“جدران بيتي أحب إلي”.. مهجر من سري كانيه يعد الأيام أملاً بالعودة إلى داره
سامر ياسين – نورث برس
قبل خمس سنوات، فقد عبد الكريم كل شيء، بيته وأرضه، بعد أن كان قد انتهى حينها للتو من تجهيز بيته ومستلزمات عمله في الزراعة، بينما هو اليوم عاجز عن تقديم أبسط متطلبات العيش لأسرته، في مخيم للنازحين بريف الحسكة.
عبد الكريم فرمان (42 عاماً)، من سكان قرية تل بيدر بريف مدينة سري كانيه الجنوبي الشرقي، تهجر مع والديه وزوجته وأطفاله الثمانية إلى مخيم “واشوكاني” بريف مدينة الحسكة، عقب الاجتياح التركي للمدينة أواخر 2019.
ويقطن “فرمان” وعائلته في مخيم “واشوكاني” لمهجري سري كانيه غربي الحسكة، مع ما يقارب أكثر من 16 ألف شخص (أكثر من ألفي عائلة)، فقدوا منازلهم وتهجروا قسراً ليقيموا هناك منذ خمس سنوات.
فقدنا كل شيء
يقول “فرمان” لنورث برس، “فقدنا كل شيء”, مشيراً إلى أنه لا يستطيع تحمّل فكرة فقدان ممتلكاته وتعبه وتعب أهله لأكثر من 60 عام في دقائق.
ويضيف بحزن: “كان يوماً شديداً علينا أن نترك كل شيء خلفنا, في البداية, عرضت مبالغ كبيرة على أصحاب سيارات النقل لإخراج بعضاً من أملاكي، لكن لم يستجب أحد بسبب الخوف، فكانت الطائرات التركية تحلّق فوق رؤوسنا”.
ويستذكر الأربعيني الأملاك التي كانت بحوزته والتي اشترى القسم الأكبر منها قبيل نزوحه من قريته حيث كان يملك مجموعة آلات ومعدات زراعية كاملة اشتراها مؤخراً، إلى جانب خزانات وقود ممتلئة وكميات كبيرة من القمح والشعير، قائلاً: “كل هذه الأشياء سُرقت مني ولم أعد أملك شيء منها”.
ويقدر “فرمان” كمية الخسارة المادية التي تكبدها لمجرد نزوحه من قريته بسبب سيطرة تركيا عليها، بمبلغ يتجاوز الـ 100 ألف دولار أميركي.
ويقارن عبد الكريم معيشته بين الآن والسابق عندما كان في قريته, بالقول: “في السابق، لم أكن أفكر في طريقة جلب مستلزمات المنزل اليومية إلى بيتي، فكنت أملك المال وأجلبها بسهولة، أما الآن لا أملك أي شيء سوى الراتب الشهري، الذي لا يزيد عن مليون ليرة سورية وعائلتي كبيرة ؟”.
ويضيف “في السابق كنت أقدّم كل ما يطلبه أطفالي مني ولكن اليوم لا أستطيع تقديم أي شيء لهم، حتى على مستوى قطعة من الملابس، وهذا هو الإحساس الأصعب بأنك لا تستطيع تقديم شيء لهم”.
نأمل العودة كل يوم
في الذكرى السنوية الخامسة من نزوح عبد الكريم من قريته يستذكر يوم خروجه منها، وكان همه الوحيد حينها إخراج عائلته ووالديه من القرية قبل تعرضها للقصف، ولم يكن يعلم أن الأمر سيستمر إلى هذا الوقت بعد خمس سنوات عجاف من التهجير.
ويضيف: “تصلني بعض المعلومات من جيراني في القرى المجاورة أن “الجيش الوطني” استولى على منزلي، ولا أعلم جيداً ما يحصل هناك ولكن أعلم أن كل أملاكي سرقت من القرية”.
ويتابع حديثه عن مرور خمسة أعوام على نزوحه متنهداً: “ها هي الذكرى السنوية الخامسة تمر علينا ونحن نأمل كل يوم بعودتنا إلى قريتنا، ونقوم بعدّ الأيام والسنين وراء بعضها، ولم نشعر كيف مرت هذه الأعوام الخمسة ونحن هنا، وفي ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة”.
ويختم بالقول: “أريد اليوم قبل الغد أن أعود إلى منزلي، أريد أن أعود إلى الجلوس بفناء المنزل، أريد فقط أن أعود وأجلس على أرضي في قريتي، فظل جدران بيتي أحب إلي وأفضل عندي من كل المنازل”.