مناطق شرق الفرات:
الحرب في غزة ترافقت مع الحديث عن تطبيع تركي سوري, ورغم الضغوط الروسية لم يحدث اللقاء الذي تناقلته وسائل الإعلام بين الرئيس أردوغان والأسد, وكان واضحاً حجم الضغوط الإيرانية على الأسد لتعطيل هذا اللقاء, وما يُقلق قيادات شرق الفرات من هذا التطبيع أنه مبني أساساً على شرط تركي باشتراك نظام الأسد مع تركيا بالتخلص من قوات سوريا الديموقراطية في شرق سوريا.
لكن الحرب في غزة ومن ثم الحرب في لبنان صرفت الأنظار عن موضوع التطبيع وبات الجميع يفكر بارتدادات تلك الحرب, وأن إسرائيل إذا ما قررت الدخول في حرب داخل الأراضي السورية فهذا يعني ومن شبه المؤكد التخلص من إيران والأسد معاً, وتلك الفرضية إذا ما حصلت تُعطي انفراجه لسلطات شرق الفرات, وتُعطي قوة لطلباتها بحكم ذاتي وسواها من طلبات أكدت عليها القيادية السابقة في مجلس سوريا الديمقراطية السيدة إلهام أحمد بكل مفاوضاتها مع دمشق.
ما يُقلق شمال شرقي سوريا هو تحول تلك المنطقة شبه المستقرة إلى ساحة صراع بين القواعد الأميركية المنتشرة في شرقي الفرات وميليشيات وأذرع إيران في سوريا والعراق, فمبدأ “وحدة الساحات” صناعة إيرانية وقد تلجأ إليه تلك الميليشيات بعملية إشغال وإرباك للقوات الأميركية في شرقي الفرات كنوع من الضغط لتخفيف أو وقف الحرب الإسرائيلية على أذرع إيران وخاصة في لبنان, ويبدو أن التحالف الدولي تنبه لتلك النقطة مسبقاً, فقد تم رصد نقله لكثير من الأسلحة المتطورة ومنظومات الصواريخ لحليفه “قسد”, إضافة لعدة مناورات وتدريبات مشتركة نُفذت بين التحالف و”وقسد” شملت استخدام الأسلحة والمنظومات الصاروخية الجديدة إضافة لتكتيكات عسكرية حول كيفية صد هجمات إرهابية أو ميليشياوية من الضفة الأخرى لنهر الفرات.
مناطق غرب سوريا:
الحرب في غزة شكلت صدمة للسوريين لأن القضية الفلسطينية محفورة بوجدان كل السوريين رغم موقف الثورة الرافض لقيادة حركتي حماس والجهاد الإسلامي المنضوية تحت العباءة الفارسية ومشروع ولاية الفقيه, لكن الحرب الإسرائيلية على حزب الله لاقت ارتياحاً من 5_6 مليون سوري في شمال غرب سوريا, وعملية اغتيال أمين عام حزب الله وكل قيادات الحزب والإيرانيين دفعت بالسوريين بالشمال لتوزيع الحلويات وتبادل التهاني، والبعض اعتبرها فرصة سانحة ولحظة ضعف للنظام وانشغال لحلفاء النظام يجب اقتناصها, وبالتالي لم لا يكون هناك عمل عسكري لتحرير بعض المدن والبلدات من نظام الأسد, واستعادة على الأقل المناطق التي سيطر عليها النظام ما بين عامي 2018 و2020, وكسر الخرائط التي رُسمت بتوافقات تركية روسية, ويجري الحديث الآن عن معركة تحرير حلب, ومعركة لتحرير سراقب ومعرة النعمان وخان شيخون ومناطق ربيعة وسلمى بجبلي التركمان والأكراد.
الواقعية العسكرية والسياسية تقول لا يمكن الإقدام على أي معركة بمعزل عن الموافقة التركية, على اعتبار أن كل تلك المناطق المطروحة كساحات حرب ومعارك، واقعة ضمن منطقة النفوذ التركي, وأن التفاهمات الروسية التركية وخرائط اتفاق سوتشي في 5 آذار 2020 بين الرئيسين أردوغان وبوتين ما تزال قوية ومتوافق عليها بين الضامنين, وبالتالي سيمنعان معاً أي تجاوز لخطوط التماس.
لوحظ مؤخراً دفع الجيش التركي لكثير من التعزيزات العسكرية للداخل السوري مع رسالة قيل إنها نُقلت من القيادة التركية لقيادة هيئة تحرير الشام عبرت عن رفضها لأي عمل عسكري وعن تهديد أنقرة بإغلاق معبر باب الهوى وعدم استقبال الجرحى في المشافي التركية (كما جرت العادة) في حال قيام الجولاني بشن أي عملية عسكرية ضد نظام الأسد, وإن كانت معظم الحاضنة الشعبية تعتبر كل تحركات الجولاني وكل الحديث عن معارك تحرير ومنها تحرير مدينة “حلب” هو نوع من الإشغال للبيئة المنتفضة والرافضة لبقاء جماعة الجولاني في إدلب.