نالين علي – القامشلي
يتأمل “عزيز” بناظريه جدران القصر وهو يجوب أرجاءه، فيتذكر أيام طفولته وشبابه قبل نصف قرن من الزمن.
في أقدم قصر في القامشلي, شمال شرقي سوريا، والذي يعود تاريخه إلى نحو مائة عام, يسترجع ابن مالك قصر الـ بك ذاكرته لنحو 25 عاماً قبل أن يغادرالقصر منذ نحو ثلاثة عقود.
95 عام
يقول عزيز محمد رشاد بك (63 عاماً), ابن عائلة ” رشاد بك ” المعروفة في القامشلي، إن ما يميز تاريخ المدينة هو هذا القصر الذي يعود تأسيسه إلى ما يقارب 95 عام.
ويقع قصر “رشاد بك ” الذي أسسه رشاد بك مطلع القرن العشرين بقرية محمقية في الجهة الشرقية لمدينة القامشلي على طرف الحزام الشمالي المحاذي للحدود التركية, ويبلغ مساحة القصر 15 ألف متر مربع (15 هكتار).
ويضيف: “منذ قرابة 35 عام خرجنا من القصر, وانتقلنا للعيش في مركز المدينة بعد أن قامت الحكومة السورية حينها بالاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في قرى محمقية وخربة عمو والعنترية .
في أعوام السبعينات من القرن الماضي، استولت الحكومة السورية على مساحات كبيرة من أراضي المزارعين والملاكين الكرد واستوطنت فيها قبائل عربية استقدمتها من الرقة عرفوا حينها بالـ “غمر”، بعد غمر أراضيهم بمياه نهر الفرات.
“القصر بقي كما كان”
يشير “عزيز” إلى أنه “عقب الاستيلاء لم يقبل جدي وأبي البقاء في القصر بعد أخذ مساحات كبيرة منه, لذلك انتقلنا إلى وسط المدينة, لكن القصر بقي على حاله ولا يزال الناس يستذكرونه ليومنا هذا”.
قصر “رشاد بك”, لا يزال محافظا على تصميمه منذ بداية تأسيسه, يقول “عزيز بك”، “إن الأبواب والشبابيك حتى جدرانه وجميع تفاصيل القصر لا تزال كما هي, أثرية لوقتنا هذا.
وبيَن أنه في حال تم تغيير أي زاوية في القصر سيفقد قيمته وتاريخه طيلة هذه السنوات.
ويشير إلى أنه على مر السنوات، “قضى في هذا القصر ثلاثة أجيال: جدي, أبي, ونحن , ولكن أولادنا لم يعيشوا فيه”.
مقصد للطوائف المدينة
قصر بك كان مكاناً للتجمع لدى عائلات القامشلي, ومن جميع الطوائف كانوا يقصدون القصر لعقد صلح أو اجتماع أو في مناسبات الأفراح و الأحزان.
الجميع كان ينظر إلى القصر “كمكان لتجمع العائلة وتبادل المحبة بين الأفراد, كل من كان يأتي إلى هذا القصر كان يعتبر كأحد أفراده, وكنا كعائلة وحدة”, حسب وصف ابن القصر.
في تلك الأيام لم تكن مدينة القامشلي بهذا التضخم العمراني, قائلاً: “من هنا كان يبان مركز المدينة, والمساحات كانت واسعة”.
التاريخ لا يموت, وتعد عائلة الـ ” بك ” هذا القصر هو تاريخهم, وأحد أهم وأقدم المباني بمدينة القامشلي, و”مهما مر عليه الزمن سيبقى محافظاً على عراقته واسمه بين سكان المنطقة”.