غرفة الأخبار – نورث برس
ظهرت في الآونة الأخيرة مخاوف من تصعيد عمليات الترحيل التي تستهدف اللاجئين السوريين في دول الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل صعود اليمين المتطرف بغالبية دول الاتحاد، والذي يستثمر في اللاجئين لتحقيق مكاسب سياسية.
وأثار هجوم طعن بالسكين في مدينة زولينغن، تبناه تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” صدمة في ألمانيا، أثارت موجة ردود فعل منددة وجدد الحادث الجدل بشأن سياسات الهجرة التي تتبناها ألمانيا.
وقُتل في الهجوم الذي نفّذه رجل سوري ينحدر من دير الزور في 23 آب/أغسطس الماضي، ثلاثة أشخاص وأصيب ثمانية آخرون خلال مهرجان وقد فاقم الحادث خلافات سياسية حول قواعد اللجوء والترحيل، إذ أن المشتبه به في الهجوم هو طالب لجوء لم تنجح الحكومة في ترحيله.
الورقة الأضعف
يقول المحامي بسام طبلية المقيم في المملكة المتحدة، إن “اللاجئين هم الورقة الأضعف في أي دولة وتستخدمها الأحزاب المعارضة، واليمين المتطرف من أجل كسب الأصوات المناهضة للاجئين”.
ويضيف طبلية، لنورث برس، أن ارتكاب بعض اللاجئين جرائم أو انتسابهم لتنظيم “داعش” المتطرف سينعكس على عموم الواصلين إلى أوروبا، واستثماره من قبل الأحزاب اليمينية.
ويحمّل الإعلام الألماني الحكومة مسؤولية الجرائم نتيجة السياسة التي تتبعها في اللجوء، ويرى أن برلين تترك لدى مواطنيها انطباعاً يوحي بأنها لا تسيطر على الوضع، وهذا يجعل الأمر سهلاً بالنسبة لأحزاب مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، كل ما عليه فعله هو التنديد بالوضع القائم فيكسب الناخبين.
ولا يستبعد طبلية أن يكون هناك تشدد وتسريع بترحيل اللاجئين الذين يرتكبون جرائم إرهابية أو خطيرة، ويرى أن الأوروبيين “محقون في ذلك”، مضيفاً بعض الدول اتخذت إجراءات “صارمة” في عمليات الترحيل وعدم منح اللجوء لهؤلاء الأشخاص بانتظار تحقيق البيئة الآمنة من أجل إعادتهم والوصول إلى اتفاق لاحق لإعادتهم، لذلك فإن الدول الأوروبية “لم تتخلى عن التزاماتها”.
ويوضح: “هذا الأمر شاهدناه في المملكة المتحدة حيث اتخذ القضاة إجراءات صارمة تجاه طالبي اللجوء الذي اقترفوا جرائم إرهابية أو خطيرة حساسة أو انتسبوا لجماعات متطرفة أو متهمة بانتهاك حقوق الإنسان، ولاحظنا عدم منح صفة لاجئ أو الإقامة الدائمة لهؤلاء الأشخاص”.
ويتوقع طبلية مزيداً من التشديد في منح اللجوء للوافدين إلى أوروبا بشكل عام وألمانيا على وجه التحديد، بالإضافة لسحب صفة لاجئ عن مقترفي الجرائم.
ويلفت المحامي إلى جهود تقودها بعض الأطراف مشيراً إلى طهران ورجح ضلوعها في دعم تشويه اللاجئين، متهماً إياها في ارتكاب مثل تلك الجرائم ونسبها لأطراف أخرى.
والثلاثاء الماضي، اجتمع ممثلو حكومة المستشار الألماني أولاف شولتس والمعارضة المحافظة السائدة والولايات الألمانية في برلين لمناقشة سياسة الهجرة والأمن بعد هجوم الطعن المتهم في تنفيذه لاجئ سوري بمدينة زولينغِن.
مكتسبات انتخابية
يقول المحامي جلال أمين الذي يقيم في ألمانيا، ويرى أن حزب ألمانيا البديل (AFD) فرض تأثيره الكبير على الساحة والشعب وتبعاته سوف تقتصر على زيادة المؤيدين لهذا الحزب، وهذا ما يسعى الحزب إلى استغلاله”.
ويضيف أن “طروحات هذا الحزب كما يقال كلمة حق يراد بها باطل فقد حدثت من قبل مثل هذه الهجمات من قبل، ولكنّها لم تكن معممّة مسألة انتماء الارهابيين إلى هذه الدولة أو تلك، مع أنّ السوريين بالذات نسبة كبيرة منهم، أطباء ومثقفون وأثبتوا تفوقهم ونجاحهم في مجالات مختلفة، بالإضافة إلى أخذهم للجنسية الألمانية”.
واستبعد أمين ترحيل طالبي اللجوء من السوريين، “من المفروض ترحيل من ارتكبوا الجرائم، ولكن المسألة هي صعوبة الترحيل”.
ويوضح أن “الأفغان – مثلاً- تم ترحيل من ارتكبوا جرائم عن طريق دولة قطر إلى مطار كابول، بينما لا يوجد تعامل بين ألمانيا ودمشق، مشدداً “لذلك لن يتم ترحيل السوريين إلى سوريا، لكن يمكن أن يتم التضييق عليهم في مسألة تمديد الإقامات”.
وأكد أن نسبة كبيرة من السوريين لن يتم ترحيلهم عدا عمن حصلوا على الجنسية والذي وصلوا في عام 2015، “لكن المجرمين ومن ارتكبوا المخالفات الجنائية، فمن المفروض أن يتم ترحيلهم ولكن آلية الترحيل ليست بالأمر السهل”.
ويستبعد المحامي تأثير اليمين المتطرّف “فأمر التجديد ليس بيده، فالقانون عادة يصدر من البرلمان وهذا الحزب لن يكون في الحكومة، سوى في المقاطعات التي فاز فيها ومن الممكن أن يشدد من الإجراءات الإدارية، ولكن مسألة أن يتم تغيير القانون من قبل هذا الحزب فلا يمكنه ذلك فالقانون مرتبط بالدستور الألماني”.
ويقول أمين أن “الحكومة الألمانية أيضاً تحاول كسب الحاضنة الشعبية، ومنعه من الانجذاب والتحول نحو حزب AFD، وقد تتخذ إجراءات ضد اللاجئين بشكل مبسط، لأن الحكومة مقتنعة أن اللاجئين جميعهم متشابهين”.
وتوقّع المحامي إقامة مراكز لجوء على الحدود “من أجل إعادة اللاجئين من الحدود، خاصة فيما يتعلق باتفاقية دبلن، والبصمة، فلا يمكن مثلاً الآن السماح بدخول كل اللاجئين إلى ألمانيا من الحدود البلغارية والنمساوية، فيتم التحقيق أين تمت البصمة حتى تتم إعادتهم مباشرة”.
ويلفت إلى إنشاء مراكز “يدخلها اللاجئ ولا يخرج منها حتى يتم إصدار قرار بشأن لجوئه، وينتظرون في الكامب حتى يتم رفض طلباتهم فإذا لم يتمكن من الوصول إلى محامي والطعن في القرار، فسوف يتم ترحيله”.
ويذكر: “لذلك سوف يشددون هذه الإجراءات، وسيزيدون مراكز الترحيل ويغيرون من الآلية المتبعة في ترحيل طالبي اللجوء الذي تُرفض طلباتهم، رغم ذلك السوريون لا يزالون غير مشمولين بذلك بسبب صعوبة التواصل بين برلين ودمشق”.