المساعدات فسدت في المخازن.. ماذا قدمت الحكومة السورية لمتضرري الزلزال؟
صفاء سليمان – اللاذقية
منذ أكثر من عام نصف، لا تزال الحكومة السورية تقدم وعودا متكررة لمتضرري الزلزال في مدينتي اللاذقية وجبلة بتعويضهم، ورغم تشكيل لجان حكومية لتقييم الأضرار وتعويض المتضررين من الزلزال الذي ضرب المنطقة في السادس من شباط 2023، لم يحصل كثير من المتضررين على أي دعم ملموس.
وبعد مرور أكثر من عام على بدء إنشاء المساكن المؤقتة التي تبرعت بها دولة الإمارات، لم تسلم أي من هذه المساكن للمتضررين. ومعظم هؤلاء ما زالوا يعيشون في ظروف قاسية، في منازل آيلة للسقوط أو بين الأنقاض.
“مو طالبين إلا نسكن”
إبراهيم، أحد سكان مدينة الجبلة، يروي لنورث برس حجم المعاناة التي يعيشها وأسرته في بناء متصدع. قائلاً: “البناء يحتوي على 17 عمودا متصدعا، وكل شيء فيه مهدد بالسقوط. الخوف والفزع يسيطران على حياتنا اليومية”.
واللاذقية وجبلة التابعة لها، إحدى أكثر المناطق المتضررة بالزلزال، بعد كل من إدلب وحلب، وبلغ عدد المتضررين فيها 890.045 شخصاً.
ويشير إلى أنه لا يستطيع الانتقال إلى مسكن آخر بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات. “نحنا رواتبنا 300 ألف ليرة، كيف بدنا نستأجر بيت بمليون ليرة؟”.
ويضيف بأساً: “تواصلت مع الجيران في البناء المتصدع لمحاولة تدعيمه، لكن فقر الحال يمنعنا من فعل أي شيء. حتى القروض لا نستطيع سحبها.”
وختم حديثه بالعامية: “نحنا مو طالبين إلا نسكن حتى نعيش، أنا إذا بطلع برا المبنى هاد، وين بدي عيش”.
أين ذهبت المساعدات؟
عماد عيسى من جبلة، يروي معاناته قائلاً: “تصدع منزلي ورممت جزءا منه على نفقتي الخاصة، ولم نحصل على أي تعويض يُذكر.”
وتابع: “المساعدات التي وُعدنا بها اقتصرت على سلل غذائية خفيفة لا تكفي سوى أيام قليلة.”
ويضيف: “شاهدت بعيني قوافل المعونات التي دخلت سوريا، تكفي لعشرات السنوات. أين ذهبت كل هذه المساعدات؟”.
بحسب ما نقلته وسائل إعلام حكومية، وصلت 108 بواخر و138 طائرة محملة بالمساعدات إلى مرفأ ومطار اللاذقية. ولكن وفقا لمحافظ اللاذقية، عامر هلال، في تصريح لصحيفة “الوطن” شبهة رسمية، لم يحصل على المساعدات المالية سوى 22 ألف أسرة من بين نحو 200 ألف أسرة متضررة، أي حوالي 5% فقط
المحافظ أشار إلى أن كل أسرة حصلت على مبلغ 3.15 مليون ليرة، ليبلغ إجمالي المبالغ المصروفة 70 مليار ليرة. لكن رانيا، التي تعيش في جبلة، تنفي تلقيها أو معظم المتضررين أي مساعدات.
وتقول بغضب: “المساعدات سرقت ولم تصل للمتضررين. إما أن تقف لساعات طويلة لتذل نفسك، أو يجب أن تكون على معرفة بأحد أعضاء اللجنة للحصول على شيء”.
وتقول “رانيا” من سكان الجبلة: “زوجي عسكري متقاعد، ولدينا خمسة أولاد، والزلزال دمر منزلنا.”
وأُجبرت لعائلة على مغادرة منزلها، وتمكنت بفضل أقارب من مساعدتها في دفع إيجار مسكن جديد، لكن الارتفاع الحاد في الأسعار الإيجارات جعل الحياة لا تطاق. “أصبح إيجار المنزل 500 ألف ليرة، وزوجي لا يستطيع تأمين هذا المبلغ.”
تلف المساعدات
يؤكد علي، أحد سكان الرميلة في جبلة، أن الزلزال ألحق أضرارا كبيرة بالمنطقة، ومعظم المباني تحتاج إلى ترميم عاجل. ويشير إلى أن اللجان الحكومية زارت المنطقة لكنها لم تتخذ أي خطوات فعلية لترميم الأبنية.
ويشير يوسف إلى أنهم لم يتلقوا المعونات غذائية إلا ثلاث مرات منذ الزلزال، “رغم وصول مساعدات دولية تكفي لخمس سنوات”.
في الوقت نفسه، أفاد مصدران منفصلان (لم يرغبا بالكشف عن اسمه)، بأن كميات كبيرة من المعونات الغذائية قد تعرضت للتلف بسبب سوء التخزين وانتشار الفئران، ما يثير تساؤلات حول كيفية إدارة هذه الموارد وتوزيعها.