دير الزور.. تدهور الأوضاع الأمنية يلقي بظلاله على القطاع الزراعي

عمر عبد الرحمن – دير الزور

تعتبر الزراعة من الركائز الأساسية للاقتصاد المحلي في دير الزور وريفها، حيث يعتمد أغلب السكان عليها كمصدر رئيسي للرزق، ومع ذلك، شهد هذا القطاع تراجعاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة نتيجة النزاعات المسلحة التي اجتاحت المنطقة.

وأودت هذه النزاعات المسلحة في كثيرٍ من الأحيان إلى تدمير البنية التحتية الزراعية، وفقدان الأمن الغذائي، وتدهور الظروف المعيشية للمزارعين.

يقول جميل الحمد، مزارع في ريف دير الزور الشرقي، لنورث برس، أملك أراضٍ زراعية جيدة كانت تدر علي وعلى عائلتي المكونة من خمسة أفراد دخلاً كافياً للعيش بشكل مريح في السابق. مبيناً أنه كان ينتج القمح والقطن والذرة وبعض الخضروات، بما يكفي لإعالة أسرته.

صعوبات

ويضيف: “لكن مع اندلاع النزاعات المسلحة في دير الزور منذ بداية عام 2011، تغير الوضع بشكل جذري، فقد تعرضت أراضيي الزراعية للدمار والتلف نتيجة القصف والاشتباكات، كما أصبح من الصعب الحصول على المستلزمات الزراعية الأساسية كالأسمدة والبذور والوقود والأدوية والمعدات. إضافة إلى انقطاع الكهرباء وقلة المحروقات، لم أعد قادراً على ري حقلي بالشكل المطلوب.

ويذكر أنه “نتيجة لذلك، انخفضت إنتاجي الزراعية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، فبدلاً من أن أعيش أنا وعائلتي من محصول الزراعة، بدأت أخسر في المحاصيل بسبب الإنتاج الضعيف”.

ويقول: “أصبحت مضطراً للاعتماد على المساعدات الإنسانية ومنظمات الخيرية للحصول على الطعام الأساسي، وأصبحت حياتي وحياة عائلتي في خطر بسبب هذه الأوضاع الصعبة”.

ويؤكد الحمد، على أن معاناتي ليست فردية، بل هي معاناة الكثير من المزارعين في ريف دير الزور، فالكثير منهم يواجهون تحديات مماثلة، مما أدى إلى انخفاض إنتاج المحاصيل الزراعية بشكل كبير. وهذا بدوره سيؤثر سلباً على الاقتصاد المحلي وقدرة السكان على الحصول على المواد الغذائية الأساسية.

ويشدد الحمد ، على أهمية تقديم الدعم اللازم للمزارعين في دير الزور من أجل إعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية وتوفير المستلزمات الأساسية، فذلك سيساعد في استعادة الإنتاجية الزراعية وتحسين الأمن الغذائي للسكان في المنطقة، خاصةً وأن دير الزور معروفة بكونها منطقة زراعية منذ القدم.

وتسببت الأزمات الأمنية في ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية مثل البذور والأسمدة، مما جعل من الصعب على المزارعين استعادة إنتاجهم، تزامناً مع غياب الدعم والمساعدات الإنسانية.

وضع زراعي صعب

يقول صابر العلي، مزارع من ريف دير الزور الغربي، لنورث برس، إنه منذ سنوات طويلة وعبر أجيال أسرته، كانت عائلته تعتمد على زراعة القمح والخضروات كمصدر رئيسي للرزق.

ويضيف: “لكن مع تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة منذ بداية الأزمة السورية، أصبح الوضع الزراعي أكثر صعوبة بالنسبة له، فالزراعة كانت المصدر الوحيد للرزق، ولكن مع استمرار النزاع المسلح وتدمير البنية التحتية الزراعية، لم يعد قادرًا على الاستمرار في هذا العمل”.

ويبين أن الجمعيات الزراعية والسواقي والأراضي الزراعية تعرضت للقصف والتخريب، مما جعل من الصعب إعادة تأهيلها من جديد، مبيناً أن هذا يتطلب مبالغ مالية كبيرة لا يملكها، كما أصبح من الصعب الحصول على المواد الأساسية للزراعة كالأسمدة والبذور.

ويشير العلي، أنه  أمام هذا الوضع الصعب، قررت ترك العمل في الزراعة والبحث عن مصدر دخل بدي،. فتعلمت العمل في صيانة المعدات الكهربائية كالثلاجات والغسالات، وفتحت محلاً صغيراً للتصليح.

ورغم ذلك، لا يزال العلي يشعر بالحسرة على ترك مهنة الزراعة التي ورثها عن آبائه وأجداده. ولكن الظروف الصعبة التي فرضها النزاع المسلح وقلة الدعم المقدم للقطاع الزراعي لم تترك له خياراً آخر سوى البحث عن عمل بديل لضمان استمرار حياة أسرتي.

تراجع ملحوظ

يقول مشاري العواد،  مسؤول في مديرية الزراعة في الخط الشرقي لدير الزور، لنورث برس ، إن تدهور الأوضاع الأمنية في المحافظة قد أدى إلى تراجع ملحوظ في القطاع الزراعي خلال السنوات الأخيرة.

ويضيف أن هذا التراجع أثر بشكل كبير على الاقتصاد المحلي والأمن الغذائي للسكان، فلطالما كان القطاع الزراعي في دير الزور من أهم القطاعات الاقتصادية في المنطقة.

ويذكر العواد، أنه مع اندلاع النزاعات المسلحة في سوريا عام 2011، ونتيجة القصف والاشتباكات المتكررة، تعرضت البنية التحتية الزراعية للتدمير، فقد تضررت العديد من الآبار والسواقي، بالإضافة إلى المعدات الزراعية.

ويشير إلى أن عمليات النزوح القسري للسكان أدت إلى تدهور الأراضي الزراعية وارتفاع تكاليف الإنتاج، ونتيجة لهذه العوامل، انخفضت إنتاجية الأراضي الزراعية بشكل ملحوظ، حيث وصلت النسبة في بعض المناطق إلى 70% مقارنة بالسنوات السابقة للأزمة.

ويؤكد العواد، نحن في مديرية الزراعة، بالتعاون مع الجهات المعنية والمنظمات المحلية والدولية، نبذل جهودًا كبيرة لإعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية المتضررة.

ويشدد أنه عملوا على إصلاح الآبار والسواقي، وتأهيل الجمعيات وقنوات الري، وتوفير المحروقات اللازمة لتشغيل المضخات، وتوزيع بذور وأسمدة ومبيدات للمزارعين بأسعار مدعومة، ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة ماسة لدعم إضافي.

يؤكد العواد، أن إعادة إنعاش هذا القطاع تعد ضرورة ملحة لتحسين الأوضاع المعيشية للسكان، وأنه سيتحقق ذلك من خلال توفير الدعم اللازم للمزارعين وإعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية المتضررة.

تحرير: محمد القاضي