ريف دير الزور.. معاناة وتحديات مستمرة للمعلمين المعينين خارج مناطقهم

عمر عبد الرحمن – ريف دير الزور

يواجه المعلمون المعينين خارج مناطق سكنهم في دير الزور وريفها تحديات ومعاناة مستمرة تؤثر على قدرتهم على أداء واجباتهم التعليمية بكفاءة.

وتتراوح هذه التحديات بين صعوبات التنقل، والضغوط النفسية، وغياب الدعم اللوجستي، مما ينعكس سلباً على جودة التعليم المقدّم للطلاب.

تعمل نور الضاحي، كمعلمة لمادة اللغة الإنجليزية تنحدر من مدينة هجين بريف الدير الشرقي، في مدرسة البنين في بلدة أبو حمام الشرقية بريف دير الزور، والتي تبعد حوالي 35 كيلومترًا عن مقر إقامتها.

إرهاق وضغط نفسي

تقول لنورث برس، إنه في البداية عند تقديمي لمسابقة التدريس، نجحت ووُظِّفت في هذه المدرسة البعيدة عن مكان سكني، عند اعتراضي على هذا التعيين، تلقيت وعداً بنقلي للعام الدراسي التالي للعمل في مقر إقامتي، ولكن مع بداية العام الدراسي الجديد، لم يتم تنفيذ هذا الوعد، مما اضطررت للتنقل يومياً من منزلي إلى المدرسة.

وتضيف: “أشعر بالإرهاق والضغط النفسي الشديد بسبب ساعات السفر الطويلة، والتي تؤثر بدورها على أدائي التدريسي، وأواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى المدرسة في أيام الطقس السيء أو أيام العطل، حيث تكون وسائل المواصلات محدودة”.

وإلى جانب ذلك، تشعر الضاحي بالقلق على سلامتها أثناء التنقل، خاصةً في المناطق غير الآمنة التي تشهد نزاعات وأعمال عنف مسلح بشكل متكرر في تلك المنطقة.

علاوةً على ذلك، فإن ما يقارب من نصف راتب الضاحي يذهب لتكاليف السيارات والمواصلات، وهو ما تعتبره ظلماً وإجحافاً كبيراً بحقها وحق المعلمين الذين يعانون من نفس الوضع.

وتطالب المعلمة الجهات المعنية بإيجاد حلول مستعجلة لمعالجة هذه المشكلة، والتي تؤثر بشكل كبير على أدائها التعليمي وعلى جودة العملية التعليمية ككل.

ويقول صالح الشملان، مدرس رياضيات من سكان مدينة هجين، يعبر عن معاناته اليومية في التنقل إلى مدرسة حاوي غرانيج في دير الزور الشرقي، لنورث برس: “أضطر للتنقل يومياً، حيث تبعد المدرسة عن منزلي أكثر من 25 كيلومتراً، تحتاج الرحلة اليومية إلى أكثر من ساعة ونصف ذهاباً وإياباً”.

ويستمر صالح في سرد تفاصيل معاناته، حيث يشير إلى أنه يعيش على هذا الحال منذ عامين تقريبًا، على الرغم من مطالباته المتكررة بنقله إلى منطقة قريبة، إلا أنه لم يتلقَ سوى وعود غير مُنفذة.

ويضيف: “لقد أصبحت أشعر بالإرهاق والتعب بعد رحلات التنقل الطويلة، وهذا أثر بشكل كبير على تركيزي وأدائي الدراسي”.

ويشير أيضًا إلى التحديات الإضافية التي يواجهها، مثل انقطاع الطرق وصعوبة الحصول على وسائل النقل، يقول: “في كثير من الأحيان، أجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى المدرسة، مما يضطرني إلى التغيب عن بعض الأيام”.

ويؤكد صالح أنه يشعر بالقلق والإحباط بسبب عدم قدرته على إعداد الدروس بالشكل المطلوب نتيجة التعب الذي يعاني منه جراء التنقل المستمر.

ويطالب صالح الجهات المعنية بتوفير حلول فعّالة، سواء بنقله إلى مقر إقامته أو بتوفير باصات تنقل مريحة تأخذه إلى مقر عمله.

نقص الكوادر التعليمية

يقول محمد الشرجي، مدير المجمع التربوي في مدينة هجين، لنورث برس، إن المعلمين والمعلمات الذين تم تعيينهم خارج مناطق سكنهم يواجهون تحديات يومية تؤثر بشكل ملحوظ على أدائهم التربوي والتعليمي.

ويضيف أنه يزداد عدد هؤلاء المعلمين سنوياً نتيجة نقص الكوادر التعليمية المؤهلة في بعض المناطق، مما يضطر الجهات المعنية إلى تعيين معلمين من خارج تلك المناطق.

ويبين أن هذه المعاناة المستمرة للمعلمين المنتدبين تنعكس سلباً على جودة العملية التعليمية ككل.

ويعاني المعلمون من تأخر دائم في الوصول إلى مدارسهم أو حتى من الغياب بسبب عدم توفر وسائل النقل أو لأسباب أمنية، هذا الأمر يؤثر بشكل مباشر على مستوى التفاعل والمشاركة المجتمعية، مما يؤدي إلى تدني جودة العملية التعليمية وتحصيل الطلاب، بحسب الشرجي.

ويشير الشرجي إلى أن أعداد الشهادات والمدرسين في هجين تعتبر كبيرة جداً، لكن المدارس في البلدة لا تستطيع استيعاب هذا العدد المتزايد، لذلك، يتم نقل بعض المعلمين إلى القرى المجاورة التي هي بحاجة ماسة أيضًا إلى كوادر تعليمية.

ويذكر أنه “من جانبنا، كمجمع تربوي، نسعى جاهدين لتلبية احتياجات المعلمين وتوفير بيئة عمل مناسبة لهم، ونحاول جعل كل معلم يعمل في المدرسة الأقرب إلى مقر إقامته، ولكن ذلك يتطلب توفر المؤهلات والصلاحيات اللازمة”.

تحرير: محمد القاضي