هل تتغير سياسة واشنطن الخارجية بعد الانتخابات الأميركية؟
غرفة الأخبار- نورث برس
تُثار تساؤلات عديدة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل حول تأثير نتائجها على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط بشكل عام وسوريا بشكل خاص.
ويرى مراقبون أنّ تاريخ الرؤساء الأميركيين يزخر بخلافات وتحولات في الرؤى بما يخص السياسة الخارجية.
ويبرز الاستحقاق الرئاسي القادم بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري تساؤلات وتوقعات حول مستقبل التواجد الأميركي في المنطقة وبالأخص في سوريا.
اختلافات
يقول مصطفى صلاح، وهو باحث في العلاقات الدولية، إنّ هناك اختلافات عميقة في رؤيتي كل من المرشح الجمهوري دونالد ترامب، والمرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، لطريقة تعامل واشنطن مع دوائر وحركة السياسة الخارجية.
ويرى أنّ هذا الاختلاف والتباين، يشمل كل من الحلفاء والمنافسين والأعداء بالإضافة إلى طبيعة الانتشار العسكري في كثير من دول العالم.
ويضيف صلاح، المقيم في القاهرة، لنورث برس: ” هناك رؤيتان تتوقف على من يصل للبيت الأبيض وإعادة توجيه السياسة الخارجية بأدوات مختلفة سواء دبلوماسية أو عسكرية أو اقتصادية، وبالتالي قد نجد تغيرات جذرية في هذه الملفات”.
ويُشير الباحث في العلاقات الدولية إلى أنّ هناك أمثلة كثيرة على ذلك منها: “التوقيع على الاتفاق النووي في عهد أوباما والانسحاب منه في عهد ترامب وهو الأمر الذي يسري على الانتشار العسكري في كثير من الدول كما في أفغانستان في عهد ترامب والتركيز على القضايا العسكرية ولكن في بعدها الاقتصادي”.
فيما يرى مصطفى عمارة، وهو مدير مكتب جريدة الزمان الدولية، أنّ تغيير الوجوه لا يعني تغيير السياسة “فالتغيير يكون فقط في الأسلوب ولكن السياسة الأميركية ثابتة وفقاً لمصالحها”.
ويقول لنورث برس: إنه “بالنسبة للسياسة الخارجية هناك توجه أميركي لتخفيض وجوده في الخارج”.
ويُضيف عمارة، أنّ السياسة الأميركية تميل إلى استخدام دول حليفة في تحقيق أهدافها أو الحرب عن بعد باستخدام الطائرات والصواريخ وغيرها دون إرسال قوات برية ” لأنّ التواجد الأميركي البري في الخارج لا يرضي الرأي العام الأمريكي”.
تحذير من الانسحاب
تعتبر القوات الأميركية في سوريا جزءاً من التحالف الدولي الذي يضم 80 دولة لهزيمة تنظيم “داعش” والمقر الرئيسي لقوات التحالف في العراق.
وتعمل هذه القوات بشكل قانوني بموجب قرار تفويض الاستخدام العسكري الذي صدر عن الكونغرس في عام 2001.
ودخلت القوات الأميركية لأول مرة شمال شرق سوريا في عام 2014، كانت مهمتها دعم القوات الكردية في سوريا, و التي تعرف بـ”وحدات حماية الشعب” وفيما بعد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”, لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وفي العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، قالت الخارجية الأميركية، لنورث برس، إنّ وجودهم في سوريا يرتكز على محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وليس هناك جدول زمني محدد للبقاء أو المغادرة.
ويعتقد الباحث في العلاقات الدولية، مصطفى صلاح، أن تظهر انعكاسات أيضاً على التواجد العسكري الأميركي في سوريا والعراق، “قد تتجه الولايات المتحدة في حال فوز، ترامب، إلى خفض عدد القوات أو الانسحاب النهائي من سوريا أو العراق والتركيز على إدارة هذه الملفات من خلال أبعاد أخرى كما حدث في قانون قيصر بالنسبة لسوريا”.
ويقول: “قد يكون لهذا التغير في التوجهات انعكاسات كبيرة على مستقبل النفوذ الأميركي في مواجهة منافسيها كما أنه سينعكس على صورة الولايات المتحدة كحليف يمكن الوثوق به والاعتماد عليه في المنطقة”.
ويُحذر الباحث في العلاقات الدولية، من أنّ أي انسحاب للقوات الأميركية، سيؤثر على المعادلة السورية وتختل موازينها سواء فيما يتعلق بقدرتها على “حل الأزمة أو مواجهة “داعش” أو دعم الكرد.
ويشير: “هذا الأمر سينعكس على مجريات الأوضاع في سوريا والدور الأميركي بصورة عامة خاصة أنه في حال الانسحاب أو خفض القوات سيفقد الكرد على سبيل المثال مظلّة أمنية وعسكرية في مواجهة خطر عودة الجماعات والتنظيمات الإرهابية المتطرفة”.
ويتصور أنّ قضايا السياسية الخارجية وإن تعددت اتجاهاتها وتناقضاتها إلا أنّها لن تكون “إلا انعكاس لمدى قدرة كل طرف على إدارة ملفاته الداخلية”.
ويقول: “المؤشرات العامة لكلّ مرشح تشير إلى وجود تباينات كبيرة في توجهات هذه السياسة وأدواتها في التعامل مع القضايا المثارة في العالم فالاثنان يحملان رؤيتين مختلفتين وهو ما سيظهر مستقبلاً ليس فقط في علاقات واشنطن مع المنافسين أو الأعداء ولكن أيضاً مع الحلفاء” وفقاً لـصلاح.