اللشمانيا بريف دير الزور.. آثارٌ نفسية وإصابات تزداد رغم جهود المكافحة

عمر عبد الرحمن – نورث برس

يعتبر داء اللشمانيا من الأمراض الطفيلية التي تؤثر بشكل كبير على صحة المجتمعات، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من نقص الخدمات الصحية.

وفي ريف دير الزور الشرقي، يواجه السكان تحديات متعددة نتيجة انتشار هذا المرض، مما يتطلب من الجهات المعنية دراسة شاملة لفهم أبعاده وآثره على الحياة اليومية للسكان.

ندبات وآثار نفسية

تروي أم أزهر، من سكان بلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي، قصة ابنها أزهر، الذي يبلغ من العمر ثمانية أعوام، وتقول لنورث برس، إنها لاحظت ظهور بثور على وجه طفلها، “وفي البداية ظننت أنها مجرد حبوب عادية، فحاولت علاجها بطرق تقليدية باستخدام المعقمات وغيرها، لكن الحالة تفاقمت بسرعة، وانتشرت البثور على وجهه وذراعيه”.

وتضيف: “عندها قررت التوجه إلى المركز الصحي في البلدة، حيث تم تشخيص حالته بأنه مصاب بداء اللشمانيا، ثم بدأت في البحث عن طرق العلاج المتاحة، وبدأت باستخدام العلاج المجاني المتوفر، لكن الأمر استغرق وقتًا طويلاً حتى تحسنت حالته”.

وتذكر أم أزهر أن طفلها تعافى بشكل كامل، لكن ندبات البثور لا تزال ظاهرة على وجهه، متمنيةً أن يتم توفير المزيد من الدعم للأسر المتضررة من هذا المرض، لأنه لا يزال هناك عدد كبير من الأطفال الذين يحملون هذا المرض ويحتاجون إلى علاج، إضافة إلى الآثار النفسية على الأطفال بسبب الندوب التي لا تزال موجودة على أجسامهم.

ويقول علي اللعلوع، أحد سكان بلدة الشعفة في ريف دير الزور الشرقي، إن ابنته ريم، والتي تبلغ من العمر تسع سنوات، بدأت تعاني بحكة شديدة وألم في جلدها وظهرت بثرات على جبينها ووجهها.

ويضيف لنورث برس، أنه عندها أدركت أن ابنتي مصابة بداء اللشمانيا، وذلك بعد أن قام طبيب مختص بفحصها في البلدة.

ويذكر أنه على الرغم من أن ريم تعافت مؤخراً إلا أن البثرات تركت ندبات واضحة على وجهها، وهذا الأمر يؤثر بشكل كبير على ثقتها بنفسها، وقد يسبب لها مشاكل نفسية في المستقبل.

ويطالب اللعلوع بزيادة الدعم والرعاية الصحية لمساعدة الأطفال المتضررين من هذا المرض المنتشر في مناطقهم، مبيناً أنهم بحاجة ماسة إلى فتح مركز متخصص لعلاج داء اللشمانيا في مناطق ريف دير الزور الشرقي.

أعداد المصابين بازدياد

ورغم الجهود التي تبذلها الصحة والمنظمات المحلية والدولية في التصدي لهذا الوباء إلا أنه لا تزال توجد حالات إصابة يومية بهذا الداء وذلك يعود لأسباب في طبيعة المنطقة.

ويقول محمد السلطان، مسؤول في لجنة الصحة بريف دير الزور الشرقي، لنورث برس، “يُعتبر ريف دير الزور الشرقي بؤرة رئيسية لانتشار داء اللشمانيا في السنوات الأخيرة”.

ويضيف: “لقد شهدنا ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الإصابات، حيث وصل العدد إلى أكثر من 10,000 حالة مؤكدة منذ بداية العام الجاري، وهذا يمثل زيادة بنسبة تصل إلى 60% مقارنة بالعام السابق”.

ويذكر أن الداء يظهر بشكل رئيسي على شكل بثرات جلدية على الوجه والأطراف، غالباً ما تبدأ هذه البثرات صغيرة، لكنها تتوسع مع مرور الوقت، مما يتسبب في آلام وحكة شديدة، إضافة إلى أنها تترك ندبات وتشوهات على الجلد حتى بعد الشفاء، مما يؤثر سلبًا على الحالة النفسية والاجتماعية للمصابين.

ويشير إلى أن هناك عوامل متعددة تساهم في انتشار هذا المرض، من بينها، ضعف البنية التحتية الصحية للمنطقة كونها تحررت مؤخراً، إضافة إلى انتشار القوارض الحاملة للطفيلي المسبب للمرض.، وضعف الوعي الصحي مما يزيد من خطر الإصابة.

جهود للمكافحة

يقول عبد الله العلي، مشرف في منظمة تعمل في مجال مكافحة اللشمانيا، إن مكافحة الداء تُعتبر من أولويات عمل المنظمة في دير الزور، إذ يدرك الفريق تماماً حجم المعاناة التي يسببها هذا المرض للسكان في المناطق المتضررة.

ويضيف، لنورث برس، أنه منذ ثلاث سنوات، تعمل المنظمة في المنطقة، وتركز على تقديم الرعاية الطبية المجانية للمصابين من خلال عيادات متنقلة ومراكز صحية ثابتة، حيث توفر الفحوصات اللازمة والأدوية بشكل مجاني للمرضى، إضافة إلى تنفيذ حملات توعوية لتعزيز الوعي بأعراض المرض وطرق الوقاية منه.

ويبين أن الحملات تتضمن إرسال فرق ميدانية إلى المناطق الريفية، وتنفيذ برامج لمكافحة القوارض الناقلة للطفيلي المسبب للمرض، وتنفيذ حملات رش دورية لمكافحة الحشرات في المناطق المتضررة.

ويذكر العلي أنه على الرغم من هذه الجهود، فإن انتشار داء اللشمانيا بشكل كبير يتطلب موارد وإمكانيات ضخمة، وأنهم يسعون جاهدين لتقديم أقصى ما يمكن من الدعم الصحي والإغاثي للسكان المتضررين من هذا الداء.

ويشدد على أن المكافحة تتطلب تعاوناً مستمراً بين جميع الجهات المعنية، بما في ذلك الهيئات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المحلي، مبيناً أن العمل الجماعي هو السبيل الوحيد لتحقيق نتائج فعالة.

تحرير: محمد القاضي