بعد سنوات على طرد “داعش”.. معوقات تواجه إعادة إعمار الرقة
زانا العلي – الرقة
بعد مرور سبع سنوات على طرد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من الرقة مازالت مظاهر الدمار تنتشر في المدينة، ولا تكاد تخلو حارة أو حي دون مظهر الخراب والأسقف المهدمة والدمار.
تعرضت الرقة لدمار “كبير” حيث تسببت الضربات الجوية والمعارك أثناء طرد التنظيم من “عاصمة الخلافة المزعومة” بتدمير نحو 80 بالمئة من المدينة.
وفي تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر في عام 2020، أن الرقة على نطاق واسع أكثر المدن تعرضت لدمار في العصر الحديث، ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة، تم تدمير وإلحاق أضرار بأحد عشر ألف مبنى بين شباط/ فبراير وتشرين الأول/ أكتوبر 2017، بما في ذلك 8 مستشفيات و29 مسجداً وأكثر من 40 مدرسة وخمس جامعات بالإضافة إلى نظام الري في المدينة.
إعادة إعمار بطيئة
وفي الذكرى السنوية السابعة لطرد “داعش” من الرقة، يقول مصطفى الشواخ، نجار باطون وصاحب ورشة من سكان الرقة، إن لديه قالب خشب وورشة عاملة من عمال ومعلمين، ويعملون بشكل شبه يومي في الرقة، وهناك عملية إعادة بناء لكنها بطيئة.
ويتمنى الشواخ في حديثه لنورث برس، أن تكون هناك استثمارات أجنبية في المدينة خاصة أنها ماتزال مدمرة بنسبة تصل إلى 50% بعد سنوات على تحريرها.
وفي أيار/ مايو عام 2022، استثنت وزارة الخزانة الأميركية مناطق في شمالي سوريا من عقوبات “قيصر”، وشمل الاستثناء قطاعات عديدة، إلا أنه حتى الآن ليس هناك تغيير على أرض الواقع، بحسب ما يقول سكان في المدينة.
مواد البناء تعرقل إعادة الإعمار
يقول محمد عبدالله، وهو اسم مستعار يعمل في التجارة والبناء في الرقة، إن ارتفاع أسعار مواد البناء يعوق عملية إعادة الإعمار ويؤثر على دخل الأيدي العاملة.
ويضيف نورث برس، أن الحديد والإسمنت تستوردهما الإدارة الذاتية من الخارج، وارتفاع أسعارهما يتسبب في عرقلة إعادة الإعمار وتخفيض الدخل للأيدي العاملة في هذه العملية.
ويبين أن هناك نوعين من الحديد الحديد الحلبي المصنوع محليًا ويتراوح سعره للطن الواحد بين 500 – 600 دولار أميركي، والنوع الثاني المعروف في السوق باسم “أربيلي”، يتراوح سعره بين 700 – 800 دولار، بينما سعر الإسمنت للطن الواحد هو 113 دولارًا أميركياً، ويتلاعب بعض التجار بالأسعار، خاصة عندما ينقطع الاستيراد.
وفي الرقة، هناك 50 تاجر إسمنت، و6 معامل صهر حديد، و8 معامل سحب حديد لصناعة الحديد المخصص للبناء، بالإضافة إلى مخبر لدى هيئة الاقتصاد لفحص الحديد قبل عملية البناء، بحسب معلومات حصلت عليها نورث برس من هيئة الاقتصاد في الرقة.
ويشير عبدالله إلى أن استيراد مواد البناء محصور بالإدارة الذاتية، مبيناً: “بإمكان الإدارة أن تعيد تجربة السماد مع مواد البناء، وتركها للتجار للاستيراد، حيث آنذاك انخفض سعر السماد من ألف دولار إلى 600 دولار نتيجة المنافسة بين التجار”.
قوانين البلدية
يقول عبد الله أن الإجراءات الروتينية في بلدية الشعب والرسوم التي تفرضها البلدية تعرقل عملية إعادة الإعمار، ويستشهد بقصة حصلت معه عندما بلغت رسوم رخصة بناء لأربعة طوابق أكثر من 3000 دولار أميركي.
وتتبع بلدية الشعب نظامًا لتنظيم عملية منح الرخص، يعتمد على تقارير تصدرها نقابة المهندسين، هذه التقارير تُفصِّل مساحة البناء المطلوبة ومساحة الوجيبة من الأطراف، لضمان التزام كافة المشاريع بالمعايير الهندسية المطلوبة.
تشمل التقارير أيضًا تصنيفًا لنوع البناء المقترح، سواء كان تجاريًا أو سكنياً، مع تحديد ما إذا كان السكن متصلًا أو منفصلًا، هذه المعايير تضمن توجيه كل مشروع ضمن الفئة المناسبة وضمان توافقه مع المخططات العامة للمدينة.
وعن فرض الرسوم، يقول خليل العبو، رئيس الدائرة الفنية في بلدية الشعب في الرقة، إن الرسوم المفروضة لا تتجاوز 10 بالمئة وتعود إلى خزينة البلدية، في حين يعود باقي المبلغ إلى نقابة المهندسين للمشروع وتنفيذه وإعداد دراسته.
وفي الرقة، بلغ عدد رخص البناء الجديدة منذ عام 2018 إلى اليوم 2429 رخصة بناء، في حين بلغ عدد رخص الأبنية المدمرة 1293 رخصة، بحسب العبو.
ويشهد سوق العقارات في الرقة حالة من الركود بسبب ارتفاع أسعارها وعجز السكان عن شراء منازل، حيث يصل سعر شقة غير مكسية إلى أكثر من 60 ألف دولار أميركي أحياناً.