حلب: ” كتب مستعملة ودوام وهمي”.. تدهور التعليم في مدارس الحكومة
آردو جويد – حلب
تقول فاطمة قزاز والدة الطفل محمد برهوم وهو طالب في الحلقة الأولى بالصف الرابع، إن “مستوى التعليم في المدارس الحكومية تدهور بشكل كبير ويشهد إهمالاً وتراجعاً غير مسبوق”.
وكانت وزارة التربية التابعة لحكومة دمشق قد حددت الثامن من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي بدء العام الدراسي في جميع المدارس العامة والخاصة لعام 2024 -2025 في مناطق سيطرتها.
كتب رديئة ودوام وهمي
تضيف “قزاز” لنورث بر س، أن طفلها يحمل كتب مستعملة رديئة ومكررة عن الأعوام الماضية ويداوم لخمس ساعات فقط حاملاً وظيفة واحدة في يوم دراسي يحتوي على ستة حصص متنوعة بحسب البرنامج المدرسي.
وتقول متسائلة: “إذا كانت الكتب المدرسية المستعملة لم تعد من العناصر الأساسية في العملية التعليمية أين يكمن اعتماد الطلاب على الذات والابتكار والتفكير”.
وتشير إلى أن اعتماد الطلاب على حلول جاهزة في كتب مستعملة “سوف يؤثر سلباً على قدرتهم في التحصيل العلمي”.
وذكرت أن طفلها لم يعد يهتم بالمواد الدراسية وهو يتلقى التعليم بأدوات مستعملة وتحتوي على حلول مسبقة لأي درس كان، وهو ما لا يدع فرصة للطالب أن يفكر في حل أي مسألة، على حد وصفها.
وتقول إن دوام طفلها والطلاب الآخرين هو “دوام وهمي غير مفيد ولا ينتفع به الطلاب, وسط اعتماد المدرسين بطريقة أو بأخرى على الدروس الخصوصية”.
وتحمل الأم الحكومة السورية مسؤولية ذلك، مشيرة إلى أن الحكومة هي التي جعلت من التعليم في المدارس الخاصة النموذج الأول والرقم الصعب لأبناء الفقراء.
وكانت قد أعلنت مديرية التربية بحلب عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي في الثامن من أيلول/ سبتمبر الماضي، أن نحو 590 ألف طالب وطالبة توجهوا الى المدارس الحكومية في حلب وهي 1881 مدرسة 1205 في الريف و676 في المدينة.
فيما توجد في مدينة حلب 280 منشأة تعليمية خاصة منها 74 مدرسة و70 روضة و137 معهداً تعليمياً.
انسحاب المعلمين لتدني الأجور
أثر انسحاب أعداد كبيرة للمدرسين سلباً على العملية التعليمية في المدارس الحكومية لأسباب عديدة أهمها ضعف الأجور مما أجبرهم على البحث عن دخل يتماشى مع الحالة الاقتصادية المتفاقمة دون تدخل حكومي إيجابي لجهة تحسين رواتب المعلمين.
ويقول رؤوف العلي وهو محام وباحث من حلب، إن “مهنة التعليم كانت ترتكز على المعلمين القدامى في تقدم الأجيال وفي سابق الزمان كان الأستاذ يتصدر كل المجالس وله مكانة عظيمة في المجتمع حتى أتت حكومة دمشق وجعلت منه شبه متسول”.
ويضيف لنورث برس، أن “سياسة الحكومة هي أحد العوامل الأساسية وراء تراجع التعليم وأداء المعلمين إلى هذه الحالة المأساوية”.
ويشير إلى أن “الحكومة تعتبر وزارة التعليم مستهلكة وغير منتجة, وأن تسليم وزارة التعليم لأشخاص غير مختصين ساهم في تهميش متعمد لقطاع التعليم وهو مان كان واضحاً خلال السنوات الماضية”، على حد قوله.
ويؤكد أن هذه الأسباب أدت إلى “تخفيض الإنفاق الحكومي على التعليم وعدم توفير المستلزمات الأساسية للطلاب ورداءة الكتب المدرسية “.
ويقول “العلي”: “إن الحكومة جعلت الوزارة تتجه نحو التعليم الخاص ودعم كافة السبل في تحصيل إنفاق الوزارة من خلال التراخيص لمدراس أو معاهد خاصة تخضع لدفع رسوم مالية سنوية لصالح الوزارة”.
فيما يقول سمير الأحمد وهو اسم مستعار لمدير إحدى المدارس الخاصة بحلب، إن وزارة التربية “فرضت رسوم على المدارس والمعاهد الخاصة، لكنهم لم يتقيدوا بالدفع”.
ويضيف لنورث برس، أن “الرسوم الوزارية ونفقات المعلمين تفوق تلك الرسوم التي وضعتها الوزارة دون دراسة أنفاق حقيقية مع الوضع الحالي”.
وتبلغ رسوم المدارس الخاصة لشهادة الإعدادية نحو 11 مليون ليرة والشهادة الثانوية الفرع العلمي نحو 16 مليون ليرة سورية، بحسب “الأحمد”.
ويشير إلى أن سوء الإدارة وتدني أجور المعلمين يدفع بهم إلى التخلص من التعليم الحكومي والانتقال الى الخاص رغم أن الوزارة لا تسمح لهم بالعمل مع القطاعين بالشكل العلني.
ويقول إن “معظم المعلمين الشباب تقدموا باستقالات من المدارس الحكومية تم رفضها وحصلوا على إجازات دون راتب”.
ويشدد مدير المدرسة الخاصة على معاناة المدارس الحكومية في حلب من نقص شديد في الكوادر التعليمية ومنهم من نقل عمله للريف حتى يتثنى له العمل براحة في المعاهد والمدارس، على حد قوله.