خبراء روس يجيبون.. ما هي العقبات التي تعترض مسار المصالحة بين دمشق وأنقرة؟

نورث برس – موسكو

ليس غريبًا أن روسيا تعتبر واحدة من أكثر الأطراف اهتماماً بملف المصالحة السورية التركية الذي بدأ الحديث عنه يتواتر في الأشهر القليلة الماضية بعد إشارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى رغبته باستئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة مع دمشق منذ أكثر من عقد.

ومن بين أسباب كثيرة للاهتمام الروسي بالمصالحة بين دمشق وأنقرة يمكن الإشارة إلى الحرب المتواصلة بين روسيا وأوكرانيا، والتي تعتبرها موسكو مصيرية ويجب التركيز على تحقيق أهدافها، لا سيما مع دخول قوي أكثر من أي وقت مضى لعامل السلاح الغربي وزيادة تأثيره على التطورات الميدانية، كما حصل في مقاطعة كورسك مؤخراً.

هذه التطورات تدفع روسيا إلى التركيز أكثر على هذا الملف ومحاولة تسوية الملفات الأخرى التي تعتبر واحدة من الأطراف المشاركة فيها بشكل مباشر، وعلى رأسها الملف السوري.

عامل عدم الثقة

يقول الخبير الروسي في الشؤون الشرق أوسطية، أندريه أونتيكوف، إن مسار التسوية ما زال في بداياته، وإن أي تأخر في التوصل إلى تفاهمات بين الجانبين مرده في الدرجة الأولى إلى حالة عدم الثقة التي ما زالت تحكم العلاقات بين البلدين رغم حاجة كل منهما إلى إعادتها إلى الأوضاع التي كانت قائمة قبل العام 2011.

ويتابع في تصريح لورث برس، بأن منطقة الشرق الأوسط تمر بتغيرات حساسة ودقيقة تفرض على الطرفين البدء بعملية سياسية وأمنية تقليل التوترات في المنطقة.

ويشير في هذا السياق إلى إعادة العلاقات بين السعودية وإيران بوساطة الصين لا يمكن أن تأتي مفاعيلها الكاملة على الأوضاع في المنطقة دون تسوية العلاقات بين دمشق وأنقرة، وهو ما ترى فيه روسيا خطوة تصب في صالح نظرية تعدد الأقطاب التي تقوم على التفاهم والتوازن في العلاقات بين مراكز القوى الإقليمية.

 يرى أونتيكوف أن تفاقم المشاعر المعادية للاجئين السوريين في تركيا والذي يزيد عددهم عن أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري تشكل ورقة ضغط على أردوغان تدفعه للمسارعة في تسوية الخلافات مع دمشق، وإلا فإن هذه الورقة سيتم استخدامها من قبل خصومه الداخليين وتضعف من شعبيته وحزبه في أي انتخابات مقبلة.

ويضيف أن روسيا لن تفوت فرصة البدء بتقريب وجهات النظر بين سوريا وتركيا، وستستفيد من علاقاتها الوثيقة بين الطرفين من أجل استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما.

سيناريوهات متعددة

في المقابل يرى محلل الشؤون الدولية سيرغي بيرسانوف، أن عملية التطبيع بين الطرفين ستأخذ سيناريوهات مختلفة، من بينها عودة التوتر بين الجانبين إلى المربع الأول.

ويقول بيرسانوف لنورث برس، سيبقى ملف شمال شرق البلاد هو الأكثر تعقيداً وإشكالية، لأن المقاربة التركية في التعامل معه تتجاوز السيادة السورية وخصوصية المكون الكردي فيه، وأن أنقرة تدرك أن المقاربة السورية له، هو أنه شأن داخلي لن تقبل بتدخل خارجي فيه.

ويؤكد بأن التوصل إلى تفاهمات على قاعدة صلبة ودائمة بين الحكومة السورية و”قوات سوريا الديمقراطية” سيكون أفصل خيار لسحب ذريعة التهديدات الأمنية التي تتحجج بها تركيا.

 مركزية المصالحة الداخلية

بموازاة ذلك، يعتبر بيرسانوف أن المصالحة الداخلية التي تراعي مصالح كافة المكونات في سوريا ستكون الخيار النهائي والحاسم والأضمن للأزمة، وهو خيار لا غنى عنه، ويمثل بحد ذاته أحد أركان رؤية موسكو لحل الأزمة السورية.

ويبين أن الحديث المتواتر عن ضغوطات داخلية تتعرض لها الإدارة الأميركية تطالب بالإنسحاب من كل من سوريا والعراق هو مؤشر بأن الحل يبدأ من الداخل وبين كافة الأطراف المؤمنة بالحل السياسي للأزمة، وليس من باب التفاوض على استحياء.

ويخلص إلى أن الرابح الأكبر من بين اللاعبين الخارجيين من تسوية الأوضاع في سوريا وتطبيع العلاقات بين اللاعبين الخارجيين هو روسيا، الذي أدى تدخلها العسكري في سوريا أواخر العام 2015 إلى تراجع رهان أنقرة على احتمال إسقاط الحكومة المركزية في سوريا بالقوة، وأنها ستذهب في نهاية المطاف إلى التفاهم معه.

تحرير: محمد القاضي