فرن بداخل خيمة.. مشروع صغير ينمو في مخيم بريف الحسكة
سامر ياسين – ريف الحسكة
في مخيم واشوكاني للنازحين بريف الحسكة الشمالي، وداخل خيمة صغيرة، يعمل طه إبراهيم مع عدد من العاملات على صنع الخبز على الصاج باستخدام فرن بسيط ابتكره بمواد بدائية. حيث استطاع بإمكانيات محدودة أن ينشئ هذا المشروع دون الحاجة لشراء فرن جاهز باهظ الثمن.
وطه، وهو أحد سكان المخيم الذي يضم حوالي 17 ألف شخص، كان قد نزح مع عائلته إلى المخيم في تشرين الأول/أكتوبر 2019 بعد الاجتياح التركي لمنطقة سري كانيه/ رأس العين.
مواد بدائية بأقل التكاليف
يروي طه قصة بناء فرنه بأقل التكاليف الممكنة، مشيرا إلى أنه استغل أقمشة قديمة من خيام متهالكة وعصي خشبية، بمساعدة قطع حديدية، لإنشاء غرفة فرن على شكل خيمة صغيرة.
ويقول طه في حديثه لنورث برس: “لتقليل التكاليف، قمت بتجميع بعض القطع الحديدية ولحامها، ثم اشتريت مضخة وقود من متجر لبيع البرادات القديمة، واستخدمت قطعا خشبية لصنع طاولة لعجن وتجهيز الخبز”.
ويضيف أن التكلفة الإجمالية لم تتجاوز 100 دولار، بينما كان سعر الفرن الجاهز يتجاوز 300 دولار، ناهيك عن تكاليف تجهيز الخيمة والأدوات اللازمة للعمل.
فرص عمل معدومة
ويقول الثلاثيني الذي كان يعمل بمهنة الدهان قبل نزوحه من مدينته إلى المخيم، أن فكرة المشروع جاءت بسبب قلة فرص العمل داخل المخيم. “لم يكن هناك أي فرص للعمل في مجالي، لذا فكرت في مشروع الخبز هذا وبدأت التنفيذ بإمكانيات بسيطة”، يقول طه.
ويضيف: “ارتفاع تكلفة المعيشة جعلني أبحث عن أي عمل لإعالة عائلتي المكونة من 8 أفراد”.
ويعمل مع طه ثلاثة أشخاص آخرين في هذا الفرن، مما يوفر لهم أيضا فرص عمل تساعد في إعالة أسرهم، حيث يساهم المشروع في دعم أكثر من 20 شخصا.
إقبال كبير
ومنذ انطلاق المشروع قبل نحو شهر، لقي طه دعما وإقبالا كبيرين من سكان المخيم، الذين يجدون في خبز الصاج نكهة تذكرهم بحياتهم السابقة في قراهم.
“سكان المخيم يفضلون خبز الصاج على الخبز الآلي المتوفر في المخيم ومدينة الحسكة”، يقول طه.
وتابع أن السكان والجيران يقدمون له دعما مستمرا لتطوير الفرن وتوسيعه، خاصة أن إدارة المخيم لا تمانع إقامة مثل هذه المشاريع.
أرباح رمزية وتحديات مادية
رغم النجاح الذي حققه المشروع، يعاني طه من ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب اضطراره لشراء المحروقات والطحين من السوق السوداء، حيث يباع لتر المازوت بـ 4700 ليرة سورية. ورغم ذلك، لا يستطيع رفع سعر الخبز، الذي يباع بألف ليرة للرغيف الواحد، نظرا للوضع الاقتصادي للسكان.
ويطالب الرجل بتقديم الدعم له ولأصحاب المشاريع الصغيرة في المخيم، من خلال توفير الوقود والطحين بأسعار مدعومة، مما سيسهم في تطوير المشروع وتوفير فرص عمل أكبر للسكان.
يأمل في تطوير مشروعه ليشمل إنتاج أصناف أخرى من الخبز، مثل التنور والفطائر، استجابة لمطالب سكان المخيم، ولتقليل المخاطر المرتبطة بالعمل داخل الخيمة، حيث تؤدي درجات الحرارة العالية إلى زيادة احتمالات نشوب حريق.