محللون: توغل إسرائيل في سوريا سيؤدي إلى “سقوط” دمشق

إحسان محمد – درعا

تتداخل التأثيرات الناتجة عن الأحداث في لبنان وغزة مع المشهد الداخلي في سوريا، حيث تتفاقم التحديات التي تواجه البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب الدائرة، في ظل انشغال القوى الدولية والمحلية بتحديد مواقفها واستراتيجياتها.

يعكس المشهد الحالي توازنات جديدة على الأرض في خضم النتائج المحتملة لهذه التغيرات على المستوى الإقليمي والدولي.

موقف الصمت

يرى الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية محمود الفندي المقيم في موسكو، أنه  في حال امتداد الصراع الإسرائيلي – اللبناني إلى الأراضي السورية سوف يزيد من صعوبة الوضع في سوريا.

ويقول “الفندي” لنورث برس، إن “سوريا ستتأثر في ظل الحرب الأهلية والاحتلالات التركية والأميركية لبعض المناطق السورية بالإضافة للظروف الاقتصادية الصعبة”، على حد وصفه.

 ويشير إلى أن دمشق منذ بداية الصراع في السابع من أكتوبر الماضي أخذت موقف الصمت، وهذا يعتبر جهد دبلوماسي، على حد قوله.

مبيناً أنها “لم تقم بفتح جبهات متعددة أو تدعم حماس كما فعل حزب الله اللبناني والحوثيون في اليمن والمقاومة الإسلامية في العراق”.

ويستبعد السياسي السوري المقيم في موسكو، أن تقوم إسرائيل بالتوغل في سوريا بأي شكل من الأشكال لسبب أساسي وهو وجود القوات الروسية.

ويقول: إن “روسيا لن تسمح لإسرائيل بالتوغل داخل الأراضي السورية، لأن هذا التوغل سيؤدي لفوضى في  سوريا و سيؤدي إلى سقوط الحكومة ودخول المنظمات الإرهابية مرة أخرى”.

مشيراً إلى أنه “منذ سبعة أعوام وحتى الآن لم تقم  طائرة إسرائيلية باختراق الأجواء السورية، إنما تقوم بقصف  سوريا من الأراضي اللبنانية أو البحر المتوسط”.

ويشدد أنه في حال قررت إسرائيل أن تهاجم الأراضي السورية، سوف تقوم روسيا بتفعيل منظومات الدفاع الجوي S300 الموجودة لدى الحكومة السورية والتي لا تزال مغلقة بسبب القلق الإسرائيلي، على حد قوله.

منوهاً بأن الفصائل الإيرانية وحزب الله “ساعدوا في الحفاظ على مؤسسات الدولة، ولا تستطيع الحكومة السورية الطلب من هذه المؤسسات أو المليشيات مغادرة أراضيها، لوجود إرهابيين في شمال غرب سوريا متمثلين بهيئة تحرير الشام”.

توسع الصراع

تقول ميس الكريدي، عضو الرابطة الدولية للخبراء السياسيين في دمشق، لنورث برس، إن “بنيامين نتنياهو بات مهووساً بالحرب ويسعى لتوسيع دائرة الصراع في المنطقة”.

وتضيف أن نتنياهو يحاول جَرّ العالم إلى حرب شاملة ليجبر الولايات المتحدة والغرب على حماية إسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر الماضي.

وتشير إلى أن “نتنياهو يحاول قلب المعادلة السياسية ليضع إسرائيل في مواجهة عالمية على أساس أنها كيان بحاجة إلى حماية”.

وتطرقت الكريدي إلى الوضع في لبنان، موضحةً أن الانقسامات الطائفية تُضعف الدولة وتجعلها غير قادرة على الاستقلال السياسي والاقتصادي.

وترى أن “إسرائيل تراهن على إمكانية إشعال حرب أهلية في لبنان تمتد إلى سوريا”.

مضيفة بأن “الصراع الحالي يتجاوز كونه صراعًا إقليميًا ليصبح جزءًا من مواجهة عالمية بين مشروع هيمنة أحادي القطبية، يقوده الغرب، ومشروع عالم متعدد الأقطاب”، على حد قولها.

