فقد والديه بقصف تركي.. ناشط من تل أبيض يطرق أبواب العدالة في أوروبا

زانا العلي – الرقة

فُجع سوزدار إسماعيل بخبر وفاة والديه، على مجموعات الواتساب لناشطين ميدانيين، بعد ساعتين من بدء القوات التركية عملية عسكرية في تل أبيض وسري كانيه (رأس العين) قبل خمس سنوات.

يتوتر إسماعيل، ناشط مدني من قرية مدكلطة 17 كم غربي أبيض، عند حديثه عن اللحظات الأولى لفقدانه والديه في تل أبيض.

ونزح نحو 300 ألف شخص وجُرِح ما لا يقل عن 1521 شخصاً، بينما قُتل نحو 352 خلال الهجوم، كانت حصيلة العملية العسكرية التركية في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2019 على تل أبيض وسري كانيه تحت اسم “نبع السلام”، بحسب تقارير حقوقية.

“عائلتنا تشتت”

يقول إسماعيل، لنورث برس، إن “والده محمد قادر إسماعيل ووالدته ربيعة عزيز إسماعيل، هما أول شهيدين مدنيين من تل أبيض عند بدء عملية احتلال تركيا لمدينتنا”.

ويضيف الناشط الذي يعيش حالياً في ألمانيا، أن والدته كانت مدرسة اللغة الكردية بينما كان والده يعمل في المركز الثقافي في تل أبيض، وهما مدنيان وليس لهما علاقة بالحرب والسلاح.

ويقول الناشط: “عائلتنا المؤلفة من خمسة شباب وأخت تشتت، بعد العملية العسكرية التركية، بقي إخوتي في سوريا، بينما شقيقي الأصغر كان في المنزل عندما قصف الطائرات التركية منزلنا وتعرض للإصابة”.

ويعود إسماعيل بذاكرته إلى لحظة سماعه خبر قصف منزله واستهداف عائلته، والطائرات الحربية كانت تحوم فوق سماء تل أبيض، قائلاً: “الكلمات لا توصف ما حدث لي في تلك اللحظة”.

العدالة في أوروبا

بدأ إسماعيل بتقديم شكاوى لدى المنظمات الحقوقية الحكومية وغير الحكومية في أوروبا، للمطالبة بمحاسبة القوات التركية، لكنه لم يلقَ آذاناً صاغية.

ويقول: “قدمت شكوى عن طريق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمة سوريون من أجل العدالة، ضد القوات التركية والفصائل التابعة لها”.

ويضيف: “كنت على تواصل مع أغلب الجهات الحقوقية في أوروبا، كانوا يستمعون إلى شكوتي ومطالبي، لكن لم أستفد منهم بأي شيء فيما يتعلق بمحاسبة مرتكبي الجريمة (القوات التركية)”.

ويشير إلى أن الاستفادة الوحيدة كانت من منظمة ألمانية، وهي كحالة إنسانية، أرسلوا فيزا لشقيقي الأصغر الذي أصيب أثناء القصف، وكان عمره 9 سنوات، آنذاك، وأوصلوه إلى ألمانيا بعد ستة أشهر من القصف، للمعالجة الجسدية والنفسية، ولا يزال حتى اللحظة يعاني من صدمات نفسية لأنه كان شاهداً عندما فارق والداي الحياة”.

ويذكر: “قدمت ملفي وشكوتي عن طريق سفارة الدول الأوروبية في الدول المجاورة لسوريا، كلبنان وأربيل، خاصة السفارة الفرنسية والألمانية، ولكن لم أتلقَ أي ردٍ منهم”.

استيلاء على الممتلكات

يقول إسماعيل إن قريتهم ومنزلهم تحت سيطرة الفصائل، ويتصرفون فيها وكأنها منازلهم، “يبنون مسابح في قريتنا ويرممون الطرق فيها، حتى منزلنا في تل أبيض المدينة تحت سيطرتهم”.

ويضيف: “منزلنا في القرية يسكن فيه عائلة من إدلب، بينما منزل عمي يسكن فيه عائلتان عراقيتان، بحسب المعلومات التي وصلتني من مصادر في تل أبيض”.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها بعد بدء العملية العسكرية التركية بأقل من شهرين، إن الفصائل نفذت “إعدامات خارج القانون بحق المدنيين، ولم تُفسر اختفاء عمال إغاثة أثناء عملهم في المنطقة الآمنة”.

وأضافت: “يبدو أن الجماعة المسلحة منعت عودة العائلات الكردية النازحة جرّاء العمليات العسكرية التركية، ونهبت ممتلكاتها واستولت عليها أو احتلتها بصورة غير قانونية”.

وفي هذه الأثناء، لا يزال المئات من سكان تل أبيض وسري كانيه، للعام الخامس على التوالي، يعيشون في مخيمي تل أبيض في بلدة تل السمن شمال الرقة، بينما نازحو سري كانيه يعيشون في مخيم شمال الحسكة، ولا تزال الميليشيات التركية تستمر في الاستيلاء والسيطرة على المنطقة.

تحرير: محمد القاضي