هل تشهد درعا تصعيداً إسرائيلياً لمواجهة التحركات الإيرانية فيها؟

إحسان محمد – درعا

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية بين إسرائيل من جهة و”حزب الله” وإيران حلفائها من جهة أخرى، تبرز درعا في جنوب سوريا كإحدى النقاط الاستراتيجية المحورية في هذا النزاع، فموقعها الجغرافي القريب من الحدود الأردنية والجولان يمنحها أهمية استثنائية بالنسبة للأطراف المتصارعة، سواء من الناحية العسكرية أو السياسية.

ومع استمرار الحرب وتفاقم الصراع، تتزايد التساؤلات حول تداعيات هذه المواجهات على درعا، وما تحمله من تأثيرات على الأوضاع الأمنية، والاقتصادية، والسياسية في المنطقة، إضافة إلى دورها المحتمل في تحديد مسار الحرب وتوازن القوى الإقليمي.

التحركات العسكرية والتوازن

يقول العميد عبد الله الأسعد، مدير مركز رصد للدراسات الاستراتيجية، إن الحرب بين اسرائيل و”حزب الله” ستؤثر على التوازنات العسكرية في درعا.

ويضيف، لنورث برس، أن “معظم هذه التشكيلات الموجودة في الجنوب أو الميليشيات الموجودة هناك تتبع لإيران بشكل مباشر أو غير مباشر”.

ويذكر أن إيران سوف تقوم بالمناورة بهذه القوات وإرسالها لدعم “حزب الله” ونشر عناصرها في القنيطرة لزيادة الضغط على إسرائيل.

ويبين الأسعد أن جبهة الجنوب السوري من المحتمل تكون خاصرة رخوة تلتف منها إسرائيل التفافاً كبيراً جداً وأن الهجوم في حال حدوثه سيكون بقوام لواء أو لواءين وربما يكون بقوام فرع من الجيش، وستدخل لقطع خطوط الإمداد لأن خطوط الامداد جوياً لن تعود كافية

ويتوقع الخبير الاستراتيجي أن يكون هناك انتقال المواجهات بشكل كبير إلى الحدود السورية مع الجولان عندما يتم إزالة السياج الشريطة الحدودي، والتدخل باتجاه درعا.

وينوه إلى أن الوضع سوف يخرج عن السيطرة فالقطعات العسكرية المتواجدة في المنطقة الجنوبية هي ميليشيات، منها ما يتبع للحرس الجمهوري والفرقة الرابعة والأمن العسكري وحزب الله، لذلك سنرى فوضى عارمة اذا ما انفلت الوضع في تلك المنطقة.

الأسد وحيداّ في المواجهة

ويعتبر الخبير العسكري أن التحركات العسكرية الآن في درعا هي تحركات روتينية وغير مجدية لان الحكومة السورية ليس لديها أي خطط، هو يعمل فقط على رفع الجاهزية ولا يعرف ما هي الإجراءات التي يجب أن تتخذ.

ويوضح الأسعد أن “نظام الأسد أصبح الآن خارج المعادلة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً و أخلاقياً وكل شيء، يعني هو خارج هذه اللعبة بالكامل”.

ويقول: “النظام السوري ليس لديه إمكانيات برية للتصدي لمثل هذا العدوان إن حصل، ونفسياً معنوية عناصر جيشه منهارة جداً، و أصبحوا يعرفون إنهم وقود لهذه اللعبة”.

ويستبعد الأسعد أن تدخل إيران وروسيا في هذه اللعبة كما أسماها لتعديل ميزان القوى في درعا فالروس تم قصف مستودع لهم في مطار حميم ولم تتحرك وهي غير مستعدة لا هي ولا إيران أن تتدخل.

أهمية استراتيجية

يقول الباحث والصحفي حسام البرم، لنورث برس، إن الأهمية الاستراتيجية لدرعا في سياق الصراع الإقليمي بين إسرائيل وحزب الله، هو موقعها الجغرافي الذي يشكل محوراً أساسياً في هذا النزاع، نظراً لقربها من الحدود الأردنية والجولان.

ويوضح البرم أن موقع درعا الجيوسياسي يجعلها نقطة انطلاق استراتيجية لإيران و”حزب الله”، الذين يسعون لتوسيع دائرة الصراع إلى الأراضي السورية، بعيداً عن الحدود اللبنانية، بهدف تحويل النزاع إلى حرب إقليمية شاملة تشمل دولاً عربية أخرى.

ويؤكد الباحث أن درعا تُعتبر منطقة ذات أهمية قصوى بالنسبة للإيرانيين و”حزب الله” لأنها تمثل البقعة الجغرافية الوحيدة التي يمكن من خلالها فتح جبهة عسكرية مباشرة تجاه إسرائيل.

ويضيف أن درعا تمتلك حدودًا مشتركة مع الجولان، ما يجعلها نقطة محورية لـ”حزب الله” في توجيه عملياته العسكرية نحو إسرائيل.

ويشير البرم إلى أن من أهم العناصر الاستراتيجية لدرعا هي طبيعة تضاريسها الجغرافية، حيث تتمتع بتربة وصخور تُعزز من قدرات الدفاع العسكري.

ويذكر أن “تربة درعا وصخورها، خاصة البازلتية، تصعب من فعالية الضربات العسكرية التقليدية، مما يجعلها منطقة محمية نسبياً مقارنة بمناطق أخرى مثل جنوب لبنان”.

ويبين الصحفي أن النزاع بين إسرائيل و”حزب الله” أدى إلى تحسن ملحوظ في الوضع الأمني بدرعا. مؤكداً أن انسحاب عدد من عناصر “حزب الله” من المنطقة فتح الباب أمام تحسن الأمن المحلي، حيث انخفضت معدلات الاغتيالات بشكل ملحوظ، كما تراجع تدفق المخدرات نحو الأردن ودول الجوار.

وينوه البرم بأن درعا تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة للغاية، وأن الحرب لم تؤدِ إلى تحسن الوضع الاقتصادي، بل على العكس، ساهمت في تفاقم المعاناة نتيجة احتكار “حزب الله” لتجارة المحروقات، ما رفع الأسعار بشكل كبير.

ترقب وحذر

ويقول قائد إحدى المجموعات المحلية المعارضة للحكومة السورية في درعا، إنه يراقب عن كثب تطورات الصراع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله.

ويؤكد القيادي الذي رفض ذكر اسمه، لنورث برس، أن الأوضاع الحالية تثير قلق الجميع في المنطقة الجنوبية، حيث أن درعا تقع في نقطة استراتيجية حساسة.

ويقول إن “أي تصعيد عسكري بين إسرائيل وحزب الله قد يترك تأثيراً مباشراً على الجنوب السوري، بما في ذلك درعا، نحن في وضع حساس، وأي توتر قد يؤدي إلى موجات نزوح جديدة أو تدخلات إقليمية تؤثر على الاستقرار هنا”.

ويشير إلى أن السيناريوهات المحتملة قد تشمل تحركات ميليشيات مدعومة من إيران في الجنوب السوري، أو حتى محاولات استغلال الفوضى من قبل الحكومة السورية لإعادة فرض سيطرته على المناطق الخارجة عن سيطرته.

ويختم القيادي حديثه بالقول: “نحن مستعدون لأي احتمال، ولكن الأمل يبقى أن تبقى درعا بعيدة عن تداعيات هذه الحرب”.

تحرير: محمد القاضي