إلهام أحمد
نستقبل الذكرى السنوية الخامسة للاحتلال التركي لمدينتي سري كانيه وتل أبيض وسط واقع إقليمي معقد يتصدره الصراع في غزة وجنوب لبنان، ولا يختلف الواقع السوري كثيراً عن ذلك حيث لا بوادر على قرب أي حل سياسي لأزمة البلاد.
طوال سنوات الأزمة السورية لعبت تركيا دوراً سلبياً أثر بشكل مباشر على مسار الحل السياسي. فدعمها السخي وغير المحدود للتنظيمات المتطرفة حوّل البلاد لبؤرة جذب للإرهابين من الغرب والشرق. آخر هذه التنظيمات التي تدعمها تركيا هي نفسها الفصائل التي تحكم المناطق المحتلة في سوريا كـ سري كانيه وجرابلس وتل أبيض وعفرين حيث سجل الانتهاكات فيها حافل ويتحدث بشكل يومي، بينما كان التهجير القسري للسكان المحليين وتوطين عائلات مسلحيها، أولى خطوات أنقرة بعد احتلال هذه المناطق، ناهيك عن حالات الاغتصاب والاعتقال التعسفي والاستيلاء على ممتلكات السكان الأصليين.
غياب الحل السياسي في سوريا يُبقي المهجرين الذين يخشون العودة إلى مناطقهم الأصلية جراء الانتهاكات المستمرة، بعيدين عن العودة ولو في الوقت الحالي. على الرغم من إعلاننا لمرات عدة جاهزيتنا للحل السلمي مع تركيا ولطالما سعينا إلى علاقات جيدة مع كل دول الجوار على أساس احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، لكن وعلى العكس من ذلك لم نتلقى إشارات إيجابية بهذا الخصوص من تركيا، بل استمرت بعمليات ضرب واستهداف البنية التحتية للمنطقة، وارتكبت جرائم بحق الناس الأبرياء من أطفال ونساء من سكان المنطقة. ولا تزال مستمرة بمحاولاتها للحصول على موافقة دولية لاحتلال أراض سورية جديدة.
نؤكد تمسكنا بحق المهجرين للعودة إلى أراضيهم، عودةً كريمة، ونعتبر ذلك قضية أساسية نشاركها مع حلفاؤنا وشركائنا من الأطراف الفاعلة بالملف السوري. وكذلك ضرورة خروج القوات التركية من الأراضي السورية متيقنين بأن ذلك يعتبر أولى خطوات الحل في سوريا ولا بد للقوى الدولية الفاعلة في الملف السوري أن تلعب دورها الحقيقي وتتحمل مسؤوليتها تجاه قضايا أصحاب الحق.
تتزامن الذكرى السنوية الخامسة للغزو التركي مع الانتخابات الرئاسية الأميركية، ونتأمل أن يكون للرئيس/ة القادم/ة دور إيجابي تجاه سوريا. حيث كانت واشنطن الراعية لاتفاقية وقف اطلاق النار من ناحية، وروسيا من ناحية اخرى حينها. لكنها انتهت باحتلال تركيا لأراض سورية وتهجير سكانها. لقد وثقنا بدور الوساطة الذي كان يقوم به المبعوث الأمريكي في ذاك الوقت، وابدينا استعدادنا للالتزام بما يتم الاتفاق عليه، لكن يبدو ان النوايا التركية كانت تركز على عملية الاجتياح واحتلال الأراضي السورية. واليوم نرى أيضا ان تركيا لم تتخلى عن تلك النوايا، وهي تستخدم شمال وشرق سوريا كورقة ابتزاز ترفعها بوجه كل من يطالب تركيا بالالتزام باتفاقيات معقودة بينها والدول وهي على خلاف معها. تركيا تحاول ومنذ زمن الخروج من عباءة الناتو ، تضرب يمينا وشمالا، تبتز الناتو تارة وأخرى روسيا في سبيل تحقيق مآربها، واحتلالها للأراضي السورية كانت نتيجة لسياساتها تلك.
اليوم نرى بأنه حان الوقت لمراجعة تلك السياسات والتنازلات التي قدمتها الدول المعنية لتركيا في سبيل الحفاظ على علاقاتها ومصالحها مع تركيا. ونرى من الأهمية التركيز على قضايا شعوب المنطقة والعمل على تحقيق القوانين الدولية والزام تركيا على سحب يدها من الملف السوري، وترك القضية للسوريين ليحلو قضاياهم بين بعضهم البعض. ونحث المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية للبت بقضايا الشعب السوري، لإرجاع الحق لأصحابه الحقيقيين. فأهل سري كانية وتل ابيض وعفرين والغوطة ودرعا وغيرها من المدن السورية يستحقون العودة الكريمة والخلاص من ظلم الجماعات المتطرفة وداعميها.