القامشلي.. عمال بأجور متدنية ولا فرص دائمة تؤمن معيشتهم
القامشلي – نورث برس
مع بزوغ الشمس في كل يوم يتوجه العامل المياوم لقمان خلف، للجلوس على أرصفة الشارع العام بجانب دوار “الشهيد يوسف كلو” في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا بانتظار فرصة عمل تؤمن لقمة العيش لأفراد أسرته الخمسة.
وعمل سابقاً في مدينة الحسكة بمعمل للبلوك لمدة 15 عاماً، لكن بسبب قلة الأجور وتوقف حركة البناء، توجه إلى مدينة القامشلي قبل سبع سنوات.
ومنذ ذلك الوقت يعمل لقمان كعامل يومي في مجالات عدة مثل نقل البضائع وحمل الأثاث المنزلي والبناء وغيرها من الأعمال بحسب الطلب.
أجور متدنية
يشتكي “خلف” من قلة أجور العمال المياومين في ظل الغلاء المعيشي، ويقول لنورث برس، إن أجره اليومي يتراوح بين 10 و20 ألف ليرة سورية.
وخلال سنوات الأزمة السورية ازدادت معاناة العمال والكادحين من غلاء الأسعار في شمال شرق سوريا، بسبب تدني الأجور وتراجع حركة العمل مقابل الارتفاع الكبير لتكاليف المعيشة.
ويشير العامل المياوم إلى أن هذا الأجر لا يكفي لتأمين لقمة العيش لأسرته خصوصاً وأنه يعاني من الإصابة بالصرع.
ويضيف “مصاريف عائلتي من عملي اليومي، رغم أنني مريض بمرض الصرع واحتاج لدواء بمبلغ 100 ألف ليرة كل 15 يوم”.
ويتابع: “أحيانا أبقى دون عمل، وأغلب الأحيان لا أملك سعر الدواء لأن العمل غير متوفر دائماً”.
وباتت ظاهرة انخفاض أجور اليد العاملة تشكل تحدياً كبيراً للعمال لما لها من آثار سلبية على مستوى المعيشة، وخصوصاً أثناء تعرض العمال للإصابات أو المرض أثناء العمل، لأن أجورهم بالكاد تكفي لتلبية احتياجات معيشتهم.
وإلى جانب مطالبهم برفع الأجور يشير العمال إلى أن الجهات المعنية لا تحمي حقوقهم، خصوصاً في حال التعرض للإصابات أثناء العمال.
ويقول ناصر العيسى، الذي نزح قبل عشر سنوات من قرى ريف تل حميس إلى القامشلي، إنه “في حال تعرض أحد العمال لإصابة أو كسر أو ضربة شمس لا نرى أي جهة مختصة تقوم بمساعدتنا أو تساندنا”.
ويطالب “العيسى” الجهات المعنية في الإدارة الذاتية رفع أجور العمال وتقديم المساعدة لهم في أي مجال كان.
ويضيف أن “العامل يقوم بأعمال الصب والحفر وغيرها من الأعمال الشاقة مقابل أجر 10 أو 15 ألف ليرة ولا يكفي مصروفنا، وفي اليوم الذي لا نعمل فيه لا نملك المصروف وهذا وضعنا نقف قرب الدوار من الشروق إلى الغروب”.
فيما يقول محمود الجمع، عامل نظافة في بلدية القامشلي, لنورث برس، إنه أصيب سابقاً أثناء عمله في البلدية، نقل حينها إلى مشفى خاص في المدينة وأجريت له الفحوصات اللازمة.
ويشير إلى أن البلدية تكفلت بكامل تكاليف معالجته ومنحته إجازة نقاهة لستة أشهر دون أن يتوقف راتبه.
مساع وحلول
أسست الإدارة الذاتية أول اتحاد للعمال على مستوى إقليم الجزيرة عام 2016، وأنشأت بعد ذلك اتحادات عمالية في كافة المدن والبلدات في شمال شرقي سوريا بهدف متابعة شؤون العمال وحل مشاكلهم.
يقول شيرو محمد، الرئيس المشارك لاتحاد الكادحين شمال وشرق سوريا، لنورث برس، إنهم قاموا بوضع نظام للعمال تضمن بنوده حماية حقوقهم ومساعدتهم وتدريبهم.
ويضيف أن “العمال الذين يعملون الآن وهم منتسبون لاتحاد الكادحين جميعهم يملكون هويات من قبل الاتحاد، ولديهم لجان ورؤساء ومكاتب، أي أن العمل على هذا النظام تقدم بمستوى جيد”، على حد قوله.
ويشير إلى أنه في الوقت الحالي يعمل اتحاد الكادحين على حل مشاكل العمال عن طريق النظام والقوانين التي تخص العمال وفي حال حدوث مشكلة يتم حلها عبر المحاكم أو عن طريق التواصل مع أصحاب المشكلة.
ويؤكد أن أكثر من 70 ألف عامل استفادوا من الاتحاد خلال موسم الحصاد الذي انتهى مؤخراً عبر جمعهم ووضع رؤساء لكل ورشة لمتابعة أمورهم.
ويتابع: “في القطاع العام يوجد تطور كبير، وخلال الموسم الزراعي في العام الماضي كان العمال يتقاضون 10 آلاف ليرة سورية فقط لكل طن، وبعد التواصل مع الجهات المعنية في الإدارة الذاتية تمكننا من رفع أجور هؤلاء العمال إلى 26 ألف ليرة سورية، ومن هذا المبالغ يتم دفع ألف ليرة فقط لاتحاد الكادحين”، على حد قوله.
وعن آلية التعامل مع إصابات العمال خلال العمل، يوضح الرئيس المشترك لاتحاد الكادحين لشمال وشرق سوريا، شيرو محمد, لنورث برس، أن “الخطوة اللافتة التي استطعنا أن نقدمها للعمال هي تخصيص صندوق لمساعدة العمال (صندوق التعاون العمالي)”.
ويصل عدد العاملين المسجلين في هذا الصندوق تقريباً إلى 11 ألف عامل ويقدمون مساعداتهم لهذا الصندوق.
ويقول رئيس الاتحاد إنهم “ملزمون بتقديم الدعم لجميع الإصابات التي يتعرض لها العاملون خلال العمل، وتم تحديد نسب لهم”.
مبيناً أنه في حال تعرض عامل في شركة ما لإصابة في القدم أو اليد أو الظهر أو توفي، جميع هذه الحالات نقوم بحماية حقوقهم”.
ويشير إلى أنه “حتى النساء في حالات الولادات القيصرية يتم تعويضهم بنسبة تصل إلى 35 بالمئة”.
ويؤكد رئيس الاتحاد أن هذا الصندوق كان ضرورياً جداً للعمال وحتى الآن “تم تعويض عشرات العمال الذي أصيبوا في العمل، وحتى بعض العمال الذين تعرضوا لإصابات نتيجة القصف التركي قمنا بمساعدتهم”.
ويسعى اتحاد الكادحين إلى رفع أجور كافة العمال عن طريق الإدارة الذاتية والقوانين التي تتبعها، بحيث لا تقل أجورهم عن أجور موظفي الإدارة الذاتية أي لا تقل عن مليون ليرة سورية”, بحسب رئيس اتحاد الكادحين.