وتتوقع توسع الصراع نحو دول أخرى في إفريقيا وآسيا، محذرة من أن هذا التوسع “يهدد الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي”.

وتنوه بأن سوريا كانت منذ البداية مستهدفة من قِبل القوى المهيمنة، زاعمة أن “سوريا كانت وماتزال تمنع خرائط الصهيونية ومخططاتها في المنطقة”.

مشيرة إلى أن كل ما يجري من “محاولات حصار وعقوبات اقتصادية ضد الشعب السوري هو جزء من المخططات التي تهدف إلى إخضاع سوريا وإبعادها عن تحالفاتها الاستراتيجية مع روسيا والصين وإيران”.

إعادة تموضع

فيما يرى الباحث والصحفي حسام البرم، المقيم في فرنسا، أن الأوضاع الأمنية في سوريا شهدت تحولاً جذرياً نتيجة سياسات دمشق لإعادة تموضع حزب الله اللبناني مؤخراً.

ويضيف أن “تأثير هذا التغيير، إضافةً إلى تراجع نفوذ الميليشيات المؤيدة لإيران ورغبة النظام السوري في التخلص من بعضها، أسفر عن تحول ملحوظ في موازين القوى داخل سوريا”.

مشيراً إلى أن النظام السوري، بدوره، يستفيد من الوضع الحالي ووجّه رسائل عبر حلفائه في الإمارات إلى إسرائيل، تفيد بعدم رغبته في الانخراط المباشر في هذا الصراع.

واستناداً إلى تصريحات لبعض الباحثين الإسرائيليين، “تبيّن وجود رضا لدى الجانب الإسرائيلي عن موقف الأسد منذ أكثر من عام، خاصة وأنه بذل جهودًا كبيرة لكبح تحركات الإيرانيين وحزب الله”, على حد قوله.

ويقول “البرم” إن “النظام السوري ينتهج سياسة توازن دقيقة بين حلفائه، محافظاً على علاقاته دون التصعيد المباشر، وذلك لتجنب أي مواجهة مفتوحة مع الإسرائيليين أو خسارة حلفائه”.

مبيناً أن دمشق تحرص على “إبقاء دعمها ضمن حدود رمزية دون تجاوزها، بهدف الابتعاد عن صراع مباشر”.

وتطرق “البرم” إلى تأثير التوتر الحالي على علاقة دمشق بحزب الله وإيران، مشيراً إلى أن الحزب بات يسيطر على جزء كبير من الاقتصاد السوري، بما في ذلك تجارة الكبتاغون ومؤسسات عسكرية وأمنية هامة.

ويضيف أن “الحزب يشكل ضغطاً على النظام الذي يسعى لاستعادة مؤسسات الدولة لتكون تحت سيطرته كما كانت قبل عام 2011، سواء كان ذلك عبر التخلص من المعارضة أو حتى بعض حلفائه”.

ويرى أن موسكو تلعب دوراً حيوياً في الضغط على دمشق، حيث تضمن التزامها بتنسيق المواقف مع الجانب الإسرائيلي.

ويقول إن روسيا بذلك إلى تقريب العلاقات مع إسرائيل، في إطار جهود دبلوماسية تشمل أيضاً الولايات المتحدة، سعياً لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في المنطقة وعلى الساحة الدولية، بحسب .

مؤكداً أن الدول العربية، ولا سيما الخليجية، تفضل ابتعاد سوريا عن التورط المباشر في النزاعات وتتبنى موقفاً داعماً للمدنيين بشكل عام وللقضية الفلسطينية، لكنها لا تتخذ خطوات فعّالة تؤثر مباشرة على مسار الصراع.

ويشدد على محاولات تركيا باستغلال الأزمة لأقصى حد، سواء عبر تحسين علاقاتها مع دمشق أو تحقيق تفاهمات مع إسرائيل، رغبةً في تحقيق مكاسب استراتيجية في المنطقة.

تحرير: خلف معو