عمر عبد الرحمن – دير الزور
في ليالي أيلول الدافئة، يتجمع الصيادون شرق سوريا، وتحديداً في بلدة غرانيج التي تبعد نحو 90 كم عن مدينة دير الزور، بهدف مشترك وهو صيد طيور الفري، أو السمان، في تقليد يعكس عشقهم للطبيعة وتراثهم المحلي.
إبراهيم العبد، المعروف بلقب “صقّار مدينة غرانيج”، يروي قصة شغفه بهذا الطائر الصغير المهاجر. ويعتبرها جزءاً لا يتجزأ من هويته الثقافية.
ويصف الرجل كيف تعتبر هجرة الفري حدثاً سنوياً مهماً، حيث تنتقل الطيور من مناطق بعيدة، ويستعد الصيادون لاستقبالها وتجهيز أدواتهم.
“طيور الفري ضعيفة، تهاجر ليلاً هرباً من الطيور الجارحة”، يوضح إبراهيم.
يشير الصياد إلى استخدام تقنيات بسيطة لجذب الطيور، حيث يعتمدون على جهاز يبث أصواتاً شبيهة بأصوات الفري لجذبها، وشباك مصنوعة من النايلون والحرير.
يقول: “هذه العملية تتطلب دقة وتعاوناً بين الصيادين لضمان النجاح حيث يعمل الجميع كفريق واحد لضمان نجاح الصيد”.
ويرى إبراهيم أن موسم الصيد يمثل فرصة للقاء بالأصدقاء المهنة وتبادل الخبرات فيما بينهم، قائلاً: “الصيد ليس نشاط فردي، بل هو تجربة جماعية. نشارك اللحظات الممتعة مع العائلة والأصدقاء، ونصنع ذكريات لا تُنسى”.
موسم الصيد
يقول خضر المحمد، هو أيضا أحد الصيادين المتمرسين، إن الموسم يبدأ من بداية أيلول/ سبتمبر حتى منتصف تشيرين الأول/ أكتوبر. تصل الطيور من الأردن ومن ضفاف نهر الفرات، ثم تتجه نحو الصحراء.
وعن الاستعدادات التي يقوم بها الصيادون يقول “المحمد”: قبل غروب الشمس، نجهز الشباك ونضع الصوت، وبعد شروق الشمس نبدأ بالصيد. الطيور تتجمع بجانب الجهاز كما لو كانت تستريح.
كما يتحدث “خضر” عن التحديات التي يواجهها الصيادون، مثل الظروف الجوية المتقلبة التي قد تؤثر على الهجرة. “في بعض الأحيان، يمكن أن تؤثر الرياح العاتية أو الأمطار على قدوم الطيور. لكننا دائماً نأمل في موسم جيد”.
“نستخدم الشباك بعناية، وعلينا أن نكون حذرين لعدم إزعاج الطيور. يجب أن نكون في حالة تأهب، فالهجرة تتطلب الكثير من الصبر والمهارة”. يقول خضر.
يتحدث كل من إبراهيم وخضر عن أهمية هذه الهواية بالنسبة لهما. “هذه الهواية ليست مجرد صيد، بل هي تقليد عائلي. نجتمع مع الأصدقاء والعائلة، ونتبادل الخبرات والنصائح.”
يقول إبراهيم. ويتفق خضر مع هذا الرأي، مضيفاً: “إنها ليست مجرد نشاط، بل طريقة لنقل التراث إلى الأجيال القادمة. نحن نعلم أولادنا كيف يصطادون، وكيف يقدرون الطبيعة.”