرة وعليه أن يحتفظ بهذه القيمة مهما ساءت حالته المادية وإذا كان لابد له أن يستخدم هذه التطبيقات فعليه أن يرتقي بمستوى المحتوى الذي يقدمه.

دعم مباشر

يقول الممثل والمغني السوري محمد قصاب لنورث برس، “إن هذه التطبيقات انتشرت أيام الحظر بسبب فايروس كورونا وإن أصحاب المحتوى الحقيقيون هم من كانوا يظهرون على هذه التطبيقات”.

ويضف: أنه “لم يكن التيك توك لديه ميزة البث المباشر بل كان مجرد تحميل فيديوهات ومن ثم تطورت هذه التطبيقات حتى أصبحت على ما عليه اليوم”.

ويعتقد قصاب أن أغلب المتابعين لهذه التطبيقات تتراوح أعمارهم ما بين 13 و 20 عاماً، لذلك ما تراه شريحة معينة محتوى التطبيق تافهاً بينما تراه هذه الشريحة محتوى مهماً”.

ويشير إلى أن “الفائدة المادية ليست فقط من المشاهدات وإنما من الدعم المباشر الذي يقدمه المتابعون”.
وعن الأسباب التي تدفع هؤلاء لتقديم أموال الدعم والهدايا، يقول الفنان السوري محمد قصاب، إن “أغلبهم يريد إثبات وجوده أو يريد التباهي تماماً مثل الذين يرشون الأموال في الملاهي الليلية”.

فيما ينوه بأن هناك مغتربين يدخلون هذه التطبيقات للبحث عن أصحاب الحاجات الحقيقية لتقديم الدعم لهم”، على حد وصفه.

“كسلعة للبيع”

يقول “قصاب” عما إذا كان الفنانون يقدمون مستوى لائق بهم: “هناك من يستخدم أسلوب (التشليح) وهناك من يظهر كأنه متسول وهناك أيضاً من يستخدم التطبيق بطريقة سليمة وإيجابية”.

ويشير إلى أن التطبيق يدر أموال أفضل من أي عمل آخر، ويضيف: “في إحدى الحفلات التي أقمتها عبر ميزة البث المباشر حصلت على 6000 دولار ومن خلال التطبيق انتجت فيديو كليب كلفني 10 آلاف دولار”.

فيما يرى الممثل و السيناريست السوري زيد الظريف، أنه من الخطأ اعتبار الفنان حالة مختلفة، إلا إذا كان لديه منجزاً مختلفاً.

ويقول لنورث برس، إن “التعامل مع هذه التطبيقات ما هو إلا وسيلة للارتزاق المادي وتبقى المسألة شخصية ما يقبل الفنان على نفسه أو لا يقبل”.

ويعتبر “الظريف” أن “الأخلاق معيارية وأن كل إنسان لدية قانون أخلاق خاص به، فهناك من يرى التعامل مع هذه التطبيقات ليس عيباً وهناك من يرى أن هذا يقلل من قيمة الإنسان”.

ويشير إلى أن لا شيء مقابل العمل الفني، “أما إذا شاء الفنان أن يقدم شيء غير فني مقابل المال فهو بذلك يطرح نفسه كسلعة للبيع وهناك من يقبل بالنقص والجوع ولا يقبل بتحويل نفسه إلى سلعة”.

غياب المؤسسات المشغلة

يعزو الفنان السوري زيد الظريف بروز هذه الظاهرة لغياب المؤسسات المشغلة للفنانين والأسباب الاقتصادية القاسية التي دفعت البعض إليها”.

ويضع الظريف ثلاثة شروط لقبوله الظهور على هذه التطبيقات وهي أن يكون المحتوى لائقاً وعلى سوية فكرية عالية ويضيف لرصيده، وأن يكون المقابل المادي مساوياً للوقت المبذول لإنتاج هذا المحتوى”.

أما الشرط الثالث فكان الحصول على المعدات اللازمة لإنتاج هكذا محتوى، قائلاً: “في حال وجود مؤسسة مؤمنة بالمنطوق الفكري وبجدواه وانتشاره وتؤمن المعطيات اللوجستية فلست ضدها أبداً ولكن من الصعب توفر هذه الشروط”.

وربما من أكثر الفنانين السوريين استخداماً لمنصة التيك توك نزار أبو حجر، الذي أوضح في حديثه مع الإعلامية رابعة الزيات، أنه اتجه إلى تيك توك لكي “يتسبَّب”؛ فهو يعيش من تيك توك، وقليلاً من شغل التمثيل”ز

ولفت الفنان السوري أنه يفتح نقاشات وحوارات، وأفكاراً، وأحياناً يفتعل المشاكل من أجل الضحك.

وأضاف أن التيك توك أفضل من احتياجه لأي شركة إنتاج أو استرضائه لأي مخرج، قائلاً إن “هذه المنصة لم تفقدني ولو واحد بالألف من هيبتي، فهي تشبه الحياة فيها كل شيء”.

 وأشار إلى أن “كل إنسان يتحدث ضمنها في الاتجاه الذي يناسبه، لذلك التيك توك حبيبي، وأموت على التيك توك، وهو فتح لي دكان مع الله، أقول فيه المضامين التي أرغب بها”.

غلاظات وانتقاص

بينما ترى الممثلة السورية عهد ديب، أن متابعة التطور التكنولوجي أمر سليم في حال كان التعامل بشكل منطقي وجدي ويفيد وأن يكون له رسائل في شتى مجالات الحياة.

وتقول “ديب” لنورث برس: “أنا لا أحبذ الظهور على تيك توك لأنه يحتاج إلى تفرغ كامل وعقلية خاصة كما أنه سيؤدي إلى نقص في أدوات الفنان الذي سيحتك بشريحة من الناس قد لا تناسبه”.

وتضيف: “في حال كان المحتوى جيد فأكيد أنا معه أما إذا كانت القصة تحديات فقط فهذه أسميها (غلاظات) وفيها انتقاص من قيمة الفنان الأدبية والثقافية والفكرية”.

وتشدد بأن يكون لدى الفنان رسالة خاصة حتى يتحدث بشكل مباشر إلى الجمهور.

وتعتبر الفنانة عهد ديب، أن ظهور الفنانين على تيك توك هو حرية شخصية، فيما تقول إنها تفضل القراءة وحضور الأفلام وتطوير نفسها بأشياء مهمة أخرى”.

وتشير إلى أنها لا تستطيع التحدث إلى أشخاص لا تعرفهم ومستوياتهم مختلفة ومتفاوتة.

وعن الأسباب التي تدفع الفنانين للظهور على هذه التطبيقات تقول “ديب”: “هناك من يريد أن يزيد شهرته وهناك من يريد التواصل مع ثقافات أخرى وهناك من يظهر من أجل الاموال فقط”.

وفي الختام لم تخف الفنانة عهد رغبتها بالقول: “يدفعني الفضول للدخول إلى هذه التطبيقات لأفهم هذه البيئة فقط  لا غير ولكن لا أحد يعرف ربما يتحول الجميع إلى هذه التطبيقات”.

وبين مؤيد ومعارض، يبقى السبب الرئيسي في كل ذلك أن الحرب السورية وآثارها الاقتصادية المدمرة، وثقافة التريند المتفشية، تركت أثرها البليغ على الدراما السورية وممثليها.

تحرير: خلف معو